قصة قصيرة.. محاولة اغتصاب

> «الأيام» عبدالله قيسان :

> لأول مرة يطلبها في مثل هذا الوقت لعمل اضطراري، صحيح أن بعض الواجبات كانت تؤخرها لأهميتها، لكن يطلبها في السابعة والنصف مساءً.. هذا أمر يثير شكوكا وتساؤلات، وهل يعقل أن يكون هو مرابطا في العمل إلى هذا الوقت؟!

أخذت تدور برأسها بعض الأسئلة: أكيد في أمر خطير قد حصل حتى يطلبني الآن! فكل ما بيننا اتفاقات عمل!.

التقت نظراتها الحانقة بنظرات السائق عبر مرآة السيارة، وهي تجلس على المقعد الخلفي، فقرأت فيها استخفافا وهزءا، ثم عادت للتساؤلات المحيرة: لماذا أنا بالذات؟! وهل أنا سهلة كما يتصور؟!. رجعت إلى الخلف سنوات، وتذكرت التبرم الذي ساد السكان من خطورة وضع هذا المعسكر وسط الحي، وتبعات ذلك على الحياة التي ينعم بها الناس هناك، غير أن السلوك الذي يصنعه الأفندم استولى على مشاعر الناس البسطاء في بداية الأمر، فكان يوزع بعض المواد الغذائية من تموين، كالفول والدجاج المجمد على المحتاجين، محاولا بذلك كسب سكان الحي الذي كان يطمح إلى التغيير. فعادت تنتقد نفسها لتقاوم سوء ظنها بالرجل: حتى لانسبق الأحداث بهذه التوقعات السوداوية، ولكن من يردي عساه خيرا!.

كان صراعا قويا يدور بداخلها.. كانت تحاول الإجابة عن تلك الأسئلة المحيرة قبل وصولها.. وبينما تلك الأسئلة والتكهنات تدور ببالها، فاجأها السائق بالاتجاه مباشرة إلى السكن متجاوزا مكان العمل، فازداد توجسها، وأيدت كل التوقعات المشؤومة التي كانت تدور بخلدها.. بدأ وجهها بالأحمرار، وبقيت في السيارة المتوقفة أمام باب (الفيلا) محتارة بين أمرين أحلاهما علقم: رفض الصعود إلى (الفيلا)، وهذا يعني الحكم المسبق عليه، أو الصعود ومقابلته، وهذا قد يكلفها تضحيات كبيرة.. وبينما السائق يهم بفتح باب السيارة لها كانت قد قررت المواجهة.. كان السائق يسبقها تتعقبه بانفعال وقوة صاعدة سلم (الفيلا).. ازداد العناد بداخلها وبدأ التحدي أقوى للمواجهة.. فتح الباب.. ثم أغلق وراءها.. فإذا هي وجها لوجه معه.. كان بالزي التقليدي يجلس وحيدا.. ورزمات النقود مبعثرة من حوله.. أسفر وجهه عن ابتسامة باهتة يخفي وراءها لؤما وخيانة.

-أهلا وسهلا.

- خير.. وين العمل الاضطراري

- وهل هذا مكان العمل؟! (وكان يضحك).

فاستدارت غاضبة متجهة نحو الباب تريد الخروج والتخلص من هذا المأزق، ولكنه قفز وأمسك بها بكل ما أوتي من قوة ودفعها إلى داخل الديوان، محاولا منعها: من دخل برأيه.. خرج برأي غيره.

فتماسكا.. كان يحاول أن يلقيها أرضا.. وهي تقاوم بقوة الحق الإلهي والإنساني ضد الظلم والقهر.. كانت تعرف أن مصيرها يكمن في مواجهته والتخلص منه.. ولم يكن هناك صراخ، بل أنفاس قوية متسارعة وصراع وتمزيق ملابس.. ولم تجد شيئا بقيدها إلا منافل السجائر فأخذت واحدة.. ورمت..آخ خ خ خ! لم تتمكن من رأسه.. ولم يترك لها فرصة المهاجمة محاولا الإمساك بشيدرها ليمزقه وصولا إلى صدرها، فدفعته بقوة حتى وقع أرضا فأحس بالجفاف يحاصر حنجرته وهو يلهث، ولم يجد بدا من إشهار مسدسه لتخويفها.. وهو ينهض ببطء مصوبا المسدس.. كانت واقفة أمامه متحدية الرصاص.. فانقض عليها ثانية، ولكن الدفعة هذه المرة كانت أقوى.. ارتطم على إثرها بالجدار حتى وقع المسدس من يده.. فهربت هي باتجاه النافذة محاولة القفز فصاح بترج: لا لا لا!.

وكان يلهث من شدة الصراع.. ويزحف على الأرض.. حتى وصلت يده إلى زر مثبت على الجدار.. ضغط.. فتح الباب، ظهر الحارس: خذوا ملعونة الوالدين.. وصلوها!!.

ارتفع ضغطه.. وطلب الدواء ليهدأ.. بعد قليل رن الهاتف وكان السائق يعلمه رفضها صعود السيارة وانطلاقها في الشارع غاضبة.. وخروجها عن السيطرة، فصاح به: يا حمار.. لاتتركها تسير في الشارع مقطعة هكذا!!.

حاول السائق أن يتبعها إلى وسط الشارع محاولا توصيلها.. وهي رافضة، ما أثار المارة من سكان الحي.. فتدخلوا ضد السائق وزاد غيرتهم رؤية الفتاة ممزقة، والخدوش والدماء بادية على وجهها، فاشتبكوا مع السائق فطلب النجدة بالجوال ازداد تجمع الناس، وأخذت الحلقة تتوسع حول الفتاة المنكوبة شيئا فشيئا، حتى امتلأ الشارع بالناس الغاضبين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى