«الأيام الرياضي» تدشن فتح الملفات الرياضية الاحتراف (2).. الاحتراف في ملاعبنا حقيقة من نسج الخيال

> «الأيام الرياضي» خالد هيثم:

>
بايو مثال يحتذى به في عملية استقدام اللاعب الاجنبي
بايو مثال يحتذى به في عملية استقدام اللاعب الاجنبي
اختلفت أمور الرياضة عن سابق عهدها وسنواتها التي مضت وأصبحت المادة (المال) كلمة السر في مشاويرها ومضامينها وحلقة الجمع بين كل الأطراف، وهو ما لم يعد يخفى في تفاصيله عن أحد في ظل الشغف والمتابعة الكبيرة للرياضة من قبل الجميع.

تلك الاختلافات جاءت من خلال توسيع رقعة الاحتراف وصياغة بنودها التي لم تتوقف عند حد معين وسارت على نسق متزايد دخل في بعض الأوقات في نسج الخيال من حيث المبالغ التي تدفع مقابل الحصول على خدمات بعض النجوم في عالم الرياضة وكرة القدم تحديداً.

قبل سنوات حين كانت كرة القدم العالمية والمحلية تعج بالنجوم وبالكم، لم نكن نسمع تلك الأرقام المهولة التي تدفع اليوم، وحتى لا نتوه ونتذكر بيليه وجيله العظيم دعونا نبتدئ من الوقت الذي بزغت فيه الموهبة التي لا تقارن (مارادونا) الذي لم يدفع فيه حين انتقل سوى سبعة ملايين دولار إن لم تخني الذاكرة.

ولأننا جزء من المنظومة ولو بأدنى مستوياتها، فإن ما أصاب الآخرين قد أصابنا مع الفارق الكبير في كل المفردات.

أصبح هناك احتراف وبمفهوم مختلف تماماً عن الآخرين يجد لنفسه خطوات في مسار رياضتنا اليمنية المغلوبة على حالها بألعابها المختلفة مما جعل إدارات الأندية التي أصبح الكثير منها يأتون من الباب الخلفي للرياضة يتبعون سياسات التزامن مع ذلك الوضع الجديد الذي اتسع الحديث عنه وتزايد يوماً عن يوم وأصبح الموضوع برمته كذبة إبريل التي صدقناها.

احتراف بالطريقة اليمنية التي لا تقبل أن يشابهها أحد، لأنها خصت نفسها من خلال أنها جزئية في وضع رياضي مختلف، لذلك ومن مضمون ما هو مقروء في بواطن الأمور كان ذلك الاحتراف الذي خصصناه بأنفسنا طامة لخبطت أوضاع رياضتنا التي هي في الأساس على مشارف الهاوية، وفاقدة للكثير من المقومات.

الاحتراف صار واقعا في رياضتنا وعلى طريقتنا ليبدأ الضجيج، ويبدأ الوضع على مسارات الرياضة في شكله الجديد وعلى طريقة (لا تشلوني ولا تطرحوني) لاعبون بأنصاف مواهب يتنقلون من نادٍ إلى آخر في مشاوير سياحية بين المحافظات، ومن لون إلى آخر وبمبالغ مقارنة بما يقدموه، إنما هي استهتار بمقدرات تلك الأندية.

ولعلنا ونحن نتابع سطور أوراق اعتماد الاحتراف في أنديتنا سنجد أن ذلك قد جاء مواكباً لكل المتغيرات، ولكن بأصداء بعيدة وغير حاملة للايجابية التي نريدها للوصول إلى المستوى المنشود وتسجيل أجواء جديدة تكون ذات جدوى ومفعول على الواقع الكروي في بلادنا..فالاحتراف الموجود عندنا لا يتعدى ورقة بياض توضع فيها عدة سطور وفي نهايتها ختم النادي، ومع ذلك ملأنا الدنيا وأقعدناها حديثاً عن الاحتراف الذي نجحنا أن نأتي به إلى رياضتنا، كما فعل الآخرون.

ولكن انظروا لما هو حاصل ولما ندعي أنه احتراف، حين تحركت الأمور في الاتحاد الآسيوي والآمر الناهي فيه القطري محمد بن همام، رئيسه ومدير شؤونه، وأصبح التفكير في خلق أجواء جديدة على كرة القدم في القارة الصفراء، ومن خلال البحث عن سبل جديدة محورها الأول والأوحد رفع مواصفات الاحتراف، وتثبيت قواعده في أواصر أكثر فاعلية تأتي ثمارها سريعاً من وجهة نظر أصحاب الشأن الآسيوي .. الاتجاهات الجديدة للاتحاد الآسيوي حينما توجهت إلى بلادنا وجدت واقع الاحتراف غير حقيقي وفاقد لأبسط المقومات التي يتطلبها، لنصبح جزءا من ذلك الموضوع.

لأن هناك معرفة تامة ببواطن الأمور، ولأن الحال لا يحتاج إلى عريف وشطارة، إن الحكاية جاءت في الوضع الطبيعي، ولم تكن مفاجأة على الشارع الكروي والمتابعين فالاحتراف ما هو إلا كذبة اختلقناها وصدقناها.

دعوني أسرد لكم بعض الأمور والويلات التي جرها ما نسميه بالاحتراف على واقع الأندية وحالها ومن خلال اطلاع قريب، حيث كان الوباء الذي أصاب اهتمام الأندية بفئاتها العمرية من قبل إداراتها والتي سارت على نهج آخر وأغفلت هذا الأمر برمته وسحبت البساط من هذه الفئة وأدخلتهم في حلقة التهميش المؤبد حتى غدا ظهور المواهب في الأندية الرياضية أمرا نادر الحصول وأصبح التعامل مع اللاعب الجاهز حسب وجهة نظر تلك الإدارات هو الحاصل، واللهث وراء استقدام لاعب من هنا وآخر من هناك هو السائد الطاغي مما يجعل فرص بروز اللاعبين الشبان على أرض واقع المباريات غائبة وبشكل قطعي، ومن أراد التأكد فليرى واقع الأندية الكبيرة التي تملك المال ليدرك ذلك، حيث سيجد أن قوام تلك الفرق في التشكيلة الأساسية يتجاوز نسبة 70% وأكثر في بعض الأوقات من خارج النادي.

فما دام الحال على هذا النمط فكيف يمكن أن تكون هناك فرصة لظهور شاب أو موهبة من قبل الفئات العمرية.

وليس بعيداً، فقط انظروا إلى الهلال بطل الدوري والكأس ستجدوا أن تشكيلته الأساسية لا تضم سوى لاعبين إثنين على الأكثر من أبناء النادي، والأمر لا يختلف في التلال حينما فاز بالدوري كان معظم لاعبيه من الوافدين وكذلك الشعلة والصقر وأندية أخرى.

خرافة الاحتراف التي صدقناها وأعطينا من خلالها صفة اللاعب المحترف للاعبين لا يمتلكون بعضهم أنصاف ما يملكه ابن النادي انعكست سلبا على الواقع الرياضي وصارت الأندية تدعم صفوفها بلاعبين من جنسيات أخرى عربية وإفريقية ليصبح الأمر والاحتراف على رقعة أوسع وتزداد مساعي الأندية دون رؤية حقيقية للاعب القادم.

حتى أصبحت العملية تصل إلى الحال المخزي عند بعض الأندية، فاللاعب القادم حاملاً لسيفه تكشف الأيام أنه من خشب بعد أن يرى الجميع أن القادمين إنما هم أقل من الطموح في معظم الأوقات، ولا يمكن أن يكونوا عاملاً مساعداً للتطور الذي نتمنى أن نصل إليه من خلال نظرية أن الاحتراف عامل مساعد في تطور كرة القدم، كما هو الأمر في كل بقاع العالم باختلاف ما وصلت إليه من مكان إلى آخر.

وفي ذلك أمثلة كثيرة أقربها الموسم الماضي، حيث نجد أن أندية التلال والشعلة ووحدة صنعاء، وأندية أخرى قد فتحت حقل تجارب في استقدام محترفيها فوقعت في الفخ مراراً لاعتمادها في مساعيها على المراسلات والسماسرة، وهو أمر محكوم عليه بالفشل مسبقاً، لأن استقدام اللاعب المحترف يجب أن يكون من خلال أصحاب القرار الفني في الفرق، لأنهم وحدهم يعرفون ما يحتاجه الفريق.

والحكم على مقومات اللاعب المحترف من خلال متابعة أدائه على أرض الواقع في مباريات رسمية في موطنه، وهو الأمر الذي تعاملت معه بعض الفرق كالصقر والتلال في فترات سابقة، فعانقوا من خلاله النجاح وتذكروا معي هؤلاء أمبويو وأندومبي وأمبو ويوردانوس وبايو وأنور سراج وحالات مشابهة، ولكنها بنسبة أقل لألوان أخرى وعلى فترات متباعدة، بل أن أمبويو وأندومبي أكدا نجاحهما وبألوان الشعلة والهلال في الموسم الأخير.

وبالعودة إلى انتقالات لاعبينا المحليين بين الأندية في إطار الاحتراف الخاص بنا، وحتى يصبح بمرور الوقت يسير بخطى تحقق الفائدة على وضع كرة القدم فإن المطلوب لغة خطابة أخرى يصيغ حروفها المختصون وتبدأ بوضع لوائح خاصة تفرض على اللاعب الاجتهاد ولعب الدور المطلوب منه بروح وانتماء وولاء بحجم ما دفع فيه من مال.

أما أن يأتي لفترة موسم بتعاقد خطي وأحياناً (استغناء مسبق) وهو على ما أعتقد أمر لا يحصل سوى عندنا، فذلك إنما هو (ضحك ولعب) لا يحقق الفائدة سوى بشكل محدود وأحيانا لا يحقق شيئا للاعب ولا للنادي، بل إنه قد يصيب اللاعب في مقوماته ويقلل من عطائه على اعتبار أنه سيخوض موسما بالجهد الذي يريده ودون إعطاء أهمية لقدرته على فرض نفسه ضمن الفريق أو الجلوس في دكة الاحتياط ما دام الأمر يحقق الغاية، وهي نيل الاستحقاق المالي الذي يحسن الحال، ولعل الأمثلة عديدة وكثيرة.

إذاً هو احتراف وهمي نعيشه بعيد كل البعد عن الاحتراف ولو في الصورة البسيطة، لأن الاحتراف الحقيقي يبعد عنا بمسافة ما بين السماء والأرض وضعفاً، ولا يمكن وبشكل مطلق أن نصل إليه يوماً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى