في ورشة العمل الخاصة باستراتيجية التواصل والتخطيط وإدارة حملات التوعية الإعلامية بقضايا «أطفال الشوارع»: أطفال الشوارع هم ضحايا السياسات الاقتصادية التي ينجم عنها مزيد من الفقر والبطالة والحرمان لغالبية أفراد المجتمع

> «الأيام» عبدالقادر باراس:

>
تعاني الكثير من الدول ومنها بلادنا تفاقم انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، هذه الفئة من الأطفال أصبحوا ضحايا لظروف مجتمعهم الصعبة بسبب الفقر، أو نتيجة التمرد وضغوط البيت أو التفكك الأسري أو إساءة في المعاملة البدنية، أو تسخيرهم للعمل، أو تسربهم من المدارس، وهي مشكلة إنسانية تستوجب إيجاد الحلول الكفيلة لتجنب هذه الظاهرة .

وخلصت أول دراسة ترصد ظاهرة أطفال الشوارع وواقعهم، قُدِّمت في ورشة العمل الخاصة باستراتيجية التواصل والتخطيط وإدارة حملات التوعية الإعلامية بقضايا أطفال الشوارع، التي عقدت بالمعهد الإعلامي فرع عدن خلال الفترة من 19 - 24 يوليو 2008م ، إلى أن الظاهرة أصبحت إشكالية لها العديد من المظاهر السلبية بل أن وجودها بحد ذاته أضحى ملمحا سلبيا في المجتمع، وأن أطفال الشوارع هم ضحايا السياسات الاقتصادية التي ينجم عنها مزيد من الفقر والبطالة والحرمان لغالبية أفراد المجتمع، إضافة إلى دور العوامل الاسرية والثقافية والاجتماعية في إبراز هذه الظاهرة.

لبلورة تلك الأفكار سعت مراكز ومنظمات المجتمع المدني إلى دراسة هذه الظاهرة وتقديم العون والخدمات الاستشارية بالتعاون مع الجهات الرسمية، ولأجل هذا نظم معهد التدريب والتأهيل الإعلامي MCTQI هذه الورشة بالتعاون مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في الجمهورية اليمنية وبالتعاون مع المجلس العربي للطفولة والتنمية بالقاهرة، بمشاركة 24 إعلاميا وصحفيا وخطباء مساجد.

وفي بداية أعمال الورشة أكد الأخ نشوان محمد السميري، الخبير في الإعلام والاتصال ومدرب، أن هذه الدورة تعد الثانية، بعد أن كانت الأولى في الحديدة، تتوجه للإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني ومكاتب الأوقاف حول استراتيجية التواصل والحملات الإعلامية والتخطيط لها وإدارتها.

وأضاف أن الورشة «تتركز حول موضوع الحد من ظاهرة أطفال الشوارع ومكافحتها أساسا باعتبار ما يجب تقديمه من حماية ودعم ورعاية وإعادة إدماج لهؤلاء الأطفال في أسرهم ومدارسهم ومواقعهم الطبيعية في المجتمع».

وأشار إلى أن «تفاقم هذه الظاهرة والسكوت عنها سيؤدي إلى شرخ يصعب جبره في المجتمع وسيهدد الأجيال القادمة على مستوى سلامتها الاجتماعية والنفسية، كما أن لهؤلاء الأطفال حقوقا يجب أن يلتزم بها المجتمع والدولة وكل إنسان قادر على العطاء لتأمين الحماية والرعاية لهذه الفئة المظلومة».

تناولت الورشة على مدى أسبوع عددا من المواضيع، منها التعرف على ظاهرة أطفال الشوارع بمفاهيمها ومحدداتها، وهدفت إلى تمكين المشاركين من التعرف على المفاهيم الأساسية وكيفية التخطيط وإدارة الحملات الإعلامية من حيث تعريفها وكيفية تصميمها، والتعرف على مهارات الاتصال، ومستوياته ونماذجه وتوظيفه وأهدافه، والخطوات العملية لتصميم وإنتاج وتقييم المواد الإعلامية (صحافة - إذاعة - تلفزيون)وبرشورات وملصقات وفلاشات .

وتم تقديم عدد من المداخلات من قبل المشاركين تطرقت جميعها إلى هذه الظاهرة والصعوبات .

خلال الورشة استعرضت الأخت أفراح الذهب رئيسة قسم الدراسات والبحوث في المجلس الأعلى للطفولة والأمومة مشروع دراسة «أطفال الشوارع» الذي أعده وحرره د. فؤاد الصلاحي بمشاركة أ.د. نورية حمد، ود.عفاف الحيمي، ركزت الدراسة على 8 محافظات: أمانة العاصمة، عدن، تعز، حضرموت، الحديدة، إب، ذمار وحجة.

وتكمن أهمية الدراسة في أنها أول دراسة ترصد ظاهرة أطفال الشوارع وواقعهم من خلال مفهومها وخصائصها وطبيعتها، وشملت أسبابها وحجمها وخصائصها التعليمية والعمرية والاجتماعية والاقتصادية وجغرافيتها، ونمط العلاقات والتفاعلات بين أطفال الشوارع، وتعامل المجتمع معهم، والوعي الذاتي والمعنوي لهؤلاء الأطفال، والمخاطر التي يتعرض لها الطفل مثل العنف الموجه له، ومسؤولية الدولة والمجتمع تجاهه.

جرى في ختام الورشة توزيع شهادات المشاركة على الملتحقين بالدورة.

وعلى هامش الورشة التقت «الأيام» بعدد من الإخوة المشاركين الذين عبروا عن انطباعاتهم حول هذه الورشة .

تحدث الواعظ الخطيب عبدالحميد بن محمد الطيب مدير التوجيه والإرشاد بمكتب أوقاف تعز عن هذه الدورة قائلا: «كأي مشارك همّه إنقاذ طفل الشارع الذي تزلزل أمنه إمّا بموت أمه أو طلاقها، وزواج الأب بامرأة أخرى ميتة الضمير عديمة الرحمة، أو قد يكون طفل الشارع يترك المنزل لنزاع مستمر بين الوالدين . نلاحظ ازدياد عدد أطفال الشوارع عاما بعد عام حتى وصل العدد إلى ثلاثين ألف طفل كما فهمنا من خلال المحاضرات . فالمطلوب من كل الجهات الرسمية والأهلية التعاون وإيجاد الحلول المناسبة حتى تعالج المشكلة إنطلاقا من قول الله عز وجل (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، أثناء مشاركتي اقترحت أن تقسم كل مدينة رسمية إلى مربعات لمعرفة من أين يأتي أطفال الشوارع وذلك بعد حصر سكان الحارات حتى يتم محاسبة أولياء أمور أطفال الشارع ومتابعة أصحاب الأخلاق الذميمة والسبل المنحرفة الذين يتحرشون بالضحايا من الأطفال.

أما من حيث المحاضرات فالفائدة التي تلقيناها من قبل المدرب نشوان السميري أنستنا أي سلبيات إن وجدت، والله أسأل أن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأشكركم».

كما تحدثت الأخت لبنى الخطيب رئيسة قسم الدراسات والبحوث الإعلامية في معهد التدريب والتأهيل الإعلامي بعدن فقالت:«اكتسبت الورشة أهمية خاصة كونها استهدفت فئة مؤثرة في المجتمع من صحفيين وصحفيات ورجال دين من أئمة مساجد مهمتهم توصيل رسائل إعلامية موجهة للجمهور .

هدفت الدورة إلى تعريف المشاركين بالمفاهيم الأساسية للتواصل والتخطيط وإدارة الحملات التوعوية الإعلامية حول (ظاهرة أطفال الشوارع) وبلورة هذه الاستراتيجية للقضاء عليها إذ انتشرت في واقعنا اليمني، وترجع أسبابها لعدة عوامل منها اقتصادية، اجتماعية، كالتفكك الأسري والاستغلال الجسدي».

وتحدث ياسر الوهاشي من قسم إدارة التخطيط بإذاعة عدن البرنامج الثاني، فقال:«ما يميز هذه الورشة أنها تناولت موضوعا مهمامضمونه يهدد قيمنا الاجتماعية وأجيال المستقبل، تمثل ظاهرة أطفال الشوارع التي بدأت تتفشى في مجتمعنا اليمني ولما تحتاجه هذه الظاهرة من الوقوف عليها للحد من انتشارها حيث كان هناك مشاركة فعالة.. وأصبحت قضايا الطفولة محل اهتمـام لدى الجميع باعتبارها ظاهرة عالمية».

وقال الأخ طلال الشرجبي ناشط حقوقي في مجال الطفولة وحقوق الإنسان بمنتدى الطفولة الآمنة بتعز:«إن هذه الظاهرة تعد عالمية، لها صلة بتطور المجتمع البشري وتناقضاته، والحديث عن هذه الظاهرة في اليمن لا يمكن تناوله بمعزل عن التغيرات الكونية في ظل التحولات العالمية، وحينما يسود الفقر وعدم المساواة وتردي الأوضاع المعيشية في أي مجتمع تتزايد احتمالات انحراف الأطفال ومخاطر استغلالهم وانتهاك طفولتهم ليكون الشارع هو الملاذ لهذه الشريحة المنتهكة التي لـم تلق اهتماما كبيرا من الدولة ومؤسساتها.

والورشة التدريبية لإدارة الحملات التوعية الإعلامية بظاهرة أطفال الشوارع إجمالا ممتازة، وتصب جهودها في هذا الإطار للحد من انتشار هذه الظاهرة المقلقة والخطيرة .

ويحدوني الأمل في أن أرى المخرجات الإيجابية واقعا ملموسا لمعالجة آثار هذه الظاهرة بعيدا عن التنظيرات الباردة حتى لا تتفاقم وتصل إلـى مرحلة الانفجـارات (العنف الاجتماعي)» .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى