أسئلة الأطفال المحرجة

> «الأيام» متابعات:

> فجأة وبدون سابق إنذار، قد يأتي الطفل إلى أمه ليسألها: أين الله؟ ما هو الموت؟ من أين جئت؟.. وأسئلة كثيرة قد يصعب على الأم الإجابة عنها بشكل مناسب.

وقد تعتبر الأم أن مثل هذه الأسئلة غير هامة، وتتهرب من الإجابة عنها أو تجيب بكلام مبهم لا يمت للحقيقة بصلة. وهذا خطأ كبير؛ فالطفل من حقه أن يعرف ويسأل، وإذا لم يعرف الإجابة سوف يشعر بالحيرة والقلق والتوتر النفسي، بل والخوف أحيانا.

وتخطئ الأم إذا لجأت إلى الصمت تجاه أسئلة طفلها، لأن الطفل سيحاول معرفة الإجابة من زملائه، أو بأي أسلوب آخر، مما قد يضره نفسيَّا، ويضلله علميَّا. بالإضافة إلى أنه سوف يشعر بالذنب مما قد يؤدي لانطوائه عن الحياة الاجتماعية.

أسباب أسئلة الأطفال الحرجة ودوافعها:

تكثر أسئلة الطفل في السنوات الأولى من عمره ــ من سن عامين إلى خمسة أعوام بسبب مخاوفه، وعدم وجود خبرة سابقة مباشرة، ومن الأسباب العديدة لأسئلة الطفل:

(1) الخوف والقلق.. فالأطفال يسألون كثيرا عما يخافون منه؛ طلبا للشعور بالأمن والطمأنينة من خطر المجهول، فهم يخافون حتى ولو لم يهاجمهم في حياتهم حيوان ما كالكلب أو الذئب أو خلافه، وهم يخافون اللصوص والمجرمين والمتسولين.

(2) حب الاستطلاع... فهو يجهل ما حوله وما يحدث، ويريد أن يعرفه.

(3) الاستحواذ على الانتباه، والحصول علي الاهتمام.

(4) المقاومة والتمرد علي الكبار، أو السخط على سلطة الأب والأم أو غيرهما.

(5) ممارسة اللغة والمباهاة بها، لإدراكه أنه أصبح يتقن لغة الكلام والمخاطبة والتفاهم.

تصرفات الأم تجاه أسئلة أطفالها، وتأخذ صورا متعددة منها:

(1) التهرب من الإجابة بالصمت.

(2) تجاهل الأمر، وتغيير موضوع الحديث.

(3) الإجابة بردود غير مقنعة وغير صحيحة، أو بإجابات عشوائية.

(4) الإجابة الصحيحة وبشكل علمي.

وتصرف الأم الصحيح تجاه أسئلة طفلها أن تهتم بتساؤلاته، وأن تجيبه بإجابة مناسبة، وأن تكون الإجابات محددة، مبسطة، قصيرة، وبطريقة ذكية لا تتطلب التدقيق والتفاصيل، ولا تثير لدى الطفل أسئلة أخرى، وأن تكون مناسبة مع مداركه ومزاجه الشخصي.

وترجع أهمية إجابة الأم عن أسئلة طفلها إلى:

(1) زيادة الثقة بالنفس، وتحقق الهدف الذي سأل من أجله.

(2) مُساعدته علي النمو نفسيَّا بشكل سوي، وعلى التكيف الاجتماعي.

(3) تنمية مقدرته اللغوية.

(4) إكسابه الأخذ والعطاء.

(5) تعليمه الإصغاء والاستماع.

(6) استمتاعه بمشاركة والديه وجدانيَّا.

وعلى الأم والأب أن يعلما أنه من الأفضل أن يتعلم طفلهما من خلال أسئلته ما يتعلق بالتربية الجنسية السليمة، بدلا من تلقيه بعض المعلومات الخاطئة غير الصحيحة من أصدقاء السوء أو من مصادر أخرى مشبوهة.. وإذا وجه الطفل أسئلة لا تعرف الأم الإجابة عنها، فيُمكنها أن تقول له هذا سؤال جيد.. ولكن لا أستطيع الإجابة عنه، فسوف نسأل والدك أو نبحث عن الإجابة في أحد الكتب.

وعندما تشجع الأم طفلها علي توجيه الأسئلة، وتعطيه إجابات وافية، تجعله سعيدا سويَّا، ويشعر أنه ذو قيمة عند أبويه، وأن له شأنا، وأن لديهما ما يحتاج إليه وما يفيده.

ومن حق الطفل على المحيطين به الإجابة عن كل تساؤلاته، وذلك لأنه فطر على حب الاستطلاع لمعرفة ما يدور حوله.

وهذه المعرفة التي يحصل عليها تدفعه لمعرفة ذاته، ومعرفة الكون المحيط به، وإلى المعرفة الحقيقية بالإله الخالق، فمتى عرف الولد ربه، استطاع أن يعبده حق عبادته.

وقد أودع الله روح البحث والتساؤل في الإنسان منذ بداية حياته... غير أن معظم المربين (آباء وأمهات وغيرهم) يرتكبون أخطر الأخطاء حينما يقتلون هذه الروح، وذلك عندما يتجاهلون تساؤلات الأطفال واستفساراتهم، بل يضيقون ذرعا بها وبهم، فيهربون من الإجابة عن تساؤلاتهم، ويصدونهم بطريقة خاطئة.. وقد يكون من المفيد أيضا أن لا تنتظر الأم حتى يسألها ولدها، بل عليها أن تبدأه هي بالتعليم والإرشاد، وتوجيهه إلى ما يجهله، وما يجب عليه معرفته، مراعية في ذلك سنه وقدراته، وقد يصير هذا الأمر واجبا عليها إذا أحست أن ابنها لا يسأل، ولا يحب أن يعرف، فإن سلوكها هذا سيلفت نظره إلى ضرورة المعرفة واستكشاف العالم من حوله.

السرقة.. يحكي أن قاضيا في إحدى المحاكم الشرعية حاكم لصَّا، وبعد المداولة أعلن حكمه بقطع يده، فقال اللص: «قبل أن تقطعوا يدي اقطعوا لسان أمي». لماذا قال اللص ذلك؟.. لأنه عندما سرق بيضة من جيرانه، ذهب بها إلى أمه، فلم تغضب، ولم تعترض، ولم تنصحه بإعادتها إلي الجيران، بل فرحت به وبما فعله. وصدق اللص حين قال: «لولا لسان أمي الذي زغرد للجريمة لما كنت في المجتمع سارقًا».

فالأم مسئوليتها خطيرة، وعليها أن تنشِّئ طفلها على مراقبة الله والخشية منه، وأن تعوده الأمانة، وأن يحافظ علي حقوق الآخرين.. ويهمل كثير من الآباء والأمهات التمييز بين ما يملكه الطفل ومالا يملكه، فيتركونه بلا ملكية محددة، فلا يشعر الطفل أنه يملك شيئًا، حيث إن أبويه يشتريان له ولإخوته دون تمييز على أساس أن هذا يفيد في تعليم التعاون، لكن ذلك قد يؤدي إلى أن الطفل لا يفصل بين ممتلكاته وممتلكات غيره،ويستمر ذلك معه في كبره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى