الامم المتحدة تبدأ اجلاء موظفيها من دارفور وتظاهرات احتجاج على المحكمة الجنائية الدولية

> الخرطوم «الأيام» جيني ماثيو :

>
بدأت الامم المتحدة اجلاء موظفيها غير الاساسيين من دارفور أمس الثلاثاء وسط مخاوف من اندلاع اعمال انتقامية بعد تحرك المحكمة الجنائية الدولية باتجاه اتهام الرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب جرائم فظيعة.

وقال مسؤول في الامم المتحدة رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "ان عملية النقل بدأت"، في ظل تفاقم المخاوف من حدوث عمليات انتقام بعد طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أمس الأول اصدار مذكرة توقيف بحق البشير بعشر تهم منها الابادة، وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور.

وافاد شهود ان حافلتين تنقلان الموظفين غادرتا مقر القوة المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي الرئيسي في الفاشر، باتجاه مطار محلي، حيث تغادر الدفعة الاولى الى عنتيبي في اوغاندا.

واعلنت قوة حفظ السلام المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي (يوناميد) انها ستجلي الموظفين غير الاساسيين الى اثيوبيا واوغندا، بالرغم من تأكيد السودان انه سيحمي موظفي حفظ السلام والعمال الانسانيين.

وقالت الناطقة باسم القوة المشتركة في دارفور جوزيفين غيريرو "هذه ليست عملية اجلاء. لكننا نغير مقر الموظفين بصورة موقتة".

واوضحت ان "قوة يوناميد لا تنسحب. فالقوات ستبقى على الارض وستتواصل عمليات الاغاثة"، في اشارة الى القوات العسكرية في بعثة حفظ السلام التي لم ينتشر الا ثلثها.

وصرح مسؤولون في الفاشر، كبرى مدن شمال دارفور حيث تتخذ يوناميد مقرا لها، ان حوالى 200 موظف سينقلون جوا أمس الثلاثاء، فيما تبقى عمليات "النقل" اللاحقة رهن التقييمات الامنية.

ويستطيع الموظفون العودة بعد ايام او اسابيع اذا خفضت البعثة مستوى انذارها الامني.

وانتقد السودان عمليات الاجلاء معتبرا اياها غير ضرورية.

وقال وزير الخارجية السوداني عمر الصديق لوكالة فرانس برس "الامر مؤسف جدا، ان يباشروا في ذلك بالرغم من تطميناتنا المتكررة بانهم سيتلقون الحماية كي يتمكنوا من مواصلة عملهم اليومي".

واضاف "انه قرارهم ولا نتدخل فيه، لكنه بالطبع عكس ما نتمنى".

وقتل الاسبوع الماضي سبعة عناصر من القوة المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي واصيب 22 بجروح في كمين نصبته ميليشيات مدججة بالسلاح في شمال دارفور.

وهذا الاعتداء هو الاكثر دموية منذ ستة اشهر على تولي الامم المتحدة قيادة جهود حفظ السلام في المنطقة، بدلا عن قوة الاتحاد الافريقي السابقة التي كانت تفتقر الى التجهيز والعديد المناسبين.

واتهم مسؤولو الامم المتحدة الميليشيات العربية التي تدعمها حكومة الخرطوم بالمسؤولية عن الهجوم.

ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أمس الثلاثاء الحكومة السودانية الى التعاون الكامل مع الامم المتحدة وتأمين الحماية لنحو 16 الف عامل انساني دولي موجودين حاليا في السودان.

وقال بان كي مون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في ختام لقائهما في برلين "ادعو الحكومة السودانية الى التعاون الكامل مع الامم المتحدة".

واعربت الامم المتحدة عن قلقها من احتمال حصول تداعيات لطلب اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني على عملياتها لحفظ السلام.

من جهة اخرى، كانت التظاهرات التي اعلن عن تنظيمها أمس الثلاثاء في الخرطوم اقل حجما مما كان متوقعا اذ شارك فيها بضع مئات فقط.

وقامت مجموعة من المتظاهرين بقيادة حركة طلابية بمسيرة انطلقت من جامعة الخرطوم وانتهت بوقفة امام برنامج الامم المتحدة للتنمية وسفارة بريطانيا ردد خلالها المحتجون شعارات تقول "جيش محمد سوف يعود" و"بالروح بالدم (..) نفديك يا بشير"، حسب ما افاد مراسل فرانس برس.

كما تظاهر قرابة 400 شخص من القبائل المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني الحاكم امام القصر الجمهوري تاييدا للبشير وهتفوا ان "المجرم اوكامبو يلعب بالنار".

يذكر ان البشير هو اول رئيس دولة توجه اليه اتهامات من قبل المحكمة الجنائية الدولية وهو لايزال في السلطة.

واعتبر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو ان البشير "اعطى اوامر مباشرة" الى قواته بالقضاء على ثلاث مجموعات اتنية في الاقليم السوداني الغربي واتهمه بتنظيم عمليات القتل والتعذيب والاغتصاب التي وقعت في دارفور.

واضاف اوكامبو "هناك ثلاث وسائل لمهاجمة (هذه المجموعات الثلاث) في المخيمات وهي الاغتصاب والتجويع والترويع"، مضيفا ان "هذه هي الوسائل الاكثر فعالية للابادة الجماعية اليوم امام اعيننا".

وطلب المدعي اصدار مذكرة توقيف على اساس عشر تهم، ثلاثة منها بالابادة اضافة الى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية والتحريض على القتل، والتعذيب والاعتداء على مدنيين والنهب.

وسيدرس ثلاثة قضاة من المحكمة الجنائية الدولية الطلب لاتخاذ قرار حول مدى كفاية الادلة لاصدار مذكرة التوقيف، وهي عملية قد تستغرق شهرين او ثلاثة بحسب المدعي العام.

وكانت الحكومة السودانية الملزمة في الامم المتحدة بتنفيذ مذكرات كهذه، رفضت تسليم متهمين صدرت في حقهما مذكرتا توقيف بتهمة جرائم حرب في السودان، احدهما وزير لا يزال يمارس مهامه.

وبدا الرئيس السوداني عمر البشير في اول ظهور علني له مساء أمس الأول بعد اجراء المحكمة الجنائية الدولية، مرتاحا وواثقا من نفسه، وقد رقص في مناسبة وطنية احتفالية ورفع عصاه نحو السماء في تعبير عن الفرح وهتف امام انصاره "الله اكبر".

وشارك البشير في احتفال لمناسبة المصادقة على قانون انتخابي جديد يكرس المصالحة بين الشمال والجنوب، وسط هتافات من حوالى 500 من انصاره ومن ممثلين عن مؤسسات الدولة.

ويسعى السودان الى التواصل مع اعضاء دائمين في مجلس الامن الدولي، خصوصا الصين وروسيا، في موضوع مذكرة التوقيف.

ويملك مجلس الامن صلاحية التدخل لارجاء اي محاكمة لمدة عام. وتقول الخرطوم ان مذكرة التوقيف ستحول دون تقدم البشير في تطبيق اتفاقات السلام في الجنوب والجهود في دارفور.

ومنذ العام 2003 تتواجه القوات الحكومية المدعومة بميليشيات الجنجويد العربية مع حركات تمرد في دارفور. وادى النزاع الى سقوط اكثر من 300 الف قتيل على ما تفيد الامم المتحدة، فيما تؤكد الخرطوم ان عدد القتلى لا يتجاوز عشرة الاف.

وحذر الاتحاد الافريقي من ان ادانة البشير قد تولد فراغا يعزز "الانقلابات العسكرية والفوضى المستشرية".

ودعت الولايات المتحدة كافة الاطراف الى الهدوء، وعززت امن موظفيها في السودان، كما قال رئيسها جورج بوش انه يشعر "بقلق كبير" من تفاقم العنف في البلاد. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى