أطفال اليمن يعانون واقعا بائسا ويتسربون من التعليم

> «الأيام» الخضر عبدالله محمد:

>
طفل يقوم بعمل يضاهي عمل الكبار ويقوم بتلحيم خزان المياه للسيارات
طفل يقوم بعمل يضاهي عمل الكبار ويقوم بتلحيم خزان المياه للسيارات
أطفال اليمن كغيرهم يعانون واقعاً بائساً تشكله مصفوفة من المشاكل المفروضة عليهم، تبدأ بالتسرب من الصفوف الدراسية الأولى مرورا بالانخراط في سوق العمل، وصولا إلى التشرد الدائم والتعرض لجرائم الاغتصاب والتشغيل ضمن عصابات السرقة والتسول خارج البلاد.

وسنحاول أن نستعرض بعض مشاكل ومعاناة بعض أطفال اليمن التي يواجهونها في حياتهم اليومية.

> أولا التسرب من الدراسة الأساسية وخصوصاً التسرب من الصفوف الدراسية الأولى، حيث أصبح التسرب من الدراسة ظاهرة فرضت نفسها وأصبحت منتشرة في فئة كبيرة من الأطفال.. فالطفل زاهر الذي وجدته في أحد أسواق الخضار قال إنه تسرب من الدراسة قبل ثلاث سنوات وهو في المرحلة الأساسية.. زاهر في الثالثة عشرة من عمره كان مفترضاً به أن يكون هذه الأيام مستعدا لإلقاء كتبه جانباً والاستعداد لقضاء العطلة الصيفية في انتظار التحاقه بالمدرسة العام القادم مع زملائه، ولكن حكم عليه أن يقضي على حياته كلها، وأعلى مؤهل يحمله هي شهادة الانتقال إلى الصف الخامس الذي لم يستطع إكماله.. ليس زاهر فقط من تسرب بل آلاف من الأطفال يتسربون سنوياً من التعليم، وممكن بسهولة بالغة أن تشاهد في الشارع فئات الأطفال أثناء الدوام الدراسي، لايتوقف الأمر على التسرب من الدراسة فالأمر مفتوح لأكثر من مصير، بعض الأطفال يفضلون البقاء في بيوتهم لمساعدة أسرهم الفقيرة، إلا أن كثيرا من هؤلاء الأطفال يتجهون إلى الشوارع.

في الشارع تتنوع معاناة الأطفال

في الشارع يتنوع ويختلف وضع الأطفال وتتنوع المعاناة التي يواجهونها فيه، وهناك أطفال يتوقف بهم الأمر للعمل على الرغم من صغر سنهم وبأجور زهيدة جداً بالكاد تكفي لسد احتياجاتهم الأساسية من الطعام، حيث إن منهم من يعيل أسرة بكاملها فيتحمل عبء المسؤولية مبكراً، والأسوأ من ذلك تفرض عليهم ظروفهم التشرد في الشوارع واحتراف التسول والسطو ويقعون ضحية لعصابات مشبوهة توفر لهم البيئة الخصبة للانحراف والضياع، وفي أوقات كثيرة يكون سبب تشرد الأطفال وانحرافهم ناتجاً عن مشاكل أسرية تجعلهم يفرون من بيوتهم ليقعوا في براثن الانحراف فلا يجدون من ينقذهم منها.

طفل يقود دراجة ويبيع الروتي لأصحاب البقالات
طفل يقود دراجة ويبيع الروتي لأصحاب البقالات
أما الطفل إسماعيل فقد لجأ إلى العمل على الرغم من أن عمره لا يتعدى اثنتي عشرة سنة، وجد نفسه في ورشة ميكانيكا السيارات، وقد يصبح محترفا في هذا المجال في المستقبل، يقول إن والده عاجز عن العمل وأن له أخوة أصغر منه وأمه لا تملك أية حرفة لإعالتهم، وظروف أسرته صعبة جداً.

وتبدو قصة الطفل همام مشابهة إلى حد بعيد لقصة الطفلين زاهر وإسماعيل، فهو يقوم ببيع بعض الصحف للسائقين وأصحاب البقالات والورش ويبيع الصحف في الجولات في لهيب حرارة الشمس، أشار إلى أنه غير مقتنع بهذا الواقع لكنه قال بنبرة يغلب عليها الأسى: «لا أستطيع أن أفعل شيئا».. همام ذو الربيع الثالث عشر أضاف أنه كان يحلم بإكمال الدراسة وأن يصبح ذا مهنة رسمية (أستاذاً أو دكتوراً أو مهندساً...) ولكن الظروف الأسرية فرضت عليه أن يعمل مبكرا في هذه المهنة.

ضحايا الظروف والعصابات الإجرامية

هناك أطفال وقعوا ضحايا لعصابات إجرامية اختطفتهم حتى من أمام بيوتهم أو من مدارسهم للمتاجرة بهم في أعمال غير شرعية، وأحياناً في مدن محددة داخل الوطن، وأحياناً أخرى يعبر القدر بهم الحدود ليجدوا أنفسهم في دولة مجاورة لممارسة هذه الأعمال المشبوهة، ويتعرض أغلبهم للاغتصاب والعمل في التسول المنظم، ويجدون أنفسهم تحت وطأة الضرب والإهانات والتوبيخ والضياع والإذلال.. وهذا الواقع تتنوع أسبابه كما تنوعت أشكاله، الفقر والمشاكل الأسرية والثقافية والاجتماعية والمتغيرات وصعوبة الظروف المعيشية وتدهور مستوى التعليم والخلافات والنزاعات القبلية.

الجهات المسؤولة عاجزة عن الحفاظ على مستقبل أجيال اليمن

الحكومة عاجزة عن استيعاب الأطفال في إطار برنامج تنموي وتربوي وبرامج تنشيئية تكفل الحفاظ على مستقبل أجيال الوطن لتكون المسؤولة عن بنائه في المستقبل القريب.. لابد من توفير الدعم الكافي لبرنامج حماية الأطفال وتوفير التعليم المناسب وضمان عدم تسربهم من الدراسة والتعليم الأساسي بالذات من خلال آليات تبحث في مشاكل الأطفال وتعمل على حلها ومعالجتها، وتقدم الإرشادات والاستشارات النفسية والاجتماعية للجميع دون استثناء، أيضاً لابد من تنفيذ دراسات بحثية ميدانية حول عمالة الأطفال وتشردهم والانحراف والمتاجرة بهم، ولن يكون الأمر سهلاً دون بذل جهود مضاعفة تتآزر فيها الجهات الرسمية والمنظمات الناشطة لتقديم المعالجات كافة.

ثلاثة أطفال يبيعون الملابس للمارة وأًصحاب السيارات في أحد الشوارع
ثلاثة أطفال يبيعون الملابس للمارة وأًصحاب السيارات في أحد الشوارع
استفادة بلادنا من تجارب الآخرين لابد أن تحل قضايا الأطفال

لابد أن تستفيد بلادنا من تجارب الآخرين في التعامل مع القضايا المرتبطة بهذا الشأن، ففي أكثر من دولة تم إنشاء مجالس عليا للطفولة لتنسيق الجهود وتعزيز البرامج وتفعيل تحركات وأدوار المنظمات المحلية والدولية، بعد أن يتم وضع صياغة جملة من الضوابط التي تضمن فعلا أن تنصب جميع الجهود المشتركة لصالح حماية الطفولة وتأمين الوصول إلى مستقبل أفضل ومستقر لهم وانتشال من وقع منهم في مخالب الانحراف والضياع والتشرد.

أخيراً الطفولة أجمل وأروع اللحظات التي يعيشها الإنسان في حياته

مرحلة الطفولة تختزل أجمل وأروع اللحظات التي يعيشها الإنسان في حياته، وتظل عالقة في الوجدان، ولاتزال يكسوها رونق البراءة وتزينها إشراقة الطهر، الطفولة ربيع العمر الذي لا تعود إشراقاته الأولى إلا بالذكريات، لكن ماذا لو كانت الطفولة تعيسة يلفها ذل التشرد وتثقلها وطأة القهر؟

هل تحظى بشيء من براءة الطفولة أم أنها ليس لها من ذلك نصيب؟.. أليس من حق الأطفال جميعا دون استثناء التمتع بطفولتهم ولحظاتها البريئة والنقية، أم أن هذا الحق محصور في فئة محدودة من الأطفال؟ ونعيش ضمن طبقات مخملية توفر لديها إمكانيات مادية ومعنوية للتمتع بهذه الامتيازات والحقوق دون غيرها!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى