سبع دمعات في مرْبَع المساء

> «الأيام» رشاد محمد الشرماني - تعز

> تتجمع اللحظات القائمة في كف الزمان القاسية، تقبض على الروح وتشرذم الأنفاس وتقتحم غصة مزمنة بؤرة الحلق تكاد تمزقه، فنذرف سبع دمعات في مربع المساء بعد أن توقف القلب على ابتكار الدماء.

نذرف الدمعة الأولى على بساتين كانت تزهو بأشجارها وخضرتها حولتها الوحوش إلى أرض يباب تعصف فيها رياح الخماسين، فتندثر الورود والعصافير وتنغلق السماء.

ونذرف الدمعة الثانية على اندحار الجمال وتحول الكائنات إلى نسخ من غيلان الكوابيس القبيحة التي تنغص أحلامنا.

ونذرف الدمعة الثالثة على الفؤاد الذي تشكل معجونا بالعطاء، ولكن مخالب الغدر والطمع حطمته، وامتصت رحيقه بعد أن استغلت نبل المقاصد الخيرة.

ونذرف الدمعة الرابعة من انقضاض الأصدقاء وانغماسهم في لجة البحث عن ذواتهم التائهة وانجذابهم المهين نحو بريق الذهب، وسراب الخزائن الزاخرة بالمال.

ونذرف الدمعة الخامسة على أحبة رحلوا أو غيبتهم المسافات عن لحظة ألمنا المقيم، فلا نجد من نبثه مفردات أحاسيسنا الذابلة، في أشد أوقات حاجتنا إلى البوم والنشج.

ونذرف الدمعة السادسة على تسارع الأيام الجافة التي تجري في مدارات منافية للفرح وتقضم عمرنا الشارد في أزقة الحياة المعفرة بالـتراب وبقايا أشلاء من عبروها من كل الـجهات.

أما الدمعة السابعة فنذرفها على كل ما تقدم حين تسحقه أقدام أشخاص عابرين يفتحمون أرواحنا المثقلة بالهموم، ساخرين من تضحياتنا، معتبرينها مكاسب غنموها في معركة الكذب والـخداع، متـباهين أمام العالم بـنكران الـجميل!.

نذرف الدمعات السبع في مربع المساء، وتدور العيون في محاجرها تتفقد أرجاء المكان باحثة عن أيد رحيمة تمسح تلك القطرات الدافئة، فلا تجد سوى الصمت والظلام وأسراب أشباح العابرين تختفي شيئا فشيئا في أفق العتمة المبهم.

فنقف متحسرين نتساءل: هل تكفينا هذه السبع فقط لنغسل جراحنا التي نكأها أولئك العابرون المقنعون بالجمال والبراءة.. أم أننا بحاجة إلى أكثر من عدد أيام الخلق في الأساطير القديمة لابتكار أنهار من الدموع تجرف كل أحزاننا وأحزان العالم!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى