> د. سعيد الجريري:
(مائة وثلاثون دار نشر وأكثر من مائة ألف عنوان ضمن المعرض الدولي الأول للكتاب في المكلا)، عنوان لما صرح به المدير العام للهيئة العامة للكتاب بالمحافظة في الصفحة الأخيرة من «الأيام»: الأربعاء 9 يوليو 2008.
جميل جدا. لكن هل هو جميل جدا فعلا؟. المعارض السنوية وغير السنوية ظاهرة حضارية ذات نواتج ثقافية على المديين المنظور وغير المنظور، لكن ما تفتقر إليه هو المنهجية والجدية، بعيدا عن نمط التظاهرات الدعائية التي عادة ما (تتزامن مع..)!. ومعرض الكتاب يبدأ بحسب التصريح يوم الأحد 13 يوليو (تزامنا مع بدء فعاليات مهرجان البلدة السياحي الخامس بالمكلا).
هل أحسنت الهيئة المنظمة اختيار التوقيت ضمانا لنجاح المعرض في المكلا، وتحقيقا لأهدافه؟.. وهل تزامنه مع مهرجان البلدة السياحي يعني أنه فعالية سياحية وليس إستراتيجية ثقافية بالدرجة الأساس؟ هل في الأمر منهجية ما أو جدية؟
في صنعاء- مثلا- ينظم المعرض السنوي مع بداية العام الدراسي. ومن التقاليد الجيدة تنظيم المدارس زيارات استطلاعية يتعرف فيها التلاميذ على المعرض ويعتادون الطواف بصالاته ويألفون الكتاب، ثم أن طلاب الجامعة يعودون من مناطقهم المختلفة فيكون المعرض موسما ثقافيا لاقتناء الجديد في المعرفة والثقافة، أو التعرف عليه إن لم تتح الضائقة المالية شراء ما تيسر من الكتب المعروضة، وكالطلاب أساتذتهم وأصحاب المكتبات والهيئات المعنية بالكتاب، والأفراد أيضا. وبذلك يحقق التوقيت المناسب بعدا ثقافيا من أبعاد التنظيم السنوي.
أما في المكلا فلعل الهيئة العامة للكتاب تظن أن لا مدارس ولا تلاميذ في حضرموت ولا جامعات ولا طلاب، ولذلك حرصت على تنظيم المعرض (متزامنا مع مهرجان البلدة!!)، تحقيقا لغاية دعائية في المقام الأول، وبرغم ذلك فهي تريد له أن ينجح أيضا!
لماذا لم يكن المعرض في أثناء العام الدراسي؟ ولماذا ينحصر دور مؤسسة أكاديمية كالجامعة مثلا في تأجير الصالة بمبلغ وقدره؟!.. أين دورها التنويري ودعمها لتأصيل العلاقة بين الكتاب والمتلقين ولاسيما الطلاب؟
لاشك أن في الأمر تفصيلا كما يقال، لكن جدية تنظيم العلاقة بين الكتاب والجمهور ليست في الصدارة ولا في أي مستوى متقدم، والأدلة كثيرة.. للمكتبة السلطانية التي أحيلت تابعيتها إلى الهيئة نزاع شهير مع المؤسسة الاقتصادية على أرض تملكها المكتبة بوثيقة رسمية، ذلك النزاع يقدم مثالا فظا على دعائية الاهتمام بالكتاب والثقافة من قبل الهيئة العامة ولاسيما في حضرموت.. سنوات وأمين المكتبة السلطانية يصرخ في واد وينفخ في رماد، والمؤسسة الاقتصادية التي تزعم وراثتها لممتلكات شركة التجارة الداخلية الوطنية (سابقا) سلطة لا تطاول. وبحوزة إدارة المكتبة ملف في محتوياته وثيقة رسمية- منذ أن تقدمت بطلب في أوائل عام 1958 - تثبت ملكيتها للأرض الواقعة بجانب القصر السلطاني مخصصة لبناء مكتبة عامة بالمدينة. ولكن كائنا من كان من المسؤولين الذين تعاقبوا على حضرموت لم يستطع أن يمكن المكتبة من أرضها لتقيم عليها مصلحة (ثقافية) عامة!.
يتساءل أحدهم: ماذا ستخسر المدينة لو لم توجد فيها المؤسسة الاقتصادية أصلا، وكم ستستفيد لو بنيت في قلب المدينة مكتبة ثقافية عامة؟! ويتساءل آخر: أليس هذا مظهرا من مظاهر اغتيال الفكر والثقافة والوعي؟
رجاء أيها القائمون على الهيئة كفانا كلاما دعائيا، لقد شبعنا (يتزامن مع) و(دولي) و(عمل رائد) و(بنية تحتية) وغير ذلك من (الكلام الكبير!!).
قال المدير العام للهيئة بالمحافظة في لقاء باتحاد الأدباء قبل أيام إنه قيل له إن لم ينجح المعرض فلن يعتمد سنويا، وسيكون المعرض الثاني بعد عشر سنوات!! أليس من علامات التنمية (المستدامة!!) أن حضرموت الثقافة والأدب والحضارة والتاريخ مرشح معرضها لاحتمالات عدم النجاح؟!.
(2)
وعلى ذكر النجاح.. ترى ماذا يراد لحضرموت بتسريب امتحانات بعض مواد التعليم الأساسي الموحد نموذجها مع بعض المحافظات؟ ماذا يراد بترويج الأسئلة وإجاباتها على نحو ليس فرديا أو عشوائيا؟ ألكي يقال إن حضرموت ليست استثناء نموذجيا فهي كتلك المحافظات التي ليس لها تاريخ تعليمي أو معرفي أو ثقافي مشرق؟ بل هل كان يخطر في بال أحد أن ورقة الامتحانات المحلولة سوف تباع بـ (2500 ريال) مساء لتصل إلى (500) ثم (50 ريالا) قبيل الصباح، كالطماط في الأسواق الشعبية؟! أليس هذا صنيعاً من صنائع إبليس الغريب؟! أو ليس هذا مؤشرا خطيرا من نتائجه التلاشي؟!
(3)
وعلى ذكر التلاشي، فقد حملت لنا الأنباء معلومات مزعجة مفادها أن حضرموت هي الأولى على مستوى الجمهورية من حيث كميات المخدرات المضبوطة!
الأولى على مستوى الجمهورية!.. كارثة. والتعليل أن لحضرموت حدودا برية وبحرية واسعة.. كأن هذه الحدود ليست من (زمن جدي)، لكن الحقيقة أن هناك ضعفا في أداء الأجهزة الأمنية وقلة في الإمكانيات المتاحة بحسب مدير إدارة المخدرات في المحافظة!!
فهل الضعف أمر طبيعي؟ وهل الإمكانيات غير مقدور عليها؟ أم أن المسكوت عنه هو الحقيقة؟!
أما القات فحدث عن طاقته التدميرية ولا حرج، فكل مصيبة وراءها القات، ثم يحدثونك عن التنمية حتى تدوخ لتفيق على أن حضرموت هي الأولى على مستوى الجمهورية، ولكن في ماذا؟ وماذا بعد؟ هل نتحدث عن العقار والاستثمار وأخواتهما، وتقنيات الفساد الأسلوبية ومناهجه التي تجازوت البنيوية وما بعد البنيوية؟
(4)
تلك مشكلات يتم تصديرها إلى حضرموت، لكي تحدث تدميرا نفسيا وانهزاما اجتماعيا يجتهدون في تضخيمه حد القول باستحالة تغييره. والحل؟!.. (قده فيش يا بنتي) كما يقول المثل الحضرمي .
إنهم يكذبون ونصدِّق ونصدِّق فيكذبون ويكذبون فنصدّق ونصدّق فيكذبون ويكذبون فنصدّق ويكذبون.. ونظل ندور كالثور حول الساقية وذاك - في ما يبدو - هو المراد.
وياحضرموت افرحي
كلين بالسر باح
واحيي الليالي الملاح !!!
جميل جدا. لكن هل هو جميل جدا فعلا؟. المعارض السنوية وغير السنوية ظاهرة حضارية ذات نواتج ثقافية على المديين المنظور وغير المنظور، لكن ما تفتقر إليه هو المنهجية والجدية، بعيدا عن نمط التظاهرات الدعائية التي عادة ما (تتزامن مع..)!. ومعرض الكتاب يبدأ بحسب التصريح يوم الأحد 13 يوليو (تزامنا مع بدء فعاليات مهرجان البلدة السياحي الخامس بالمكلا).
هل أحسنت الهيئة المنظمة اختيار التوقيت ضمانا لنجاح المعرض في المكلا، وتحقيقا لأهدافه؟.. وهل تزامنه مع مهرجان البلدة السياحي يعني أنه فعالية سياحية وليس إستراتيجية ثقافية بالدرجة الأساس؟ هل في الأمر منهجية ما أو جدية؟
في صنعاء- مثلا- ينظم المعرض السنوي مع بداية العام الدراسي. ومن التقاليد الجيدة تنظيم المدارس زيارات استطلاعية يتعرف فيها التلاميذ على المعرض ويعتادون الطواف بصالاته ويألفون الكتاب، ثم أن طلاب الجامعة يعودون من مناطقهم المختلفة فيكون المعرض موسما ثقافيا لاقتناء الجديد في المعرفة والثقافة، أو التعرف عليه إن لم تتح الضائقة المالية شراء ما تيسر من الكتب المعروضة، وكالطلاب أساتذتهم وأصحاب المكتبات والهيئات المعنية بالكتاب، والأفراد أيضا. وبذلك يحقق التوقيت المناسب بعدا ثقافيا من أبعاد التنظيم السنوي.
أما في المكلا فلعل الهيئة العامة للكتاب تظن أن لا مدارس ولا تلاميذ في حضرموت ولا جامعات ولا طلاب، ولذلك حرصت على تنظيم المعرض (متزامنا مع مهرجان البلدة!!)، تحقيقا لغاية دعائية في المقام الأول، وبرغم ذلك فهي تريد له أن ينجح أيضا!
لماذا لم يكن المعرض في أثناء العام الدراسي؟ ولماذا ينحصر دور مؤسسة أكاديمية كالجامعة مثلا في تأجير الصالة بمبلغ وقدره؟!.. أين دورها التنويري ودعمها لتأصيل العلاقة بين الكتاب والمتلقين ولاسيما الطلاب؟
لاشك أن في الأمر تفصيلا كما يقال، لكن جدية تنظيم العلاقة بين الكتاب والجمهور ليست في الصدارة ولا في أي مستوى متقدم، والأدلة كثيرة.. للمكتبة السلطانية التي أحيلت تابعيتها إلى الهيئة نزاع شهير مع المؤسسة الاقتصادية على أرض تملكها المكتبة بوثيقة رسمية، ذلك النزاع يقدم مثالا فظا على دعائية الاهتمام بالكتاب والثقافة من قبل الهيئة العامة ولاسيما في حضرموت.. سنوات وأمين المكتبة السلطانية يصرخ في واد وينفخ في رماد، والمؤسسة الاقتصادية التي تزعم وراثتها لممتلكات شركة التجارة الداخلية الوطنية (سابقا) سلطة لا تطاول. وبحوزة إدارة المكتبة ملف في محتوياته وثيقة رسمية- منذ أن تقدمت بطلب في أوائل عام 1958 - تثبت ملكيتها للأرض الواقعة بجانب القصر السلطاني مخصصة لبناء مكتبة عامة بالمدينة. ولكن كائنا من كان من المسؤولين الذين تعاقبوا على حضرموت لم يستطع أن يمكن المكتبة من أرضها لتقيم عليها مصلحة (ثقافية) عامة!.
يتساءل أحدهم: ماذا ستخسر المدينة لو لم توجد فيها المؤسسة الاقتصادية أصلا، وكم ستستفيد لو بنيت في قلب المدينة مكتبة ثقافية عامة؟! ويتساءل آخر: أليس هذا مظهرا من مظاهر اغتيال الفكر والثقافة والوعي؟
رجاء أيها القائمون على الهيئة كفانا كلاما دعائيا، لقد شبعنا (يتزامن مع) و(دولي) و(عمل رائد) و(بنية تحتية) وغير ذلك من (الكلام الكبير!!).
قال المدير العام للهيئة بالمحافظة في لقاء باتحاد الأدباء قبل أيام إنه قيل له إن لم ينجح المعرض فلن يعتمد سنويا، وسيكون المعرض الثاني بعد عشر سنوات!! أليس من علامات التنمية (المستدامة!!) أن حضرموت الثقافة والأدب والحضارة والتاريخ مرشح معرضها لاحتمالات عدم النجاح؟!.
(2)
وعلى ذكر النجاح.. ترى ماذا يراد لحضرموت بتسريب امتحانات بعض مواد التعليم الأساسي الموحد نموذجها مع بعض المحافظات؟ ماذا يراد بترويج الأسئلة وإجاباتها على نحو ليس فرديا أو عشوائيا؟ ألكي يقال إن حضرموت ليست استثناء نموذجيا فهي كتلك المحافظات التي ليس لها تاريخ تعليمي أو معرفي أو ثقافي مشرق؟ بل هل كان يخطر في بال أحد أن ورقة الامتحانات المحلولة سوف تباع بـ (2500 ريال) مساء لتصل إلى (500) ثم (50 ريالا) قبيل الصباح، كالطماط في الأسواق الشعبية؟! أليس هذا صنيعاً من صنائع إبليس الغريب؟! أو ليس هذا مؤشرا خطيرا من نتائجه التلاشي؟!
(3)
وعلى ذكر التلاشي، فقد حملت لنا الأنباء معلومات مزعجة مفادها أن حضرموت هي الأولى على مستوى الجمهورية من حيث كميات المخدرات المضبوطة!
الأولى على مستوى الجمهورية!.. كارثة. والتعليل أن لحضرموت حدودا برية وبحرية واسعة.. كأن هذه الحدود ليست من (زمن جدي)، لكن الحقيقة أن هناك ضعفا في أداء الأجهزة الأمنية وقلة في الإمكانيات المتاحة بحسب مدير إدارة المخدرات في المحافظة!!
فهل الضعف أمر طبيعي؟ وهل الإمكانيات غير مقدور عليها؟ أم أن المسكوت عنه هو الحقيقة؟!
أما القات فحدث عن طاقته التدميرية ولا حرج، فكل مصيبة وراءها القات، ثم يحدثونك عن التنمية حتى تدوخ لتفيق على أن حضرموت هي الأولى على مستوى الجمهورية، ولكن في ماذا؟ وماذا بعد؟ هل نتحدث عن العقار والاستثمار وأخواتهما، وتقنيات الفساد الأسلوبية ومناهجه التي تجازوت البنيوية وما بعد البنيوية؟
(4)
تلك مشكلات يتم تصديرها إلى حضرموت، لكي تحدث تدميرا نفسيا وانهزاما اجتماعيا يجتهدون في تضخيمه حد القول باستحالة تغييره. والحل؟!.. (قده فيش يا بنتي) كما يقول المثل الحضرمي .
إنهم يكذبون ونصدِّق ونصدِّق فيكذبون ويكذبون فنصدّق ونصدّق فيكذبون ويكذبون فنصدّق ويكذبون.. ونظل ندور كالثور حول الساقية وذاك - في ما يبدو - هو المراد.
وياحضرموت افرحي
كلين بالسر باح
واحيي الليالي الملاح !!!