رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> -1 العقيد صلاح عبدالقوي.. الميلاد والنشأة.. صلاح عبدالقوي ثابت من مواليد 1935 في سرو حمير المناضلة بيافع، رصد المحرمي، قرية القيمة في أسرة فلاحية حباها الله سمعة طيبة، إلا أن قدر أهل سرو حمير الأسفار وخوض الأخطار سعيا وراء الاستقرار، وعلى أساس ذلك غادر صلاح عبدالقوي أرض سرو حمير (يافع) مع خاله محمد ناصر سلمان و(24) شخصا من المنطقة متجهين إلى قطر.

قرار رباني يحول دون سفر صلاح

يتعرض الشاب صالح عبدربه، ابن عم صلاح عبدالقوي لوعكة صحية شديدة فيرقدونه في المستشفى الأهلي National Hospial (قسم شرطة كريتر - عدن حاليا).

أدرك صلاح عبدالقوي أن الواجب يقتضي الوقوف إلى جانب ابن عمه صالح، وأحد الأقارب أشعرهم أن باب التسجيل للتجنيد سيفتح في اليوم التالي في معسكر سيدا سير لاين (sedaseerline) بخورمكسر (مبنى الأشغال العامة والطرقات حاليا).

سبتمبر 1955 أول المشوار العسكري لصلاح عبدالقوي

جاء في المخطوط الذي أعده العقيد صلاح عبدالقوي ثابت أنه ضرب عصفورين بحجر من خلال إقامته في عدن، فقد ضمن مصدر رزق بانتسابه للقوات المسلحة، كما ضمن وقوفه إلى جانب ابن عمه المرقد في المستشفى، وبحسب إفادة العقيد صلاح أنه تم تجنيد كتيبة كاملة، وكان ذلك لأول مرة في تاريخ جيش محمية عدن (الليوي) (Levies-ApL (Aden protec torates الذي عرف لاحقا بـ(federal Regular Army-FRA) الجيش الاتحادي النظامي.

كان قوام الكتيبة مكونا من (400) شخص، وكان قائد الكتيبة المقدم ميهن (Lf.col.maihen) وكان أركانه (جونسن)، أما القادة العرب الذين تعينوا في الكتيبة فهم منصور أحمد العولقي، معاون القائد الإنجليزي، وكان الملازم أول محمد الهيثمي قائد السرية الأولى، وعبدالله ناصر صلاح عولقي قائد السرية الثانية، وباشريح قائد السرية الثالثة، وسعيد علي القشبري قائد السرية الرابعة، وكانت مدة التدريب ستة أشهر من سبتمبر 1955 حتى مارس 1956 ورابطت الكتيبة لمدة ستة أشهر أخرى في عدن.

إلى الوهط بحثا عن قياديين رابطيين

صدرت الأوامر من حاكم عدن (الوالي) بقيادة الجيش (العربي) بالتحرك إلى الوهط للبحث عن قيادات رابطية، ولم تسفر عملية البحث عن أية نتيجة، فعاد أفراد الكتيبة إلى عدن.

يمضي العقيد صلاح عبدالقوي في سرد سيرته الذاتية، فيقول: «وبعد شهر تركت الكتيبة إلى جعار والحصن وباتيس، وكنا حينئذ لانعرف الهدف من وراء ذلك، ولكن عرفنا لاحقا أن خلافا نشأ بين السلطان الثائر محمد بن عيدروس وحكومة بريطانيا حول السياسة المتبعة في الذهب الأبيض (القطن).

نزح محمد بن عيدروس العفيفي إلى أراضي المملكة المتوكلية اليمنية، وحل محله حيدرة منصور الكلدي نائبا للسلطنة، وكان ذلك في أواخر عام 1957».

صلاح يبدأ علاقته بشنظور صديقا ثم صهرا

في نطاق تغيير مواقع الوحدات العسكرية تحركت الكتيبة التي انتسب لها صلاح عبدالقوي إلى الضالع في نوفمبر 1957 ترصد أبناء الحواشب وردفان لأفراد الكتيبة وأطلقوا النار عليهم، وردوا على النار بالمثل، وعند وصولهم إلى وادي حردبة بالضالع أطلق عليهم النار فردوا عليه بالمثل، وكانت الإصابات ولله الحمد خفيفة، ولاتكاد تذكر، أما القتلى فكان واحدا فقط من ثوار الحواشب.

تحسنت العلاقة مع الثوار بدليل أن الجنود رفضوا خوض معارك مع ثوار الضالع الذين نصبوا كمينا لفرقة موسيقية إنجليزية، وفضل بعضهم الهرب مع أسلحتهم إلى قعطبة، وبقي من القوة (15) شخصا تم أعادتهم إلى عدن.

ثم انتقل أفراد القوات الجديدة إلى بيحان ورابطوا في منطقة مجاورة بجبل شعتر الذي رابطت فيه قوة عسكرية إمامية، وكان ذلك الموقع هدفا لغارات عسكرية جوية بريطانية.

بحسب إفادة العقيد صلاح بأن ناصر بريك عولقي كان قائد كتيبته من العرب، وعين محمد سعيد شنظور يافعي كأول عربي يعمل أركانا للكتيبة يقودها أحد العرب، وتم إرسال شنظور إلى بريطانيا ليتأهل في دورة القيادة والأركان، وخلال تلك الفترة ارتبط صلاح وشنظور بعلاقة صداقة حميمة. قال لي العقيد صلاح عبدالقوي وهو يسرح في الماضي الجميل: «أنا فخور برجال قل أن يجود الزمان بمثلهم، ومنهم محمد سعيد شنظور، الذي تشرفت به صديقا وزوجا لأختي، أما محمد قاسم عليو، فهو زميل السلاح وصديق العمر». ويختتم العقيد صلاح سجله الفخري قائلا: «كم أنا فخور بأن ثروتي من هذه الدنيا هم أولادي عبدالخالق (طبيب) وعبدالسلام (عقيد) ومحمود (مقدم) وفادية (طبيبة) وندى (طبيبة)، وابنتان أخريان حاصلتان على البكالوريوس».

صلاح عبدالقوي في حديث عن الثورة والدورة وجمعية الإصلاح

شملت مخطوطة العقيد صلاح عبدالقوي عدة إفادات لايتسع المجال لحصرها كاملة، ومنها عودته من مكيراس إلى معسكر ليك (LAKE LINI) معسكر عبدالقوي بالشيخ عثمان حاليا) عام 1958، وتشكلت الكتيبة الرابعة، وكان قائد الكتيبة عبدالله ناصر صلاح العولقي، وتحولت الكتيبة إلى منطقة اسمها باجدار في زنجبار، وبعد ستة أشهر إلى مكيراس.ارتقى صلاح عبدالقوي درجات السلم ضمن رتبة (عريف) حصل عليها عام 1962 إلى رتبة (مساعد) عام 1965، وفي العام 1966 ابتعث في دورة تدريبية إلى بريطانيا ومن زملائه في البعثة: عبدربه منصور هادي (نائب رئيس الجمهورية حاليا) ومحمد سعيد عزاني وأبوبكر حسين، حيث أمضوا الأربعة الأشهر الأولى في دورة لغة في مدينة كنزفيلد، وتفرقوا فيما بعد إلى مدن تخصص كل واحد منهم.

تعرف صلاح عبدالقوي مع زملائه على معمر القدافي (حاكم ليبيا الحالي) وزملاء عرب آخرين من الجزائر والأردن والعراق، كانت رتبة القذافي آنذاك ملازم أول، وكان من سلاح اللاسلكي ومتميز بدماثة خلقه أثناء الدورة، وكان متدينا ومثقفا، وعلى اطلاع جيد بأشياء أخرى، وكان العديد من الزملاء في الدورة يرجعون إليه إذا ما دعت الحاجة للاستفسار عن أمر غمض أو مسألة تصعب.

ويستطرد صلاح عبدالقوي بأن القذافي كان صاحب روح وطنية وقومية، وكنا نتكهن بأنه سيكون صاحب شأن في ليبيا.

كان صلاح عبدالقوي من الأعضاء الفاعلين في جمعية الإصلاح اليافعية، التي كان لها دور فاعل ومؤثر في الثورة، ومن خلال صفوفها نشط صلاح عبدالقوي.

صلاح عبدالقوي في مطبوعة محمد قاسم عليو

في مطبوعته القيمة والموسومة (من هنا نبدأ في السير صعودا لكشف أحداث تاريخية جرت في اليمن في الفترة من 1962 إلى نوفمبر 1967) التي أعدها اللواء محمد قاسم عليو أطال الله عمره ومتعه بالصحة، حيث ورد في (ص 15) أنه عندما توتر الوضع داخل الجيش ووصل إلى الأمن العام وفي 19 يونيو 1967 تسارعت الأحداث، وتم اجتماع طارئ في منزل الرائد محمد قاسم عليو في قاهرة الشيخ عثمان، حضره (23) من ممثلي الوحدات الموجودة في عدن نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: -1 المقدم أحمد محمد بلعيد -2 الرائد صالح محمد زنجبيلة -3 الرائد محمد أحمد السياري -4 الرائد عبدالله محمد السعدي -5 الرائد محمد قاسم عليو -6 النقيب أحمد صالح حسين -7 النقيب صلاح عبدالقوي -8 الرقيب عبدالله سعيد فرحان -9 الرقيب عبدالله علي سعيد عقربي. واتخذت في ذلك الاجتماع جملة قرارات لمواجهة الموقف الطارئ.

-2 الفقيد محمد حسين يافعي

الميلاد والنشأة

الفقيد محمد حسين (الكهالي) يافعي من مواليد 11 مارس 1912، في سرو حمير (يافع) الأبية قرية السلة وادي العرقة ذي ناخب، وشد الرحال من يافع إلى عدن بعد أن شب عن الطوق وعمل في القوات المسلحة واستقر في مدينة الشيخ عثمان وكون أسرة كبيرة، تعد واحدة من الأسر العريقة في الشيخ عثمان.

الفقيد محمد حسين يافعي في ذاكرة الرجل الكبير محمد سعيد شنظور

منح الراحل الكبير العقيد محمد سعيد (شنظور) يافعي شهادته للتاريخ في 14 سبتمبر 1989 عن معرفته بالفقيد الرائد محمد حسين ناصر الكهالي، وذلكم نص الشهادة: «عملنا جنبا إلى جنب أنا والفقيد الرائد محمد حسين الكهالي في السلك العسكري في جيش محمية عدن آنذاك.

بدأت معرفتي به عام 1945، عندما كان هو في سرية الرشاشات المتوسطة برتبة نائب (أي رقيب أول)، بقينا مع بعض حتى عام 1947 عندما انتقل من سرية الرشاشات المتوسطة إلى سرية المدفعية المساندة (هاون عيار 3 بوصات). اشتركنا في مهمة في منطقة الضالع أثناء الخلاف الذي حصل بين أمير الضالع والحكومة البريطانية، واستمرت علاقتنا، إلا أنني كنت أغيب في مراكز خارجية لفترة تزيد على ستة أشهر، بينما بقي هو في معسكر ليك (LAKE LlNE) (معسكر عبدالقوي حاليا). ترقى محمد حسين في أواخر الأربعينات إلى رتبة ملازم، وهو لايزال في الوحدة السابقة.

سرية محمد حسين يافعي من أفضل السرايا من حيث النظام والاحترام المتبادل

يضيف الراحل الكبير شنظور: «في عام 1954 حدثت مشاكل داخل الجيش، تمثلت في هروب الجنود بالسلاح، وأكثر حالات الهروب كانت في مناطق يافع وردفان والشعيب. خطرت فكرة للمستشارين البريطانيين داخل الجيش على أن يتم توزيع الجيش إلى وحدات بحسب الانتماء القبلي، أي أن كل قبيلة على حدة، وقد جمعتنا وأياه سرية واحدة، وكان برتبة ملازم أول (الضابط الأقدم) فيها والضباط الثلاثة الآخرون قادة فصائل، وهم: محمد سعيد أحمد شنظور ومحمد عبدالحبيب السلفي، ومحمد سالم عبدالكريم، وبفضل حكمته وقدراته وأخلاقه وشجاعته كانت السرية التي خدمنا فيها من أفضل السرايا في الجيش في الحفاظ على النظام والاحترام المتبادل فيما بينه وبين الجنود، وفيما بين الجنود أنفسهم».

الملازم أول محمد حسين يافعي يحاصر شرطة الشيخ عثمان

روى الراحل الكبير حادثة المشادة التي حدثت بين أفراد من قوة محمد حسين يافعي مع شرطة الشيخ عثمان.

فأصدر مفوض الشرطة البريطاني أمرا باحتجاز الجنود، إلا أن الملازم أول محمد حسين الكهالي اليافعي حشد جنده وحاصر مركز شرطة الشيخ عثمان، وأطلق سراح الجنود المحتجزين فارتفعت شعبية قائدهم محمد حسين يافعي.

شنطور والكهالي جاران منازل معسكر ليك

يفيد الراحل الكبير شنظور أنه تمركز مع محمد حسين الكهالي اليافعي في أوائل عام 1957 في منطقة بيحان، وهو الضابط الأقدم في السرية 6 مشاة، وبقيا معا لفترة من الزمن، وفي أواخر عام 1958 كان متمركزا في منطقة مكيراس، وفي نفس السرية 6 كضابط أقدم، وشاركه في التمركز في مكيراس لفترة بسيطة، وعندها رزق بابنه المبارك (جعبل).

يفيد شنظور أيضا: «وفي سبتمبر 1960 سكنا مع عائلاتنا وتجاورنا في السكن في معكسر ليك (عبدالقوي حاليا)، وتوثقت العلاقات الأسرية فيما بيننا بحكم الجيرة وتعارف العائلات.عين الفقيد قائداً لسرية الشرف والحراسة للجيش برتبة رائد واجتزنا سوية دورة للترقية إلى منصب قادة سرايا.

وبقي في هذا المنصب حتى عام 1964 عندما حدث تجاوز، عندما رقي البعض إلى رتبة (مقدم) بينما أبقوه في رتبه رائد دون أن يوضحوا الأسباب، وربما كان السبب وقوفه وتعاطفه مع جنوده وظروفهم المعيشية والدفاع عنهم.

قدم محمد حسين الكهالي اليافعي استقالته من الجيش في أواخر عام 1965، وعلى الرغم من أنه ترك معسكر ليك ونحن لانزال ساكنين فيه إلا أن الصداقة بيننا وبين الأسر استمرت ولاتزال إلى يومنا هذا».

العقيد محمد حسين يافعي في ذاكرة اللواء محمد قاسم عليو

حصر اللواء محمد قاسم عليو شهادته في إبراز مناقب الفقيد محمد حسين ناصر الكهالي اليافعي، الأخلاقية والوطنية والقومية، حيث شهد بأن مناقبه الحسنة جعلته موضع احترام الجنود والضباط وصف ضباط العرب، الذين أكبروا فيه شجاعته ومواقفه الباسلة، وكأنه جاء خلفا لضابط عربي آخر، وهو يحيى عبدالله المفلحي، الذي سرح من الخدمة العسكرية في خمسينات القرن الماضي جراء وقوفه ضد الضباط الإنجليز.

أورد اللواء عليو وقائع أخرى تبرز وطنية وقومية مواقف الضابط محمد حسين يافعي، ودافع عن حقوق الآخرين، واختتمها بحقوقه التي مورس ضدها التمييز والإجحاف فقدم استقالته.

صوت العمال تنشر خبر القرار القضائي العادل

نشرت صحيفة (صوت العمال) في عددها 939 المورخ 2 نوفمبر 1989 أن «محكمة محافظة عدن برئاسة الدكتور عبدالملك ثابت حكمت على المتهم (س.س.ع) لإدانته بتهمة القتل العمد مع توافر الظروف المشددة بإعدامه رميا بالرصاص حتى الموت، وفقا للمادة 129 فقرة (1) من قانون العقوبات اليمني الديمقراطي.

وكان المدان قد قام العام الماضي (31 مارس 1988) بطعن المجني عليه محمد حسين الكهالي طعنتين بالسكين، عندما كان يؤدي صلاة الفجر في مسجد حي السلام بخورمكسر، وأدت الطعنتان إلى وفاة المجني عليه».

قرار مشروع للأسرة

خلف الرائد محمد حسين الكهالي اليافعي سيرة عطرة و(17) ولدا، الذكور منهم عشرة هم: 1- جعبل 2- فضل 3- جمال 4- خالد

5- عبدالحكيم 6- صالح 7- أحمد 8-عبدالله 9- ناصر 10- عرفات.

أسرة الفقيد بصدد إعداد كتاب عن عميدها الراحل.

ومن استأنس في نفسه الرغبة والمعرفة بالفقيد وأراد أن يدلي بشهادته فبإمكانه- جزاه الله عنا خيرا- الاتصال على أحد هذين الرقمين: 233713 أو 777233713.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى