مشاهد تراجيدية تنتجها أزمة ماء الشرب بطورالباحة

> «الأيام» علي الجبولي:

>
الطفل والحمار كلاهما لا يعرف من يرفق بالآخر
الطفل والحمار كلاهما لا يعرف من يرفق بالآخر
لم تعد لغة الحديث تفي بوصف مأساة أزمة ماء الشرب وما جرته من متاعب ومعاناة لـ 40 ألف إنسان، كانوا هم المستفيدين فقط من الماء الحكومي بينما 20 ألف نسمة كانوا خارج تغطيته.

طيلة العامين الماضيين واجهوا أزمة الماء بصبر فوق حدود الاحتمال، من انهار نزح، لكن الغالبية صمدت، قاومت المعاناة وأي معاناة أشد من وقع معاناة الظمأ، وماء لا يصل المنزل إلا ضيفا لمرتين في الشهر أو مرة في غالب الأحيان، بنوا بركا، عادوا إلى الآبار القديمة، اشتروا الماء من سيارات بيعه، لكنهم أرهقوا، عجزوا. لم تعد طور الباحة مثلما كانت ذات آبار زراعية والليمون والكراث عن يمين وشمال. آبار المزارعين سبقت في النضوب آبار الحكومة، وما ندر بقاؤه في مناطق مختلفة لم يعد يضخ سوى لترات في الدقيقة لا تكفي لسقيا زرع ولا إرواء ظمآن .

لم يقف الأمر عند هذه المعاناة لكنه وصل إلى كارثة حقيقية بدأت إرهاصاتها مطلع يونيو الماضي. «هبوط المنسوب تسبب في انقطاع الماء عن مناطق كثيرة ، وعجز عن تغذية بقية المناطق ، هبطت مبيعات الماء وإيراداته، ولم تعد تفي بقيمة المحروقات ورواتب الموظفين..» قال مدير المياه مخاطبا سلطة المديرية الفارة منها، وسلطة المحافظة.. لكن لا يحرق الظمأ إلا من يكابده .

قوافل للبحث عن مياه الشرب
قوافل للبحث عن مياه الشرب
واصلت الأزمة إحكام الخناق، ولما جاع العمال لثلاثة أشهر ولا مغيث وثبوا على مبنى الإدارة أغلقوه، أغلقوا خزان الضخ الرئيس، المضخات، المولدات، فتلاشى الماء من مضخات الماء وحتى من دبات وقلل العجائز.

العودة إلى الصيرورة الأولى

مشاهد تراجيدية مؤلمة بيد أنها لا تخلو من لقطات كوميدية ظريفة جدا .

تعالت التوجيهات في كل بيت: لا تلعب بالماء يا ولد. حافظ على الماء يا أخ..لكن بعد فوات الأوان. أين الماء الذي يحافظ عليه؟

اشتد الهلع، تنوعت المشاهد، اختلط الباحثون عن ماء الشرب، أفواج نساء وأطفال، قوافل حمير، أرتال سيارات، أطفال وطفلات في عمر الزهور لا يبحثون عن (لعبة عمانويل) كما قد يظن، لكن الكل يبحث عن ماء شربه ووضوئه إن أمكن ، يحمله على رأسه، فوق كتفه أو على حماره، والأيسر حالا على سيارته . للنساء نصيب أعظم من تعب البحث عن الماء، لكن أين الماء؟ آبار المزارعين لم تعد تستطيع مواجهة مشكلة بهذا الحجم ، معظم المناطق لا يوجد بها آبار مزارعين ، آبار البراحة القديمة جفت، آبار بيع الماء خنقها الازدحام فأغلقت. الأطرف من هذا حتى من ابتغى الأجر والثواب لم يجد الديزل!

سباق لطفلتين ليس على سبيل الرياضة وإنما لنزع دلو الماء من قاع البئر
سباق لطفلتين ليس على سبيل الرياضة وإنما لنزع دلو الماء من قاع البئر
بصيص أمل اختفى

النزوح، وقد بدأ «هيا نرحل . إلى متى نصبر لما نموت ظمأ ،عدن أو الحوطة والوهط وصبر أو حتى امرجاع المهم نلقى ماء شرب»..حديث كل طفل وامرأة في كل منزل وقرية وواد.

أين الحكومة؟ لا يبدو أن لديها تفكيرا بحل: من عطش يدور له ماء ، أم تريدون الحكومة تمطر ـ هي قالت هذا ذات يوم ـ الطريف أن تنسيق المعارضة أو ما يسمى حراك الاحتجاجات الشعبية الجنوبية لسعه الظمأ فخرج عن الصمت ناقش، ندد، دعا للاحتجاج والمطالبة لكن لا حياة لمن تخاطب .

وقوافل أخرى في انتظار الماء
وقوافل أخرى في انتظار الماء
كان ثمة بصيص أمل في ما سمي المشروع الإسعافي، حوله قيل الكثير، حفرت الآبار، بدأ العمل - لكن وآه من لكن - يبدو أن القسمة اختلت .. ففجرت الخلافات المدوية. لحقت الإسعافي لعنة الفساد، تعطل العمل في مرحلته الأولى ثم : نسوه ماشي دروا به (على رأي القمندان).

باستثناء الأمين العام الذي يرى أن المشكلة أضحت أكبر من قدرات معالجته أو حتى مناقشتها لا يوجد مسئول سلطة نسأله ما في جعبته أو نقول له :

ـ يا قوم الهرة إذا جاعت أكلت أبناءها، والناس إذا لم يجدوا شربة هنئية تطفئ الظمأ، ماذا سيشربون؟ ربما أشعلوا نارا لا يطفئها شلال ماء ـ كما توحي مذكراتهم العديدة. مدير العام المديرية لم يدخل مكتبه منذ أربعة أشهر ، حتى مدير المياه منذ السبت الماضي خرج ولم يعد والحال يردد : أين مدير الماء يا غارة الله .

جف الماء.. تلاشى الراتب.. صرخ الجياع قبل العطاشى فأسكتوا صوت المحركات وأغلقوا مبنى الإدارة فلاذ الكل بالصمت
جف الماء.. تلاشى الراتب.. صرخ الجياع قبل العطاشى فأسكتوا صوت المحركات وأغلقوا مبنى الإدارة فلاذ الكل بالصمت
من حناجر يمضها الظمأ

الشيخ عبده مقبل سعد:«نحن والموت دخلنا في سباق ، عدم وجود الماء يعني الموت ظمأ»

«من سينقذ الناس من الظمأ أم أن أبناء المنطقة ترف فائض عن حاجة السلطة؟» قال الشيخ عبده نعمان أحمد مدير أوقاف طور الباحة.

وقال الشيخ سعيد عبده أحمد:«أعتقد أن الدولة تعاقب المنطقة بذنب لا نعرفه ولا نعرف من ارتكبه!».

الشيخ عبد الكريم هزاع موظف تشغيل مضخات سألناه لم لا تشتغل المضخة قال:«لا معنا راتب، ولا ديزل، العمال مضربين منذ أسبوع والإيرادات توقفت، المشروع الإسعافي في الرجاع يمكن يحل الأزمة لو وجدت نوايا جادة».

طفلة تحمل ثقلا فوق ما تحتمل
طفلة تحمل ثقلا فوق ما تحتمل
أحمد محمد سعيد نائب مدير التربية:«ما تعانيه المنطقة اليوم من ظمأ نتاج الفساد ، كل ما قدمته الدولة صب في قربة مخزوقة، وبدون محاسبة لن تقف الأمور على قدميها قريبا مهما ضخت من أموال».

ويقول عضو المجلس المحلي سيف سعيد الحاج:«مؤسسة المياه بالمحافظة عطلت إنشاء المشروع الإسعافي لطور الباحة. بسبب عدم وجود الماء نزحت أسر كثيرة إلى خارج المنطقة ومن لا يستطيع سيموت ظمأ». وقال لبيب علي أحمد:«أصبحت طور الباحة للسكان بسبب أزمة المياه القاتلة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى