ماذا يأكل الفقراء في مدينة عدن الساحلية؟.. الثروة البحرية هبة الخالق لخلقه ..ارتفاع خرافي لأسعار الأسماك.. ارحموا يرحمكم الله.. (2-1)

> «الأيام» برهان عبدالله مانع:

>
بحارنا تعج بالأسماك الضخمة
بحارنا تعج بالأسماك الضخمة
يمكن للمرء أن يتفهم على مضض ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لأن غالبها مستوردة ويغلب عليها عنصر التحكم الخارجي، وممكن أن نتفهم ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه، لأن بعض المتطلبات خارجية كالسماد ومحسنات التربة والمبيدات الحشرية وتكلفة المياه والديزل للمضخات.

إنما الحيرة تكمن أساسا في الارتفاع غير المبرر لأسعار الأسماك في وطن يمتلك سواحل طويلة ولا يختلف اثنان على غنى بحرنا بأنواع الأسماك والأحياء المائية، هذه الثروة هي هبة الخالق لخلقة وبالمجان!.

فلنبحر ونبحث عن ما يحاك في الخفاء ولا نتوقع أن يبحر الصياد دون أشرعة أو بوصلة، ويدخل في بحار الله منتحرا ويجهل ما أراد وما يريد.

ومن أجل معرفة الحقيقة تساءلنا مع جهات عدة عن:

-1 عدن كمدينة ساحلية لم تعرف هذا الارتفاع المفجع لأسعار الأسماك.

-2 حتى في مواسم الرياح والأعاصير كان المواطن يحصل على وجبة سمك معقولة بعيدا عن الأسعار المبالغ فيها.

-3 محلي عدن أقر في وقت سابق استحداث مفارش للسوق الداخلي للبيع بالسعر المناسب وأقر وقف المضاربة بالأسماك وإنزالها للسوق ومن ثم ما يزيد يحمل على (الطنجات). كل هذه القرارات ذهبت مهب الريح ودخلت الأرشيف.. لماذا؟

-4 ماذا يأكل الناس وخاصة الفقراء في مدينة ساحلية إذا بلغ سعر الشروة 1000 ريال، والثمد 1500 ريال، والسخلة 1700، والديرك 2000 ريال.

-5 لماذا تتوفر الكميات الهائلة بمختلف أنواعها في المدن غير الساحلية بينما في المدن الساحلية شحيحة.

كان زمان توجد سياسة إرشادية من قبل الوزارة

> الصياد عامر يسلم عامر قال: «بالنسبة للأسعار تتعرض للارتفاع والانخفاض، أما في هذه الأيام فإن الأسماك شحيحة واعتدنا عليها، لكن الثمد موسمه الآن في عدن وشقرة ويكون بداية الموسم شحيحا، وفي شهر أكتوبر كميات هائلة، وقد كنا نأكل أيام زمان أبو سنة والبطابط وشروة مجمدة ونقف طوابير.

كان زمان توجد سياسة إرشادية من قبل الوزارة لأن هناك سياسة إرشادية حكيمة في توفير الأسماك مقدمة للمواطن، وكانت الوزارة تتحمل هذه المهام وهذه الخدمات الجليلة، أما الآن فالوزارة ليس لها هم إلا تحصيل %3 كضرائب على الصياد وليس هناك سياسة إرشادية في الاصطياد التقليدي بالنسبة للشباك، ففي محافظة حضرموت على سبيل المثال تقوم الجمعيات بتنظيم الاصطياد بالنسبة لموسم الشباك، أما في عدن وشقرة وعمران ورأس العارة فإن الاصطياد جائر وغير منظم أدى إلى قلة المخزون السمكي.

اصطياد العيدا الخطر القادم

ظهرت في الآونة الأخيرة عملية اصطياد (العيدا) التي تعتبر ثروة سمكية لابد من الحفاظ عليها، ولا يجب المساس بها، لأن هناك حاليا شركة تتفق مع بعض الصيادين على اصطياد العيدا، ويتم طحنها وتحويلها إلى علف للدواجن، فالوزارة تتحمل المسئولية الكبرى في نقص المخزون السمكي وعدم إرشاد الصياد بما يستخدم من شباك وتصدير فاكهة الفقراء (الباغة) عن طريق تجميدها وتصديرها إلى الأردن ودول أخرى، ومن الطبيعي ارتفاع سعرها وشحتها في السوق الداخلي، وتتحمل عدم تحديد مواسم اصطياد الشباك».

لا نجد شيئا من الوزارة

> الصياد محمد ثابت البعير: «إننا نعاني من إهمال الوزارة للصياد وعدم الاهتمام به بشكل جدي، لكوننا شريحة منتجة تعتمد علينا، وقد فرضت علينا ضرائب %3 وبالمقابل لا نجد شيئا من هذه الوزارة الموقرة تقدمه لنا، وقد احترقت في السابق قواربنا ومكائننا وتحصلنا منها على الوعود السرابية، فلم نجد الآن التعويض عما أصابنا من أضرار، وقد وعدنا وزير الثروة السمكية السابق السيد مجور ولم نتحصل على شيء بكل أسف، والظلم جائر من الوزارة والجمعية، والمجلس المحلي لم يقدم لنا شيئا ملموسا».

أهل مكة أدرى بشعابها

> الصياد زيد شقرى: «أهل مكة أدرى بشعابها.. إننا سكان المناطق الساحلية وجباتنا الرئيسية تكاد تكون هي الأسماك، ونعرف أنواع الأسماك التي نأكلها ونعرف الثمد والديرك والسخلة ونأكلها طازجة، أما ما يشاع من أن أسعار السمك في المناطق الساحلية مرتفعة وفي المدن غير الساحلية أرخص فهذا كذب، لأننا نعرف ما نوع الأسماك الذي يأكلونه.

وأسعار الثمد والسخلة والديرك في هذه الأيام مرتفعة جدا لشحتها، وقد وصل سعر الحوت الثمد (25 كيلو) إلى 32 ألف ريال يمني بالنسبة للحوت الكبير، أما الصغير فسعره منخفض (أبو 6 كليو بـ 3 ألف ريال يمني) أي سعر الكيلو بـ 500 ريال يمني، لكن ما هو حاصل في السوق في عملية البيع والحراج تتغير الأسعار بشكل مبالغ فيه ولا يستطيع المواطن شراء ما يحتاجه، وهناك أيضا معاناة شبه يومية يتكبدها الصياد وهناك صعوبات تمارس عليه داخل البحر وخارجه وأصبحت الحياة لا تطاق والحلول السليمة غير موجودة».

من يرحم هذا الشعب؟!

> المواطن علي محمد عبدالقوي: «في عدن بالذات كل أكل أهل هذه المدينة كوجبة رئيسية الصيادية التي تعمل من الأرز وسمك الديرك أو الثمد والبعض الآخر يأكل الأرز مع الصانونة التي هي عبارة عن سمك السخلة أو الشروة ثم فوجئ أهل هذه المنطقة أنهم لم يعد بمقدروهم شراء السمك لتحضير وجباتهم الرئيسية المذكورة آنفاً.

وذلك بسبب تصدير السمك الى الخارج، وما تبقى ارتفع سعره، هذا الشعب حينما كان يأكل سمك (الشارلستون) الدعلك وكذلك سمك أبوسنة في فترة سابقة بسعر يتناسب ودخل الفرد وهناك أسماك ذات جودة كان المواطن يتعامل بها كغذاء سابقا، أما الآن توجد محتاجات المواطن ولكنه لا يستطيع شراءها. فهل من يخاف مقام ربه ويرحم هذا الشعب الأبي المضياف والكريم الذي يطحنه غلو هذه الأسعار التي لا ترضي الله ولا رسوله.. والله المستعان».

وصول الأسماك إلى حراج صيرة
وصول الأسماك إلى حراج صيرة
وعند جهينة الخبر اليقين!

> وفي الأخير التقينا الأخ هاشم ربيع أحمد، مستشار جمعية صيادي خليج صيرة السمكية بمحافظة عدن وسألناه: حتى في موسم الرياح والأعاصير كان المواطن يحصل على وجبة سمك معقولة بعيدا عن الأسعار المبالغ فيها.. كيف؟

ولماذا تتوفر الكميات الهائلة بمختلف المدن غير الساحلية بينما في المدن الساحلية شحيحة إن لم تكن معدومة؟

- في الحقيقة علينا ألا ننظر إلى هذه الإشكالية بشكل مجرد فهناك جملة من الوقائع أفضت إلى ما أفضت إليه من مثل هذا الحال. ومن جانب آخر ألا ننظر بعين الماضي ومن زاوية ضيقة لحل هذه الإشكالية وعندما نتحدث عن تلك الوقائع فإنها نتاج :

-1 لغياب آلية الدولة الاقتصادية هذه الآلية تكاد تكون مفقودة تماما لمعالجة قضايا الثروة السمكية وما تواجهها من ممارسات مضرة، -2عدم وضوح في السياسة التنموية لتنمية مصادر الثروة السمكية تلك الآلية لا تنظر على أن الثروة السمكية ثروة متجددة (حية) تحتاج إلى رعاية واهتمام ورقابة صارمة من حيث حماية بيئتها البحرية وتنظيم طرق الصيد وتحديد وسائله أيضا، دراسة المخزون السمكي فيها وتحديد الحجم المسموح به للاصطياد، تمكين الحياة البحرية من إكمال دورتها في النمو والتجدد، هناك في الحقيقة تدمير للبيئة البحرية ومصادر الثروة السمكية ليس فقط من قبل الاصطياد التجاري.

بل أيضا من قبل الصيادين أنفسهم بسبب انعدام الوعي وغياب التوجيه والإرشاد السمكي.

هذه ثروة حية متجددة ويشتغل في إنتاجها آلاف الصيادين وليست حقل نفط يعمل عليه مجموعة من العمال وإذا فسد ينتقل العمال إلى آخر.

قد يقول قائل هناك قوانين أصدرتها الدولة لتنظيم الصيد وحماية الأحياء البحرية، هذا صحيح .ولكن علينا أن ندرك جيدا أن القانون أي قانون أعمى لا يمكن أن يجد طريقه للتنفيذ إلا إذا أمسك بزمامه رجل حي يدرك حاجة الأجيال القادمة.

أما إذا أمسك بزمامه رجل أعمى لايرى أبعد من كرشه فإن قوانيننا لن تجد طريقها للتنفيذ.دور الدولة الاقتصادي والإجرائي ينحسر تدريجيا بل يكاد يتلاشى أمام نفوذ المستثمرين وهم في الحقيقة متنفذون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى