«الأيام».. وعي الكتابة ومحبة آخر العنقود

> هيثم الزامكي:

> الإهداء: إلى الذكرى الخمسين لتأسيس جريدة «الأيام» .. وإلى كل من عمل ومازال يعمل من أجل الحقيقةلا يختلف اثنان على أن صحيفة «الأيام» بما وصلت إليه من رتب المجد والتفوق والأصالة في وجدان وضمير قرائها هو حصيلة الجهد والالتزام من قبل القائمين عليها، والتأثير الذي أحدثته وتحدثه «الأيام» على مستوى وعي قرائها، وإن كان على الصعيد المحلي، فإنه بلا شك ظاهرة تستحق الوقوف على أسبابها من قبل كافة الباحثين والمهتمين بالمجال الإعلامي، وإذا ما أردنا الوقوف على أسباب تألق «الأيام» سنحتاج إلى أكثر من مقالة، ولكن بشيء من التركيز يمكن تعداد أبرز تلك الأسباب وهي:

1- المصداقية: وتعتبر من أهم الركائز التي تقوم عليها الرسالة الإعلامية لجريدة «الأيام»، وهذا ما يؤكده الجميع، وقد أصبح عرفا متأصلا في وجدان كل قرائها في الداخل والخارج، فـ«الأيام» بالنسبة لهم مصدر لتوثيق الحقيقة، وحجة على من يدعي الكذب، وكم من المواقف التي يصعب حصرها، وقد شاهدنا فيها أناساً يختلفون فيما بينهم حول خبر ما، وحين يحتدم النقاش بينهم يفصلون فيه بسؤال اعتاد الجميع أن يوجهوه لبعضهم ومفاده: هل ورد هذا الخبر في «الأيام»؟ فإذا جاءت به «الأيام» اعتمدوه، وإذا لم ينشر في «الأيام» يبقى محل شك حتى يفصل فيه سيف المصداقية المتمثل في جريدة «الأيام».

2- الشجاعة والمهنية في الطرح: ويستمد هذا السبب روحه من السبب الأول المتعلق بالمصداقية، ومن الصعب أن تجد وسيلة إعلامية تعمل في ظل التجاذبات والضغوط الكبيرة التي تشهدها الساحة المحلية، فتحافظ على توازن هذه المعادلة الصعبة بين الشجاعة والمهنية، وفي «الأيام» ترى مختلف القضايا يتم طرحها وتناولها بلغة إعلامية تحترم عقول الناس، لذا فأعداء الحقيقة يحارون في «الأيام»، فإذا استشاطتهم شجاعتها، ألجمتهم مهنيتها، وإذا أغرتهم مهنيتها فتمادوا عليها، أحرجتهم شجاعتها، فتوقفوا عن تماديهم.

3- التجدد والتنوع والاستمرارية، مع المحافظة على الأصالة: وهي مزايا لا تتوفر إلا بجهد احترافي للمهنة، كما أنها مزايا لا يتم جمعها بسهولة، و«الأيام» بحضورها المستمر تشكل مدرسة لكل من يريد أن يرتقي بعمله الإعلامي، فمن ينظر إلى مسيرة «الأيام» منذ تأسيسها، سيجد لها نكهة خاصة، وهوية مميزة عن غيرها، فلا تذكر جريدة «الأيام» إلا ويفوح من ذكرها بخور عدن، وتطل من روح الذكرى سواحل وبيوت عدن، فـ«الأيام» سمراء كسمرة أبناء عدن، وحالية المنطق، كشهد منطق أبناء عدن، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فذكر مدينة عدن لابد أن ترافقه جريدة «الأيام»، ومفهوم التجدد والتنوع لدى «الأيام» لا يتعارض مع الهوية والأصالة للبيئة التي تمثلها، فتجد على صدر صفحاتها كل صباح أخباراً ومواضيع جديدة، ولا تمضي فترة معينة دون أن تجد باباً جديداً أطل من على صفحاتها، من سياسة واقتصاد وثقافة ورياضة واجتماعيات وتسلية.. إلخ من أبواب المعرفة والتعليم، مما أهلها لتكون أفضل وسيلة إعلامية لكافة أطياف المجتمع، فبالإضافة إلى تعبيرها عن هموم الناس البسطاء فإن «الأيام» هي المنبر الأفضل الذي يصل السياسي من خلاله إلى أنصاره ومعارضيه، والتاجر إلى زبائنه ومستهلكيه، والأديب أو المثقف إلى متابعيه، والرياضي أو الفنان إلى معجبيه، ومنظم الأنشطة إلى نشطيه، ومن فنون تنوع «الأيام» وتجددها، يأتي تنوع متصفحيها، ومن يرصد مشاهد الولع بجريدة «الأيام»، لا يستطيع حصرها، فيختزلها في مشهد رجل مسن لا يستطيع القراءة فيستعين بأحد أبنائه أو حفدته ليغذي روحه كل صباح عندما يقرأ له جريدة «الأيام»، والتنوع لدى «الأيام» مجال جمع المتخاصمين من مختلف المجالات بمن فيهم المتخاصمون مع جريدة «الأيام» نفسها، فتجدهم جميعاً يبدأون صباحهم بتصفح ما تنشره «الأيام»، ومن ثم يتحولون إلى الصحف التي تعبر عنهم، سواء أكانوا سلطة أو معارضة، أحزاباً أو منظمات، جماعات أو أفراداً، كل ذلك يتم دون أدنى خدش للقالب العام للصحيفة الذي حافظت عليه منذ انطلاقها حتى اليوم، فقارئ «الأيام» لا يجد صعوبة في الوصول إلى نوعية المادة التي يرغب مطالعتها، نظراً لثبات قالبها العام.

أما الاستمرارية فلها فلسفة خاصة لدى «الأيام» وتنبع من عوامل ذاتية ولا تعتمد على عوامل من خارج بيئة الصحيفة، إلا العامل الأهم وهو قراؤها، كما أن الاستمرارية لديها ليست فقط الصدور كل صباح، بل التوسع إلى أكبر عدد من القراء كل صباح والمنافسة بذكاء وحرفية في ظل زخم إعلامي كبير على الساحة المحلية والإقليمية، وفي ظل العولمة والثورة الإعلامية الكبيرة على مستوى العالم التي أسقطت الكثير من قلاع الإعلام المحلية في دول كثيرة، ولم تتمكن أن تسقط أو حتى تهز حجراً واحداً من قلعة عدن الإعلامية، صحيفة «الأيام».

قد يقول قائل شهادتنا لـ«الأيام» مجروحة، كوننا ننتمي إلى كتابها، ونحن لا نستطيع أن نمنع هذا الخاطر من زيارة وجدان كل من قرأ هذه المقالة، لكننا نثق في ضمائر وعقول قرائنا الكرام، وقدرتهم على تمييز الحقيقة بأنفسهم، ونحن قبل أن نكتب قليلاً على صفحات «الأيام»، قرأنا كثيراً ونهلنا كثيراً، ولا نخجل من القول أنا تعلمنا كثيراً من هذه الصحيفة، حتى استطعنا نيل شرف الظهور على صفحاتها، فـ«الأيام» هي ضميرنا، فهل يتنازل أحدكم عن ضميره؟؟ و«الأيام» تستحق أن يتسابق الجميع للكتابة فيها، كما يتسابق القراء لتصفحها كل صباح.

ولا أجد في ختام هذه المقالة تعبيراً أبلغ من الحكاية التي قالها لي أحد أصدقائي المواطنين على قراءة «الأيام» كل صباح، وهو يصف فعل ابنته الصغرى وهي تعاتبه كي يرفع مصروفها المدرسي اليومي فقالت له: هل أنا آخر العنقود يا أبي أم صحيفة «الأيام» التي تشتريها كل صباح؟ فتحية لصحيفة «الأيام» التي زرعت في نفوسنا وعي الكتابة، كما زرعت محبتها في نفوس قرائها، ولو جاءت تلك المحبة على حساب فلذات أكبادهم، وخاصة آخر العنقود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى