مواسم خير لكنها شكلت ضربة قاضية للمواطن

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
تعب هي الحياة بتقلباتها ومنغصاتها وما علينا نحن إلا مسايرتها؛ غلاء طاحن وارتفاع مجنون للأسعار أكل الأخضر واليابس، وجعل الإنسان بقايا رماد تناثر ورائحة رماده وحدها تعلمنا بأن هنا كان إنسان.

ففي كل عام يعيش المواطن في عدن وفي سائر المحافظات هما يوجع، وربما تختلف الهموم هنا وهناك، فكل فرد يهم بقدر احتياجاته، ولو أنها احتياجات متشابهة في مضمونها، وإن اختلف عددها ومسمياتها، هذا العام لا يختلف عن الأعوام السابقة إلا أن الهموم في الأعوام السابقة كانت تأتي فرادى، وهذا العام تكاتفت الهموم، وتوحدت لتقضي على إنسان لا يقوى على مجابهة مصاريف هم واحد لتكون ثلة من الهموم، فهذا العام تصادفت معا مصاريف المدارس و رمضان واحتياجات عيد قادم إلينا، جعلت الإنسان، خاصة من يعيش تحت خط الفقر يكتوي بين النيران، فتجد الآباء ينظرون إلى أطفالهم بحسرة و يفكرون كيف سيقدرون على توفير احتياجاتهم وهم أطفال، لا يعرفون معنى مصطلحات (خليك في البيت)، عمالة فائضة، إعانة، متقاعد، فالطفا لا يعرفون شيئا من هذا إلا أن له أبا وأما عليهما توفير احتياجاته مهما كانت ظروفهما.

مواطنون: ثلاثة مواسم تكالبت علينا.. المدارس ورمضان والعيد

مواطنة: أحتاج إلى خبير اقتصادي يعمل لي ميزانية لكي يساوي الراتب احتياجات المدارس ورمضان والعيد

اليوم جذبتني صيحات المواطنين التي تحكي مأساة يعانونها في أسواق عدن، عنوانها (احتياجات المدارس ورمضان والعيد)، و تجد الجميع يتسابقون لمعرفة أسعار السلع، ويرددون في صمت محزن: رحمتك يارب.. أغثنا من عندك. ويوجهون رسالة إلى فخامة رئيس الجمهورية: ليس لدينا معين بعد الله إلا أنت! فهل تغيثنا؟

>«شر البلية ما يضحك»، هكذا قالها أحد المواطنين، وهو يبتسم بألم وأضاف: «كنت أسمع عن مثلث برمودة بأن من يدخله يختفي، وهكذا نحن خائفون نختفي بسبب كثرة الضغط علينا في هذا الموسم الذي تكاتفت فيه ثلاثة مواسم في وقت واحد على راتب واحد لا يتجاوز عشرين ألف ريال، فأنا متقاعد عندي سبعة أطفال محتاجين الكثير، ربنا كريم والحمد لله أن رمضان يأتي وخيره معه، ربنا يسترها، ونحن نناشد رئيس الجمهورية بأن يسرع بالمعونة التي يقدمها لكي تساهم بجزء من صرفيات المدارس ورمضان، والعيد على الله».

> مواطنة أم رنا كانت تشتري مستلزمات مدرسية (ملابس) سألتها: «كيف الحال؟ وكيف تستطيعين أن توزاي بين متطلبات المواسم الثلاثة؟»، قالت:«راتب زوجي 30 ألف، ومعي خمسة أطفال كلهم مدارس، لا أستطيع أن أوفر ولو النصف من متطلباتهم، وكأننا نجري في ساقية»، سألتها: «ما هي طلباتك؟»، قالت: «أحتاج إلى خبير اقتصادي يعمل لي ميزانية لكي يساوي الراتب احتياجات رمضان والمدارس والعيد».

>«نناشد الرئيس أن يلتفت لنا نحن المواطنين، فنحن فقراء ليس معنا رواتب ولا يحزنون، ليس لدينا دخل إلا مبلغ الإعانة الشهرية التي نستلمها كل ثلاثة أشهر، وهي لا تفي لمواجهة متطلبات أطفالنا».. هكذا بدأت الحديث مواطنة تكدح من أجل تربية أطفالها، تقول (أم فتحي) تلك الأرملة التي تعيش الفقر بكل صوره:«أعمل خادمة في المنازل، وهذا مش عيب فأنا معي سبعة أطفال أيتام، أكبرهم في العشرين، وليس لديه عمل، تربوا على يتم».

وأضافت: «نعيش بفضل الله ومن ثم بفضل الناس، من بيت لبيت، وهذه ليست بعيشة كريمة، ولازم الجهات المختصة تنظر إلى هذه الأسر الفقيرة، وأن ينظر الرئيس إلينا نحن المكالف الأرامل والمطلقات، فإذا تحصل المواطن على راتب شهر من الرئيس إلى جانب راتبه الخاص، على ماذا نحن نتحصل؟ وأيضا نناشد محافظ عدن د.عدنان الجفري أن يجعل يوما للنساء المكالف الذين لا عائل لهم لكي نستطيع أن نقابله، فنحن لم نتمكن من مقابلته حتى اليوم، نحن سمعنا أن المحافظ الجفري طيب، ولا يرد أحد».

(أم فتحي) كانت موجودة في جميعة عدن للارتقاء بالأسرة لتستلم قرضا من الجمعية، سألتها: «كيف تقدرين على سداد القرض وأنت بلا راتب؟». قالت:«ربنا يحفظ الست سلوى رئيسة الجمعية هي تعمل على مساعدتنا وتعطيني قرض وأنا أرده لما يتحسن حالي، وهي صابرة علينا وعالمة بظروفي، وربنا يجازيها عنا كل خير، ومن هنا أشكر الست سلوى وأشكر مسؤول الإقراض لمساعدتهم لنا».

>(أم عثمان) جمال بديجة خياطة لم تعد تساعدها عيناها لتقبل المزيد من الزبائن، فهي بحاجة إلى نظارة لتتمكن من العمل، ولو أنه لم يعد كما السابق حسب قولها تقول: «عندى ثمانية أطفال، ثلاثة منهم على مقاعد الدراسة، أبي من العمالة الفائضة بالنقل البري راتبه 20 ألف ريال فقط، كيف نواجه موسم المدارس ورمضان والعيد، لماذا لا يتم تأجيل المدارس، فالكثير من المواطنين يا إما متقاعدين أو عمالة فائضة، وعايشين على راتب واحد، من يقسمها لهم؟ فإلى كم سيقسم الراتب مدارس أو رمضان أو العيد؟ حتى اليوم لم نستطع أن نحضر احتياجات المدارس وهي على الأبواب، لماذا لا يكون هناك معونة تقدم للأمهات اللاتي يشقين في البيوت، ونناشد رئيسنا أن ينظر لحالنا، وأشكر أولاد هائل سعيد على تقديمهم الإعانة التي تفك عنهم جزءا من همهم السنوي، وأناشد الأخ رئيس الجمهورية بأن يعمل أيضا على تقديم إعانة للأمهات في المنازل، فهناك الكثير من الأمهات عزيزات لا يمدن أيديهن، رغم أنه ليس لديهن عائل، ولكن ماذا عسانا أن نقول الشابع لا يحس بالجائع!».

>(أم أحمد) من مديرية التواهي تقول: «والله حالنا حال ثلاثة مواسم في وقت واحد، يجب على جهات الاختصاص أن تنظر لنا وتزيد لنا الرواتب أو تضع حدا لارتفاع الأسعار حتى نستطيع أن نواجه مثل هذه المواقف».

> طالبة في الصف السابع تقول: «والله المشكلة هي ثلاثة مواسم مع بعض، والأسعار مرتفعة، وأنا الحمد لله معي من يقدر أن يوفر لي احتياجاتي، ولكن هناك آخرون لا يستطيعون».

انتهى حديث المواطنين، وكان لابد أن نسأل التجار، وهو في نظر المواطن الجاني رغم أنه أيضا يعاني ولو بصورة مختلفة.

التجار:كل شيء متوفر بجميع الخامات وبكل الأسعار وعلى المواطن أن يشتري على قدر فلوسه

> أحمد حسين علي البخش يقول عن أسعار مستلزمات المدارس:«الفرق كبير بين هذا العام والعام الماضي، فالأسعار ارتفعت نتيجة لارتفاع الضرائب والمبيعات، وأعلى سعر للحقائب وصل إلى 2000 ريال للحقيبة وأقل سعر 150 ريال لأطفال الروضة، ولكن الدفاتر ارتفعت بشكل كبير جدا، ففي العام الماضي كان قيمة الدفتر أبو 40 ورقة 35 ريال وهذا العام 50 ريال».

> الحاج سيف عبدالله تاجر ملابس في مدينة كريتر يقول:«والله أسعار الملابس ارتفعت بشكل بسيط، فأعلى سعر للبنطلون المدرسي وصل إلى 1500 ريال، وأقل سعر 600 ريال، وقيمة القميص 500 ريال والبلوزة 100 إلى 800 ريال».

وأكد أن أسعار المواد الغذائية هي التي ترتفع بشكل جنوني عكس الملابس، فالخامة تحكم السعر، وعلى المواطن أن يشتري بقدر فلوسه.

> صالح حسين عبدالله العنتري تاجر ملابس يقول:«ثلاثة مواسم على المواطن متتابعة مع هذا الغلاء شيء متعب، وبالنسبة للغلاء هذه مشكلة عالمية، ونحن كمستوردين التأثيرات العالمية مؤثرة علينا، ونضطر أن نواجه السعر مقابل الدولار أو الين الصيني، وليست هناك أي تسهيلات، فالضرائب معروفة في ميناء عدن، ضريبة مقطوعة على أي بضاعة تدخل الميناء سواء للملابس أو للأحذية أو لأي شيء آخر، فقيمة الحاوية الصغيرة حوالي 300 ألف ريال، والحاوية الكبيرة حوالي 550 ألف ريال».

وأشار إلى أن «أسعار الملابس ليست مرتفعة بشكل مزعج، فالقطعة ربما تصل إلى 1200 ريال، فحن في موسم المدارس لا يوجد احتكار، فهو موديل ولون واحد، ومقارنة بالوضع الحالي 1000 ريال على المواطن يعتبر غاليا».

وأضاف: «نحن نبحث عن ما يتناسب مع قدرات المواطن الشرائية، فهناك أشكال جميلة، ولكنها غالية لا يستطيع المواطن شراءها، خاصة في محافظة عدن، حيث يطلبون الأرخص دائما عكس صنعاء، فهناك قوة شرائية، لا ينظرون إلى الأسعار».

وأكد أن «العملية ليست مسألة غلاء أسعار، ولكن هناك تدهور في الوضع الاقتصادي وعدم تعادل رواتب المواطنين مع العملة، فهناك مواطنون رواتبهم 25 ألف أي ما يعادل 100 دولار، عكس الدول الآسيوية أقل موظف يستلم 500 دولار، ومقابل معيشتها يتواكب معها عكس المواطن في اليمن 100 دولار لا تواكب الحياة المعيشية، وحقيقة لا توجد حركة تجارية هائلة، خاصة في عدن لدينا محلات في صنعاء فيها قوة شرائية وسحب بضائع، ولا أهمية للسعر، عكس عدن 500 ريال تعتبر غالي عند المواطن، ونحن أيضا نعاني من ارتفاع الإيجارات التي تصل إلى 200 ألف للمحل، والكهرباء تجاري لا تقل عن 200 ألف إلى جانب أجرة العمال».

وأضاف:«نحن أيضا علينا واجبات والتزامات تجاه الدولة وسفرات، ونحن نخسر الكثير عندما نحول إلى العملة الصعبة لشراء البضاعة، فقبل عامين كنا نصرف الين الصيني بـ 825 ألف، وهذا العام 680 ألف، وهذا يعود لقوة سعر الين أمام الدولار، فالقطعة الين كنا نأخذها بخمسة دولار نشتريها الآن بـ10 دولار».

> تجار مواد غذائية يقولون: «كثير من المواد ارتفعت خاصة احتياجات رمضان، مثل العتر، في رمضان الماضي كان سعره 300 ريال، وهذا العام 650 ريال، وهناك بعض المواد باقية على سعرها، والخضار هم آخر فقد بلغ سعر الكيلو البطاط 120 ريال ، والبصل وصل إلى 90 ريال ، والطماط إلى 80 ريال ، ونحن لم نصل رمضان فكم سيكون السعر عندما يأتينا رمضان».

> انتهى حديثنا مع التجار ولم أزد في الحديث مع المواطنن فالهم واحد والشكوى واحدة (غلاء وثلاثة مواسم متتابعة).

نهمس في آذان الجهات ذات العلاقة، نحن مقبلون على شهر فضيل، باب الرحمة مفتوح، ويجب أن تعي جهات الاختصاص والجمعيات الخيرية أن هناك أسرا فقيرة نفسها عزيزة، وعليهم أن يفتشوا عنها، وأقول للتجار أين أنتم من حديث الرسول: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه». فالطوابير الطويلة أمام أبواب التجار تمحو الحسنات. تلك كانت صرخات مدينة كريتر.. فكل الصرخات متشابهة في الهم. وفي الختام نقول اللهم بلغنا رمضان أصحاء معافين قادرين على طاعتك حتى نجازى بمرضاتك والفردوس الأعلى.. إنك سميع الدعاء.. اللهم بارك لنا فى شعبان وبلغنا رمضان.. اللهم أعنا على صيام رمضان وقيامه وقراءة القرآن.. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.. اللهم بلغنا ليلة القدر.. اللهم اغفر لنا ذنوبنا واعف عنا يا أرحم الراحمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى