المحامي خالد الآنسي المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) لـ «الأيام»:أعتقد أن النظام يكشف عن عظمة المعتقلين وضعف وصغر السلطة سياسيا

> «الأيام» أنيس منصور:

>
المحامي خالد الآنسي أثناء حواره مع مندوب «الأيام»
المحامي خالد الآنسي أثناء حواره مع مندوب «الأيام»
أجرت «الأيام» حوارا مع الأخ المحامي خالد صالح الآنسي المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) الذي تحدث عن حاضر ومستقبل الحريات والحقوق في البلاد، والحراك السياسي السلمي، وثقافة العنف والاعتقالات، واستقلالية القضاء، وتوفير الحدود الدنيا من ضمانات الحياة السياسية واللعبة الديمقراطية وقضايا المعتقلين.. إليكم تفاصيله.

> بداية نريد أن تعطينا نبذة تعريفية عن نشاط وبرامج منظمة (هود)؟

- منظمة هود تعمل في مجال رصد انتهاكات الإنسان والتصدي لها في عموم ومختلف المناشط ويتركز نشاطها بدرجة رئيسية في قضايا الاعتقالات التعسفية والسجون غير القانونية، والتعذيب والحريات الصحفية، والعنف ضد المرأة، والدفع بالعمل على استقلالية القضاء، ونعمل في مناطق ميدانية في إطار المواجهة ورصد الخلل ومعالجته.

> ماذا عن عمل نشاط فروع المحافظات ومدى توسع نطاق المنظمة والرؤى المستقبلية؟

- بالأصح لدينا مجموعات عمل و(هود) لاتقوم على نظام المركز والفروع، وإنما تقوم على مجموعات عمل ميدانية، وهذه آلية وجدت من أجل القضايا، فمن كل قضية تم تشكيل مجموعة، وتختلف المجموعات من قضية إلى أخرى، بحسب تفاعل الناس في القضية، ولدينا ما يقارب أربع عشرة مجموعة بالمحافظات، جوهر هذه الفكرة هو نوع من الإعداد والتأهيل لقيادات حقوقية ناشطة تتحول مع الزمن إلى منظمات قائمة بذاتها ومستقلة لها كيانها، ولكن تأخذ من منظمة (هود) التدريب والخبرة والدعم اللوجستي، والحمدلله على مدى العامين الماضيين بدأت هذه المجموعات تشتغل، بعضها نشيطة بالمحافظات، وبصماتها واضحة، وبعضها لم تحقق الأهداف المرجوة.. وللتوضيح فإن قضايا حقوق الإنسان قضايا تطوعية أساسا، والمسألة متوقفة على تفاعل هؤلاء الأشخاص، ونأمل أن يكون عام 2009 عام ولادة عدد من المنظمات الميدانية التي تقوم على أفكار وأهداف منظمة (هود) نفسها، وتعمل هذه المنظمات في المراكز والمدن الرئيسية، ولتقوم أيضا بالدور نفسه في إطار المديريات والقرى تحت إطار أكبر تتبناه (هود) يتمثل بتوطين ثقافة حقوق وحريات الإنسان.

> في رأيك أين دور منظمات المجتمع المدني في ما يحدث من انتهاكات ومظالم وتجاوزات في البلد؟

- لا شك أن ثقافة حقوق الإنسان ثقافة جديدة في اليمن، وديمقراطية بمفهوم جديد، وممارسة أقل، والمجتمع المدني لايزال في البدايات الأولى، ومجتمع ضعيف يتعرض للتشويه والإساءة والإقصاء أيضا، ولاتزال حوله علامات استفهام وشكوك رفض وممانعة ومقاومة سلطوية وممانعة اجتماعية، بالتالي ستكون جهوده قليلة، ثانيا إن منظمات المجتمع المدني تعمل في مناطق هادئة، وهي مهمة جدا، لكن هي مناطق لاتثير سخط الحاكم والنظام في مجالات التدريب والتثقيف.. نستطيع القول لدينا فقر بالنسبة للمجموعات التي تعمل في مجال التصدي للانتهاكات أو ما يسمي بالتنمية السياسية والديمقراطية، مجال الفعل والحركة تحريك الشارع، تحريك الناس للمطالبة بحقوقهم وتغيير مفاهيم الرأي العام نحو القضايا الأساسية، هذه لازالت محدودة جدا، يمكن أن نقول غير قادرة على الحركة، وتفتقر للدعم، والمانحون يدعمون ورش التدريب وتقديم كتيبات محاضرات، ولن تجد مثلا دعما لملاحقة مسئول حجز حرية مواطن، فتقوم هذه الأمور على جهود ذاتية فردية، وهذا ما أوجد نوعا من الصعوبات، ومن خلال تجربتنا في (هود) فإن هناك كثيرا من الثوابت والأصنام استطاعت المنظمة أن تعمل على تحطيمها وتدميرها، وهناك منظمات أخرى كان لها دور في هذه المسألة، ونستطيع القول إننا غير راضين عن المحصول النهائي.

> يعني لديكم شعور بتحقيق نتائج إيجابية للانتصار لقضايا الحريات؟

- (مقاطعا) نحن نشعر أن هناك حراكا في مجال الحقوق والحريات، ولانتحدث عن الإنجازات ونترك التقييم للغير ليقولوا هل عملنا شيئا أم لم نعمل، وبشكل عام نقول إن هناك حراكا مؤثرا واعتصامات ومسيرات ومطالبات، وشعور الناس أن لهم حقوقا لابد من انتزاعها وهي نتيجة عمل دؤوب، والمشكلة حاليا في قيادة الحراك وإدارته، وصرنا حقا نسمع اليوم الناس تخرج تطالب بحقوقها بالمساواة والعدالة الاجتماعية والحق في التوظيف والتعليم، وهي نتائج الحراك، وإذا كانت هناك أدوار ودعم أكثر للحراك في المسائل الأكثر فعالية، فمن سوء حظ اليمن ضعف الاهتمام الدولي بها قياسا بدول أخرى، في حين أن الحراك أكبر وأعمق وأعظم.

> المشاهد أن الحراك الذي تتحدث عنه لاقى قمعا وتنكيلا، بل وقتلا؟

- لا شك أن النظام السياسي ضاق صدره بحراك الحقوق والحريات، وفقد لغة الحوار، إن النظام يفتقر إلى الحوار ويلجأ إلى العنف بالاعتقالات، أو ربما أسوأ منه، مع ذلك هناك ثبات وإصرار، وهؤلاء المعتقلون ناشطون في مجال الحقوق والحريات والمنظمات لم تحتج فقط على هذه الأعمال، لكنها تقدم الضحايا من رموزها الذين زج بهم في المعتقلات.

> بالمقابل يا دكتور خالد من يخرج بالحراك السلمي يتم قمعه واعتقاله ومحاكمته سياسيا، والتضيق عليه حتى من زيارة الأهل، كما هو حال معتقلي الجنوب، بينما تستخدم السلطة لغة التنازلات والحوار الداخلي والخارجي لمن يرفع السلاح ضدها.. كيف ترى ذلك؟

- الحقيقة إننا نتعامل مع نظام يتبنى منهج العنف والقوة، ويكرس ثقافة العنف ويجعلها هي المبدأ السائد، مثلا الاستجابة للمطالب الخدمية إحيانا مربوطة بالقوة وقطع الطريق والاختطاف، وهي كما قلت تكريس لثقافة العنف، أما قمع الأعمال السلمية وحملة الأقلام وما يتعرضون له من اعتقالات ومحاكمات وحوار مع من يحمل السلاح، وبهذه الثقافة يغتال النظام الأحزاب والمنظمات والناشطين والإعلاميين اغتيالا معنويا من خلال الحملات الإعلامية وتصوير هؤلاء المناضلين سلميا أنهم عملاء وخونة ضد الوطن والإسلام، في حين يتحاور النظام مع قطاع الطرق والخاطفين واللصوص والمفسدين على أنهم أبطال، لقد رأينا أن النظام دفع ثمن كل هذه التصرفات أمام الذين كان النظام يرشوهم ويستميلهم ويكسب موالاتهم، كيف تحولوا إلى مشكلة بذاتها؟.

> كيف نقرأ واقع ومعطيات قضية معتقلي الحراك الجنوبي والقرني والخيواني؟

- نحن نعلن تضامننا مع هؤلاء المعتقلين، ونعتبرهم رموزا لنا جميعا سوءا في الشمال أم في الجنوب، وقضيتهم توضح أن المعاناة واحدة، ومشكلتنا جميعا فساد النظام الذي فقد منهج الحوار، ولم يعد قادرا على سماع الآخرين، هو لايعلن من خلال الممارسات عن وفاته لكنه يعلن أنه في موت سريري، وتخدمه متغيرات دولية وظروف داخلية، وأصبح النظام في حقيقة الأمر نظاما ميتا، وأعتقد أن النضال السلمي بدأ يتجسد، وبدأت الناس تدفع ثمن هذا النضال بالاعتقالات، وستكون ضمانة وحماية للبلد أن النظام يصنع قادة من الوزن الثقيل، فبهذه الاعتقالات يكشف عن عظمة المعتقلين وعن صغر وهزالة النظام السياسي.

> علاقتكم بالنظام علاقة شراكة كما هو سائد في المعايير الدولية فلماذا الانزعاج؟

- يا أخي النظام يمارس نوعا من النفاق السياسي، يدعي أن هناك شراكة ودعما، ويستخدم مفاهيم حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني كوسيلة للارتزاق، باعتبار أن المساعدات الدولية ترتبط باحترام هذه المفاهيم، لكنه أصلا يتعامل بقمع وتنكيل سيء جدا، أسوأ من دول تعيش حالة طوارئ، وتصنف أنها ديكتاتورية، فالنظام يدعي الديمقراطية واحترام الحقوق لكنه يعطل كل المؤسسات التي يمكن أن تكون ضمانات لحقوق حريات الناس، وعلى هذا الصعيد فمنظمة هود تشكل إزعاجا، وتعتبر من المغضوب عليهم أساسا، وتسمع هنا وهناك تصريحات مباشرة ضد المنظمة، ورغم ذلك نعتقد أن لدينا في الحزب الحاكم والحكومة من يخدم المنظمة ويقدرها ويقدر مواقفها.

> أصبحتم مؤسسات مدنية في محل ودائرة الخطر بدل المدافعة عن حق المظلومين؟

- على الإنسان أن يفهم أن الذي يعمل في المجال السياسي الحقوقي معرض للخطر بالذات في دول متخلفة ودول شمولية تقوم على الإقصاء والإلغاء، فالعمل في مثل هكذا مجتمعات كالعمل في حقل ألغام بدون أدوات الحماية.

> هل ما حصل وما تعرض له أستاذ القانون الدولي محمد علي السقاف يدخل في هذه المربعات الخطرة؟

- بالتأكيد، وهو مثال بسيط، وأنا أقول قضية السقاف وغيره تكشف مأساة ومأزق غياب السلطة القضائية، وتحويل القضاء إلى قضاء حزبي، يعمل وفق أجندة الحزب الحاكم، نجد أن القضاء تحول إلى أداة لتبرير انتهاكات الأمن بدون تحقيقات وقضية، ومعروف أن هناك قوائم وأسماء معينة وهي اصلا اجندة ومؤشرات خطيرة تظهر خطورتها من خلال سعي النظام إلى بناء واعمار المعتقلات بدل المدراس والجامعات وكان اول ما تم انشاؤه في كل المحافظات مؤخرا هي السجون ذلك يكشف عن توجه ما يمكن تسميته ردة عن المبادئ والمواثيق التي اعلن النظام التزامه بها دوليا، وما كنا نتخوف منه اصبح حقيقة.

> هل تقدمتم بمشاريع وبرامج للسلطة لترشيد وتخفيف هذه الجرائم والتجاوزات؟

- يا أخي تحصل نوعا ما تجاوزت لحقوق وحريات الانسان حتى في المجتمعات المتقدمة، لكن ما يحصل عرضا او خطأ خفيفا، لكن ما يحدث في البلاد ان الانتهاكات غدت سياسية ومنهجية وجزءا من طبيعة تركيب النظام السياسي، ونحن نتصدى لهذه الانتهاكات من خلال الدفاع القانوني عن المعتقلين وتبني قضاياهم داخليا وخارجيا، وتقدمنا في هود بمشروع خاص بقانون السلطة القضائية للبرلمان، ومشروع تجربة المجتمع المدني، ومايزال المشروعان معتقلين في اللجنة الدستورية رغم اعدادهما وفق معايير دولية وفقا للالتزامات التي اعلن اليمن القيام بها، ولم يتم انزل المشروعين الى قاعة البرلمان للمناقشة والموافقة.

> من خلال متابعات وقائع محاكمة المعتقلين أصبح الدفاع القانوني غير مجدٍ..

- النظام السياسي يريد من الناس أن يفقدوا دائما هذه الاشياء ويفقدون ثقتهم بالبرلمان والسلطة القضائية لأنه لايوجد في حقيقة الأمر سلطة قضائية، لكن يجب أن نلجأ للوسائل القانونية، وفي الأخير ليس حكم القاضي والقرار السياسي الصادر إنما حكم المجتمع، فالقرني مثلا مدان بحكم قضائي لكنه بطل في نظر المجتمع والخيواني بطل على المستوى الدولي والمحلي كذلك باعوم وبقية المعتقلين، ووظيفه المحامي في القضايا السياسية أن يعري هذه المحاكمات، ويبين أنها قضايا سياسية مفبركة وأن القاضي غير مستقل يدار بالريموت كنترول والمحامي في مثل هذه القضايا ليست وظيفته انتزاع حكم البراءة، لأن القاضي ليس بيده القرار، الامر الآخر هو العمل على وجود سلطة قضائية مستقلة أو لديها الحد الأدنى من الاستقلال، وشاهدنا كيف تحولت هذه المحاكمات الى مسرحيات لكن الانتصار الحقيقي للمعتقلين والناشطين هو عدم الاعتراف بهذه الأحكام.

> ما هي قراءتكم لحاضر ومستقبل الحريات والحقوق؟

- رغم القمع والردة السياسية والاعتقالات والملاحقات والإرهاب، لكنني أقول الحراك لن يتوقف، سيذهب النظام وسوف تتحرك عملية الحقوق والديمقراطية، لست من المتشائمين انا من المتفائلين جدا وسياسة النظام حاليا انه يريد جعل الحراك كلعبة متى يريد يسحبها أو يلقيها، لكنه غير قادر على ذلك بدلالة توسع نطاق الحراك في كل اجزاء اليمن على الرغم من الاعتداءات والجور والإقصاء الوظيفي.

> بالمقارنة بين الحراك شمالا وجنوبا هناك ضعف بل ركود في الحراك في المحافظات الشمالية؟

- (مبتسما) تستطيع أن تقول هناك تأخر في حراك المحافظات الشمالية، وهذا نتاج النظام القبلي، وتعامل أبناء الشمال مع الحقوق على انها منحة فقط اذا قامت السلطة كان بها، ونجد بعض المدارس والخدمات انشئت على أكتاف الاهالي. النظام ايضا كرس ثقافة التصنيف بالمحافظات الشمالية بتقسيم المحافظات، هذه محافظة غير مستقرة، وهذه المحافظة خطف، النظام عمل ذلك واستخدمها حتى لايقوم بالتزاماته التنموية، يضاف لها موروثات الإمامة. وحراك المحافظات الجنوبية بسبب ارتفاع نسبة الوعي والتعليم والثقافة فيها، بالنسبة للظلم والانتهاكات بالمحافظات الجنوبية اكثر واكبر من المحافظات الشمالية وتعامل الناس مع الحقوق أنه واجب على الدولة القيام بها، لكن ما يهمنا اتساع نطاق النضال السلمي بامتداد الخارطة، وهناك وعي لابأس بالنضال السلمي في الشمال والجنوب والشرق والغرب.

> كلمة أخيرة..

- أود أن أهنئ صحيفة «الأيام» بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيسها وأعبر عن تمنياتي لها بالاستمرار والنجاح، وعقبال خمسمئة عام أخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى