يحبهم ويحبونه

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> عرفنا أن (الحب) هو: ميل القلب الدائم الهائم، بل هو راحة الروح، وسعادة النفس، ورضا الضمير، وسكون الوجدان، وانسجام المشاعر، وائتلاف الأحاسيس، وارتقاء العواطف، والتقاء المسافات، هو (طاقة) تولد (طاعة) توحي بالمثول المخبت، والقبول الراضي، والأنس السار، ويتماهى مقام (الحب) مع مقام (الطاعة) ولهذا قال الشاعر:

تعصى الإله وأنت تظهر حبه

هذا لعمري في القياس بديع

لوكان حبك صادقاً لأطعته

إن المحب لمن يحب مطيع

وأعظم الحب أشرفه، وأطهره وأنظفه هو (حب الله) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«أحبوا الله لما يغذوكم به من نعم، وأحبوني لحب الله إياي، وأحبوا أهل بيتي لحبي» رواه الترمذي.. وفي هذا الحديث النبوي تعليل دقيق عميق، ومعنى رقيق رشيق، إذ علل حبنا لله تبارك وتعالى لما أنعم علينا من نعم ظاهرة وباطنة، وما منح من عطايا كريمة وباهرة (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) إبراهيم 34. فلينظر الإنسان مم خلق، ولينظر الإنسان إلى طعامه، ولينظر إلى الوجود كله حوله ليرى آثار رحمة الله، وبديع صنع الله الذي أتقن كل شيء، وابتدأنا بنعمه، وأفاض علينا من كرمه، فضلاً من الله ونعمة دون أن نسأله، وهو الذي بدأ بالعطاء والجود، واستحق أن يكون المحبوب المعبود والمؤمن الموحد يحب ربه حباً خالصاً صادقاً غامراً، لأنه هو الذي أنعم ومنَّ وتفضل وجاد وتكرَّم وأعطى ومنح وأجزل، ويجب عليه أن يقبل على ربه محباً مخبتا راغباً طالباً مؤمنا مذعناً، كما أن عدم محبة الله دليل مرض في القلب، وخبث في النفس، وجحود في الضمير، وجمود في المشاعر، وشيطنة في الرغبات، وحيوانية وبهيمية في الأحاسيس، فتجد أولئك (لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) الأعراف 179.

ومحبة الله تكون في القلب فتعمه كله، وتضيئه، تنوره، وتتغلغل فيه، وتمتد إلى شغافه فيشغف بذكر الله الذي قال في الحديث القدسي «أنا مع عبدي إذا ذكرني». محبة الله لا تترك مجالاً لمحبة غيره، ولا تسمح للقلب أن يغفل لحظة عنه.. وإن القلب لابد أن يصفو كله لله، ولابد أن يهفو دائماً للقاء الله، لأن «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه».

إن الذي يحب الكفر والشرك والرذيلة لايحب الله إذ لو أحبه لأحب الإيمان والتوحيد والفضيلة، والذي يوالي الظالمين والكافرين والمستكبرين واللصوص لايحب الله، لأنه لو أحب الله لأحب المستضعفين وساند المظلومين، وقاوم المستكبرين، وعادى اللصوص. إن الذي يحب الله يجب أن يحب كل شيء يحبه الله، ويتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفقاً لمنطوق الآية المقدسة(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله) آل عمران31.

فلننظر ماذا يحبه الله، ولنسأل أنفسنا: هل أحببناه كما أحبه الله؟!

(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) البقرة 222 فهل نحن منهم لنظفر بحبه وقربه ؟!

(إن الله يحب المتقين) آل عمران 76

فهل اتقيناه ، واتبعنا هداه حتى نتشرف بولايته ورعايته ؟!

(والله يحب الصابرين) آل عمران 146

فهل صبرنا، أم جزعنا وضجرنا واستعجلنا وما انتظرنا؟!

(إن الله يحب المتوكلين) آل عمران 159 فهل توكلنا أم تواكلنا ثم تنازعنا وفزعنا وتآكلنا؟!

(إن الله يحب المقسطين) المائدة 42 فهل عقلنا وعدلنا؟! أم بسطنا وظلمنا وأكلنا؟!

اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.. آمين

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى