القمندان والشاعر باهدى

> «الأيام» فؤاد باخرابة:

> الأمير أحمد فضل القمندان لديه العديد من الروايات والحكايات التي قد تكون سببا في إلهامه لبعض القصائد الغنائية وغير الغنائية.

ومن إحدى الروايات، أن القمندان ذهب بعد صلاة العصر لزيارة الولي الصالح سفيان بن عبدالله في قرية سفيان في لحج، وفي طريقة مر بامرأة تلتقط حبات عقدها، أو ما يسمى في لحج وبعض المناطق الأخرى (المرية)، المكونة من حبات الذهب، وأثناء مروره شاهد المرأة وهي تلتقط من على الأرض حبات المرية، التي انقطع خيطها من على رقبتها، وهي تجمع حبات المرية في مَصَر (منديل) أخضر، فاستوقفه ذلك المشهد، ثم تابع السير لزيارة الولي، بعد ذلك عاد إلى منتداه في حوطة لحج الذي كان يرتاده الكثير من الأدباء والفنانين، من ضمنهم الشاعر الشيخ أحمد باهدى.

وبعد أن دخل القمندان وسلم على رواد المنتدى، أنشد قائلا: «باتخبرك يا باهدى عن ذي بصرته عصرية». وفي رواية أخرى يقال «باتنشدك يا باهدى..»، ولم يكمل القمندان العجُز من هذا البيت (أي الشطر الآخر) تاركا للشيخ أحمد باهدى فرصة لإتمام هذا البيت، لعلمه بعبقرية هذا الشاعر، فتأمل الشيخ باهدى وكأنه يستعين بشياطين وادي عبقر، فنطق قائلا:«بإيده مَصَر أخضر يفاكن به حبوب المرية»، فذهل القمندان من سرعة البديهة للشاعر باهدى، وظل شارد الذهن وهو لايكاد يصدق أن يأتي الرد بهذه الصورة الجميلة التي توحي بأنه حضر الواقعة، وما أن أفاق القمندان من ذهوله حتى شد على يد الشيخ باهدى بإعجاب، قائلا له كأنك كنت ترافقني في الزيارة، ويقال إن القمندان كافأ الشيخ باهدى ووهب له أرضا زراعية، وظل هذا البيت من الشعر يتردد بين الأجيال من حين إلى آخر في لحج حتى يومنا هذا.

ولأهمية هذه الحكاية وهذا البيت الشعري، تحمس الشاعر الحاج سالم صالح باجارة بإضافة تسعة أبيات بنفس الوزن والقافية متنشدا بمساجلة شعرية بلسانهما، حيث صورهما قائلا:

القمندان: باتخبرك يا باهدى عن ذي بصرته عصرية

باهدى: بإيده مَصَر أخضر يفاكن به حبوب المرية

القمندان: هل كنت من خلفي تتابعني بصورة مخفية؟!

باهدى: حاشا ولكن ذي خواطر بيننا متلاقية

القمندان: قالوا نعم ياب اهدى هذه فعالة مزرية

باهدى: لوشيء دراية عندهم ما تحدثوا بالكلية

القمندان: الرأي رأيك والمشورة مننا مستوفية

باهدى: هذا تواضع منكم وأخلاق من فوق المية

القمندان: مطلوب تتمشى معي ليلة كذا في سرية

باهدى: بين القماري بانشوف قمري يداعب قمرية

القمندان: نعمل لهم حفلة تذكرهم زمان الربية

باهدى: وشرح بدوى بايقع أيضا ورقصة هندية

القمندان: الكل بايحضر ومعهم بس مشكوك النية

باهدى: بانعرفه من دنعته لو كان ابن الجنية

القمندان: لو كان صاحب خير بانطلق لحبله الحرية

باهدى: تحت الرقابة بايظل مهما تكن مستعصية

القمندان: حفلة كماها ما وقع شيء مثلها في مودية

باهدى: ولا كماها قط بايعمد طرب في سورية

القمندان: وفي النهاية الكل روح بالهنا والسعدية

باهدى: لا البعض معهم سيف ولا الباقي معاهم جنبية

في الأخير وكما رأينا أن الحاج سالم باجارة قد وفق في محاولته الشعرية باستكمال أبيات هذه القصيدة التي لايزال بيتها الشعري يتردد صداه إلى يومنا، والحاج سالم باجاره من فحول الشعراء في لحج، ويتميز شعره بالفصاحة، لكونه تعلم علوم القرآن الكريم، وتفقه في علوم الدين وقرأ الأدب بكافة عصوره من الجاهلي إلى الحديث، وهو واحد من أئمة مساجد الحوطة في لحج، أطال الله في عمره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى