ضرورة الحوار من أجل الاستقرار

> علي الذرحاني:

> بالرجوع إلى تاريخنا القديم لأخذ العبرة والعظة سنجد أننا أمة قد عاشت تجربة شوروية متميزة استمدت هذا التميز من الثقة العالية بالنفس لملأ مملكة سبأ الذين اتصفوا بالقوة والبأس الشديد، وكان جوهر تلك التجربة الشوروية الفريدة هو الحوار والتفاهم الذي مثل حجر الزاوية، والمقدمة الأولى لسيادة الأمن وضمان الاستقرار داخل المجتمع.

فياحبذا لو تنادى الجميع لجعل هذا الحوار من الثوابت واعتباره من الخطوط الحمراء، وياحبذا لو تأملنا وتفكرنا واتعظنا ممن حولنا من الكائنات أو المخلوقات الأدنى مرتبة من الإنسان، ونظرنا إلى كيفية تعاملها مع بعضها البعض وفيما بينها، لوجدنا أن البعض منها يدافع عن نفسه أو يتحاور مع غيره بلغة (العض) والبعض الآخر بلغة (الرفس) وثالث بلغة (النطح) ورابع بلغة الافتراس أو الهجوم الإرهابي المباغت، وذلك هو قانون الغاب، أما الإنسان فقد أكرمه الخالق عز وجل بالعلم والبيان والفصاحة واللسان، فكان الحوار والتفاهم والجدال بالحكمة وبالموعظة الحسنة، من هنا جاء تفضيل الله للإنسان على كثير ممن خلق تفضيلا، فالحوار والتفاهم والجدال بالتي هي أحسن كانت هي وسائل هذا الإنسان المثلى والمعبرة عن حضارته ورقيه وآدميته أو إنسانيته, ومازالت حتى الوقت الراهن هي القيم العصرية المختارة المعبرة عن روح الحضارة الراقية، حتى الأديان السماوية, ومنها ديننا الحنيف الذي استُمد منه دستورنا وشريعتنا السمحة, هو دين حواري بمعنى الكلمة.

فقد عرفنا منه أن الملأ الأعلى في السماء يتحاورون، وعرفنا منه أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم قد تحاور مع الكفار والمشركين, وتحاور مع أصحاب الأهواء من المنافقين وأصحاب الملل والنِّحل من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من الملاحدة والوثنيين، حتى معشر الجن تحاور معهم صلى الله عليه وسلم، فينبغي أن نتمسك بهذا النهج الحضاري، وأن نجعله سبيلنا وديدننا وأسلوب حياتنا والطريق الموصل لحل مشاكلنا وخلافاتنا ومعالجة قضايانا وهمومنا وتطلعاتنا وكل مشاريع حياتنا بدلا من لغة القمع واستخدام القوة والبطش وانتهاج سياسة التهميش والتجاهل والتطنيش وعدم الاكتراث، وتقييد الحريات وهضم الحقوق وغياب المساواة الحقيقية.

ينبغي أن يشمل الحوار الذي نحلم به جميعا جميع ألوان الطيف السياسي والقوى الفاعلة والخيرة داخل المجتمع وممثلي المجتمع المدني والاتحادات والجمعيات والنقابات ونخبة الفكر والأدب والفن وكل الجهات المعنية بهذا الشأن كالسلطات الثلاث ومراكز الأبحاث والجامعات ووسائل الإعلام، لقد مل الناس الكثير من الشعارات الرنانة والفضفاضة، وسمع الناس الكثير من الكلمات البراقة والأقوال المعسولة.. ويتمنون أن يروا أعمالا ملموسة في حياتهم.

فهل يستجيب الجميع لنداء الحوار كمقدمة تمهيدية للاستقرار، خاصة إذا علمنا أن الدعوة للحوار قد جاءت على لسان رئيس البلاد نفسه، ونعتقد بأنه سيكون أول الراعين له .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى