من يصنع الحياة؟

> «الأيام» علاء صالح سعد:

> في مثل هذا المنعطف يجفل الراهب فيدعي عجزا ويقول تريدون مني أن أكون فقيها وليس جدي مالكا ولا الشافعي، وتطلبون أن أتغنى بالشعر وما ولدني المتنبي ولا البحتري، وتتمنون أن ألوك الفلسفة وليس جاري سقراط.. فمن أين يتأتى لي الإبداع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الناس كابل مائة لاتكاد تجد فيها راحلة».

فنقول نعم نريدك.. نريدك، ونطلب ونتمنى ونظن ونجزم، ولاوجه لاستضعافك نفسك واستصغارك صحبك، وقد أعطاك الله ذكاء ونسبا، فلم لاتتعلم السهر وتطلب الفصاحة؟!

والأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل الدعاة كإبل مائة وإنما قال: «الناس كإبل مائة»، ونحن لسنا الناس، بل نحن الرواحل كلنا، فحفاظ كتاب الله هم صفوة الناس ونخبة المجتمع وزبدة البشر وخلاصة المسلمين، فكيف نساوي أنفسنا بالعامة واللاهين؟!.

إن نظرية صناع الحياة لاتريد كل الدعاة فلاسفة أو شعراء أو فقهاء، وإنما هي مائة صناعة ومهنة وفن وتخصص، ومانظن أحدا يقف بهذه الأبواب المائة يطرقها، ثم لايفتح له باب يلج منه إلى دار الاجتهاد وركن الإبداع.. ونحن في عرصة واسعة، وليس الخندق الضيق، ومعنا كل الخطب المتنوعة الفصيحة، ومعنا ثوابت الإمام وحماسات الظلال وواقعيات مشهور وواضحات يكن وتفريعات القرضاوي وعقلانيات المودودي وتسبيحات النورسي، والذين ظلموا الدعوة دهرا هم في بأس اليوم، فمن لم يستطع كل هذا ولم يتقن فنا يكون به من صناع الحياة فليتقن فنا دعويا، مؤكدا أن يكون من صناع الحياة بشموخه وضربه المثل العالي.

هكذا أيها الإخوة كلنا رواحل في ميدان حر ومداخلنا شتى، فقط يراد لنا أن نثق بأنفسنا ومن وثق بنفسه سار على الدرب ووصل إلى غايته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى