إعادة اكتشاف.. عصام خليدي!

> «الأيام» أحمد المهندس:

> عندما غنى في جلسة سمر وحوار ضمَّت صفوة من المثقفين والفنانين رائعة الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة (ظبي من شمسان) بصوته الهبة لم يتمالك الفنان الكبير- في حضوره وتفاعله- نفسه إعجابا بأدائه الجميل، فقام يهنئه ويقبله ويصرح كعادته في البوح بآرائه وتشجيعه لجيل شباب الفن للحاضرين بلا نشر ولا مذياع بأن الفنان المتألق عصام خليدي استطاع أن يقدم الأغنية بكل اقتدار رغم صعوبة كلماتها، وبأسلوب لا أقدر على تقديمه بعد هذا العمر في الفن والتجربة.

ولم يجد الحاضرون أصدق من التصفيق تعبيرا وتأييدا لمقولة الفنان الرائد الكبير حتى في إعجابه وتشجيعه ومشاعره.. تذكرت بأسلوب (الفلاش باك) السينمائي هذه الحادثة التاريخية التي رواها لي أحد كبار الفنانين الذين حضروا تلك الأمسية عام 97م.وأنا استمع عصر يوم ثلاثاء مفرح من أيام الله ومن خلال قناة (اليمانية الفضائية) الرائعة التي استطاعت أن تنال إعجاب وإشادة المشاهدين في الداخل والخارج.. وهي تعرض لهذا الفنان المثقف مجموعة من أغانيه القديمة التي مضى على تسجيلها وتصويرها أكثر من خمسة وعشرين عاما.. ولم يذعها التلفزيون على امتداد تلك الحقبة، حيث اعتقد المعجبون بغناء هذا الفنان المظلوم إن إعلام بلده التلفزيوني لايملك له رصيدا غنائيا في مكتبته لذلك لم يظهر على الساحة الفنية والجماهيرية حتى الآن رغم ما يتمتع به من جمالية الصوت والألحان والصورة، وشمل هذا الاعتقاد الفنان نفسه الذي يعرف بأنه سبق أن سجل للتلفزيون العديد من أعماله الغنائية مختلفة الألوان والألحان مع نشاط البدايات والشباب الأولى ولم تذع إلا في مرات نادرة، فلربما سجلت على أشرطتها أغان أخرى أو أخفيت لأسباب مجهولة من بعض الطيبين!!.. ولا أذكر أنني استمعت واستمتعت ببعض أعمال هذا المبدع اليمني المعبر بصوته عن فن الغناء الأصيل ، فهو الامتداد لجيل الكبار في عدن المدينة الثقافية والفنية الرائدة في خارطة اليمن الكبير.

وكنت أستغرب عدم انتشار إنتاجه الجديد لأخذ فرصته في سماء النجومية في الوقت الذي تفرد فيه مساحات شاسعة لأشباه الفنانين والمغنيين.. وأعترف بأنني قبل أن أعجب بصوته المقل إنتاجا وانتشارا رغم جمال صوته وألحانه وثقافته الموسيقية الراقية كنت ولازلت معجبا بكتابته في المجال الموسيقي اليمني وتاريخه ونقده ومعرفته بأبجديات الموسيقى والنقذ العلمي رغم أنه لم يدرس الموسيقى بل ثقف نفسه فيها وأجاد، وكذلك إخلاصه لعطاء وتاريخ جيل العمالقة الذي تشبع من أعمالهم.

وهو يذكرني بالفنان المثقف من جيل الرواد القمة المرشدي (محمد) الذي كما أقر الشاعر والأديب الدكتور عبدالعزيز المقالح بأنه لو لم يكن مطربا شهيرا ومؤثرا لأصبح بكتاباته الفنية والثقافية من أشهر الأدباء والمثقفين في اليمن.. ألم يكن أول فنان مثقف يصدر كتابا عن الفنون الشعبية اليمنية في خمسينات القرن الماضي.. وعصام خليدي ليس امتدادا باعتراف المرشدي لمسيرته الغنائية فقط بل امتدادا أيضا لمسيرته في الكتابة الفنية المتخصصة بثقافة فنية عميقة لتطور الفن والموسيقى في يمن الوحدة.

استمعت إلى أغانيه في أكثر من لون ولحن، وكانت صورته أكثر شبابية ونضارة وألحانه وصوته لم يستطع أن يؤثر فيهم الزمن والجحود وأعداء النجاح الذين قرروا بعد أن تبين لهم كما يبدو أنه يسير في الطريق الصحيح نحو الفن والإبداع وبشهادة الرواد..فقرروا أن يوقفوا مسيرته الفنية بوضع العراقيل أمامه وتناسوا بأنه لايمكن إخماد بركان المواهب مهما حاول بعض ضعاف النفوس والحساد، فالموهبة الجادة كالذهب يبقى ذهبا وإن علاه الغبار والزمن.

لقد استمعت وغيري من متابعي مسيرة هذا الفنان على امتداد ساعة بالزيادة أو النقصان لأغانيه التي أذاعتها فضائية يمانية - أخيرا - وأطربنا، وفي آخر السهرة سألت نفسي سؤال لربما ردده غيري عصر ذلك اليوم المشرق بإبداعه.. أين كانت أعمال هذا الفنان مخفية؟.. ولماذا تمّ منع إذاعتها وحرمان المشاهدين والمستمعين من صوت بإمكانياته وحضوره؟!.

أتمنى أن يكون الإفراج عن إبداعات الفنان عصام خليدي الغنائية بداية الطريق لإنصافه وإعادة اكتشافه، وإن كان لم يغب بأعماله وطموحه وإيمانه بالله وموهبته عن الاستمرار في رحلة الإبداع والعطاء الصادق وبجهوده الذاتية وتشجيع ومتابعة المؤمنين بموهبته رغم حجار العرقلة.. وأن نرى في القريب- إن شاء الله- أشرطة غنائية متداولة لأعماله وتصوير جديد لأحدث أغانيه وألحانه بأسلوب الفيديو كليب.. ففنان بقامته أعطته جامعة عدن الفرصة كفنان ملتزم بالثقة لاكتشاف المواهب الفنية فيها.. يستحق أن ينال حقه من التقدير والوفاء والانتشار والنجومية.. وسلامتكم.

مذهب:

وربي ما تجاهلتك

ولا بنساك ياعمري

وشل الشك من ذهنك

وخلي من دري يدري

(أبو مهدي).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى