رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

>
الفقيد علي زين عيدروس مع د. المحامي جلال رجب (مصر) والمحامي صادق الشامي (السودان)
الفقيد علي زين عيدروس مع د. المحامي جلال رجب (مصر) والمحامي صادق الشامي (السودان)
-1 الفقيد علي زين عيدروس.. الميلاد والنشأة.. الفقيد علي زين عيدروس من مواليد الرابع من أغسطس 1944 تلقى تعليميه الابتدائي في مدارس عدن، وانتقل بعد ذلك إلى قاهرة المعز الحاضرة المصرية، وأكمل هناك دراسته الإعدادية والثانوية خلال الفترة 58 - 1964، وورد في كتاب تأبين الفقيد مساهمة عبدالرحمن علي شكري مدير عام مصلحة الطرق نقيب المهندسين اليمنيين ص(38-35) أن زمالة دراسية في القاهرة جمعته بالفقيد علي زين عيدروس منذ عام 1964 مع زملاء آخرين، حيث سكنوا شقة واحدة، هي الشقة رقم 20 في عمارة 126 شارع عبدالعزيز آل سعود في المنيل لمدة خمس سنوات.

بحسب شهادة شكري كان الفقيد علي زين أكثر اتزانا وتعقلا من أترابه في السن، وكان علي زين ومن معه في الشقة يحصلون على منحة من الحكومة المصرية عبر البعثة اللحجية التي تدرجت من (8) جنيهات إلى (12) جنية إلا أن علي زين- رحمه الله- كان أكثر تدبيرا في الصرف.

لذلك تولى تدبير الإنفاق على ساكني الشقة ومواجهة الالتزامات الأخرى بالتعاون مع السيدة أم صلاح، ثم أم أحمد.. وكان علي زين بحسب شهادة شكري شخصية متميزة بين المجموعة، ومنحته المجموعة الثقة لتصريف أمورها، وأطلقوا عليه لقب (الرجل الحقاني).

من جامعة القاهرة إلى محاكم عدن

تخرج الفقيد علي زين عيدروس في جامعة القاهرة عام 1968، وحصل على شهادة (ليسانس حقوق) وعاد إلى أرض الوطن، وعين قاضيا جزئيا في محافظة عدن عام 1969.. وفي العام 1971 تم تعيينه رئيسا للقضاة الجزئيين في محافظة عدن، وولي هذه المسئولية حتى عام 1979، وانتدب للعمل خلال تلك الفترة في الادعاء العام في العامين 74-73م، وكان الفقيد مثالا يحتذى به لتفانيه وإخلاصه في عمله الذي بسببه وأثناء تأديته له تم اعتقاله خلال الأيام السبعة من قاعة المحكمة، واحتجز لفترة تزيد على أربعة أشهر.

المحامي علي زين يؤدي اليمين أمام رئيس المحكمة العليا

سأم علي زين عيدروس وظيفة القضاء وحدد موقفه في مركزه في القضاء بتقديم استقالته في مطلع العام 1979، وفي منتصفه أدى اليمين القانونية أمام رئيس المحكمة العليا للجمهورية لينخرط بعد ذلك في مهنة المحاماة حتى وفاته، وشكلت ممارسته للمحاماة قيمة مضافة تجلت أحد مظاهرها في الإفادة التي وردت في التعزية بوفاته التي رفعها أعضاء الهيئة التعليمية ووالموظفون والعاملون بكلية الحقوق جامعة عدن.. وجاء فيها: «لقد كان الزميل علي زين محاميا بارزا وقانونيا متفقها، شارك في إعداد الكوادر القانونية من خلال تدريسه في كلية الحقوق للأعوام الدراسية من 80 82-م، كما ساهم في صياغة عدد من التشريعات الوطنية، وكرس حياته للدفاع عن الحقوق المشروعة للمواطنين».

علي زين يتدرج في سلم اتحاد الحقوقيين

تعددت وسائط انتشار علي زين ومنها مساهمته بشكل كبير في نشر الوعي القانوني من خلال المحاضرات والندوات والمقالات والبحوث والدراسات التي نشرت له في الصحف اليومية والمجلات، ومشاركته في برنامج (أنت والقانون)، ومشاركته أيضا في عدة لجان لإعداد مشاريع القوانين، وأهمها قانون العقوبات والأسرة.

وشارك علي زين في أول مؤتمر لاتحاد الحقوقيين اليمنيين الديمقراطيين عام 1971 وانتخب عضوا في المكتب التنفيذي للاتحاد وتحمل مسئوليته المالية، وجددت الجمعية العمومية للاتحاد ثقتها فيه في مؤتمري الاتحاد اللذين عقدا في العامين 82 و87م، كما انتخب الفقيد مندوبا إلى المؤتمر التوحيدي لاتحاد الحقوقيين اليمنيين، وفي المؤتمر الأول لجمعية المحامين اليمنيين الديمقراطيين الذي عقد في ديسمبر 1989 تم انتخابه نقيبا للجمعية.

علي زين يوقع على اتفاقية التوحيد مع مجلس نقابة المحامين

في ديسمبر 1989 ترأس علي زين عيدروس وفد جمعية المحامين اليمنيين الديمقراطيين في المفاوضات مع مجلس نقابة المحامين في صنعاء لدمج وتوحيد النقابتين، حيث وقع الفقيد على تلك الاتفاقية في 15 ديسمبر 1989 في العاصمة صنعاء، وتم انتخاب الفقيد من قبل اللجنة التحضيرية للمؤتمر التوحيدي للمنظمتين النقابيتين للمحامين في الشطرين كنائب لرئيسها.

علي زين في مواقع أخرى

انتخب علي زين عيدروس عضوا في لجنة تنسيق منظمة حقوق الإنسان في الوطن اليمني، في الاجتماع التأسيسي لتشكيل اللجنة، وقد شارك- رحمه الله- في عدة مؤتمرات للحقوقيين كان آخرها المؤتمر السابع عشر لاتحاد المحامين العرب في دمشق في يونيو 1989، وكان الفقيد محبا ومخلصا لوطنه ورافضا للإغراءات التي عرضت عليه للعمل خارج الوطن كافة رغم صعوبة الظروف التي عاشها.

علي زين في ركاب الخالدين

أصدرت نقابة المحامين اليمنيين واتحاد الحقوقيين اليمنيين الديمقراطيين بيانا نعت فيه المحامي الأستاذ علي زين عيدروس نقيب المحامين السابق الذي وافته المنية فجر يوم الجمعة 27 أبريل 1990 إثر حادث مؤسف أودى بحياته.

كما نعى الفقيد كبار الشخصيات في عموم الوطن وكان في مقدمتهم الأستاذ سالم صالح محمد الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني والأستاذ حيدر أبوبكر العطاس رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى والأستاذ الدكتور ياسين سعيد نعمان رئيس مجلس الوزراء والأستاذ عبدالواسع سلام وزير العدل ورئيس المحكمة العليا وقيادة وكوادر الإدعاء العام للجمهورية وأ.د.محمد سعيد العمودي رئيس جامعة عدن وذوالنون زين صادق الأهدل عضو اللجنة التنفيذية لرابطة أبناء اليمن (رأي) ومحمد أحمد سلمان السفير لدى العراق.

الزملاء والأصدقاء ينعون علي زين

ضم كتاب التأبين مرثيات نثرية في الفقيد، ومنهم الزملاء شيخ طارق عبدالله المحامي ومنير عبدالله سعيد جرادة وأنيسة عباس وخالد عزي إبراهيم وعبدالقادر داوود محمد وسلوى صنعاني وعلي ياسين وطه غالب وعصام وسعيد سالم وسعيد إبراهيم النجاشي.

علي زين في مرثيات شعرية

حظيت أسرة (جرادة) بنصيب الأسد من المرثيات النثرية التي قدمها منير جرادة المحامي، وثلاث مرثيات شعرية قدمها محمد سعيد جرادة ونجله هاني جرادة وابن أخته محمد علي وطني، أما المرثية الشعرية الرابعة فكانت من نصيب الزميل جبران شمسان وكانت مرثية الراحل الكبير محمد سعيد جرادة (المحاماة كتاب محكم) من أطول المرثيات، ومطلعها:

رزؤنا فيك عظيم ياعلي

داهم القطر بليل أليل

أيها الراحل عنا فجأة

مثلما غاب شعاع الأمل

خلف علي زين عيدروس سجلا ناصعا وعامرا بالأعمال الطيبة، وخلف أيضا أرملة وثلاثة أبناء لؤي، قصي، هبة.. وتعشم أصدقاء ومحبو الفقيد الكبير تخليد ذكره بتسمية إحدى قاعات كلية الحقوق أو أحد الشوارع باسمه، وخابت ظنونهم.

الزميل محمد مخشف في إضافة لترجمة الفقيد عبدالواسع قاسم

فور قراءته لحلقة رجال الذاكرة السابقة وتحديدا الفقيد عبدالواسع قاسم، اتصل بي الزميل العزيز محمد عبدالله مخشف (أبو ريام) وأبدى ارتياحه كثيرا لإنصاف الفقيد، واسترسل في حديث عذب عنه فاستأذنته في نشر هذه الإضافات عن الفقيد فوافق مشكورا على نشر أبرز النقاط في شهادته للتاريخ عن الفقيد عبدالواسع قاسم.

أفاد الزميل مخشف أن والده والحاج صالح أحمد مخضري مارسا بيع الفواكه في سوق الشيخ عثمان، وكان الحاج صالح متخصصا في بيع الموز بشتى أصنافه ومسمياته. سكن الحاج صالح مخضري شارع الحرمين في الشيخ عثمان إلى جانب أولاده: عبدالمجيد وعثمان ووليد وأربع بنات متزوجات من أحمد قاسم وأخيه الأصغر عبدالواسع والشهيد فارس سالم وسمير مصطفى، تكفل بتبني أحمد قاسم وأخيه الأصغر عبدالواسع قاسم اللذين عاشا في المنزل وتزوجا من ابنتي المخضري، وهناك صلة قرابة تربطه بالشخصين المذكورين.

يضيف الزميل مخشف أن الفقيد عبدالواسع قاسم كان بحق شابا عصاميا لأنه حصل على قسط بسيط من التعليم في مدرسة النهضة العربية بالشيخ عثمان، والتحق بعد ذلك بمدرسة التدريب التابعة لشركة مصافي الزيت البريطانية، وكان من زملائه الشهيد عبدالفتاح إسماعيل أول أمين عام للحزب الاشتراكي اليمني، إلا أن الفقيد عبدالواسع تمكن من تأهيل نفسه ذاتيا وأصبح مثقفا من خلال قراءاته باللغتين العربية والإنجليزية، وضاربا متفوقا على الآلة الكاتبة باللغتين العربية والإنجليزية (المعلومة الأخيرة من الزميل أشرف علي محمد الذي عمل مع الفقيد الذي شغل منصب مدير عام وكالة أنباء عدن خلال الفترة من 77 80-م، وكان الفقيد إلى جانب ذلك بحسب الزميل أشرف بعد التحليلات السياسية).

يستطرد الزميل مخشف قائلا: «حافظ الفقيد على ماء وجهه طوال حياته.. كان لايفرط في مواقفه أوقيمه.. كان متعففا وصبورا، وأذكر أن الفقيد وجد نفسه ينزح إلى جيبوتي بحرا بعد حرب صيف 1994 إلا أنه سعى وبقوة إلى العودة إلى وطنه بعد فترة قصيرة لم تتعد الأسبوع الواحد، وتواصل مع أصدقاء له بأن يعطي المنتصرون في الحرب توجيها إلى السفارة في جيبوتي بمنحهم وثائق سفر العودة. عاد الفقيد إلى عدن معتزا بنفسه وبقيمه وبقدر أنه رفض أن يمد يده في الخارج، كذلك وبالقدر نفسه من الإباء رفض أن يمد يده لأحد في الداخل، فلم يطرق باب أحد.

كنت أتردد عليه في سكنه في عمارة في شارع الملك سليمان، وكانت شقته مجاورة لشقة القرشي عبدالرحيم- رحمه الله- وكانت العمارة التي سكنها القرشي تواجه المكتبة الوطنية، فيما كانت العمارة التي سكنها الفقيد تواجه مستودع الهريش.

كان الفقيد- رحمه الله -يحرص كل صباح على المشي لمسافة معينة في شارع أسبلانيد المجاور لسكنه، وحافظ على ذلك البرنامج والسلوك المستقيم والنفس الأبية حتى وفاته. خلف الفقيد ثلاثة أولاد، الذكور اثنان: مهند وهديل وابنة واحدة هي (ريام).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى