> واشنطن «الأيام» سو بليمنج:

تمثل زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس لليبيا هذا الأسبوع، وهي أول زيارة يقوم بها وزير خارجية أمريكي لليبيا منذ أكثر من نصف قرن، علامة واضحة على تحسن العلاقات، غير أن محو عقود من عدم الثقة وإرث من العنف سيستغرق وقتا.

وتحسنت العلاقات بين البلدين منذ أعلنت ليبيا في عام 2003 أنها ستتخلى عن أسلحة الدمار الشامل، غير أن عملية التحول الكبير شابتها سلسلة من هجمات القنابل إلى جانب الارتياب الطبيعي في دولة كانت منبوذة في السابق.

وقال جون ألتر مان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، «تاريخ التحول في علاقاتنا مع ليبيا يشير إلى أن الأمور استغرقت وقتا أطول مما كان أحد يتوقع». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون مكورماك للصحفيين أمس معلنا نبأ الرحلة «إنها زيارة تاريخية تعلن بالتأكيد فتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية الليبية». ويتوقع أن تلتقي رايس خلال رحلتها التي تستمر من الرابع إلى السابع من سبتمبر بالزعيم الليبي معمر القذافي.

كما ستشمل رحلتها دول المغرب العربي الثلاث الأخرى تونس والجزائر والمغرب قبل العودة إلى واشنطن يوم الأحد.

وكان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون فوستر دالاس هو آخر وزير خارجية أمريكي يزور طرابلس، وذلك في عام 1953.

وتأتي زيارة طرابلس عقب توقيع اتفاق في 14 اغسطس بين ليبيا والولايات المتحدة لتسوية مطالب الجانبين بشأن تعويضات تتعلق بتفجيرات.

وشمل الضحايا الأمريكيون أولئك الذين قتلوا في تفجير طائرة فوق لوكربي بأسكتلندا في عام 1988، وهو حادث أودى بحياة 270 شخصا، وتحملت ليبيا المسئولية عنه، وكذلك ضحايا الهجوم على ملهى ليلي في برلين في عام 1986، الذي قتل فيه ثلاثة أشخاص وأصيب 229. ويعوض الاتفاق أيضا ليبيين قتلوا في عام 1986 عندما قصفت طائرات أمريكية طرابلس وبنغازي، وقتل في الهجمات 40 شخصا.

وقال ديفيد حمود المسئول بغرفة التجارة الوطنية الأمريكية العربية «أعتقد أن هذه الزيارة مهمة للغاية من الناحية الرمزية، لأنها ترسل إشارة مفادها أن آخر العقبات السياسية الباقية يجري إزالتها.

لكن بناء صداقة تجارية وثقافية قوية يستغرق وقتا، وقد قيل لنا على مدى عقود إن الطرف الآخر دولة منبوذة». وكانت ليبيا تتوقع بعد تخليها عن أسلحة الدمار الشامل دفئا فوريا في العلاقات، وعم التفاؤل واشنطن بشأن الحصول على اتفاقات نفطية مربحة.

وألغت الولايات المتحدة كثيرا من العقوبات، ورفعت ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، واستأنفت العلاقات الدبلوماسية معها في عام 2006، غير أن التقدم في توثيق العلاقات توقف. ويتضح عدم الثقة الذي لايزال قائما في العقبات البيروقراطية على الجانبين في إصدار تأشيرات دخول وإقامة سفارات عاملة بشكل كامل رغم إعلان رايس في عام 2006 أن العلاقات الدبلوماسية الكاملة قد استؤنفت.

ولاتزال السفارة الأمريكية تتخذ من فندق في طرابلس مقرا لها، ويتعين إصدار أغلب التأشيرات في تونس.

وفي واشنطن تقع السفارة الليبية في مجمع ووترجيت، بعدما فشلت محاولات لشراء عدة مبان للسفارة، فيما يرجع إلى حد بعيد إلى غياب الموافقة الأمنية من الحكومة الأمريكية. كما عطل مجلس الشيوخ الأمريكي إقرار السفير الأمريكي إلى ليبيا بسبب قضايا التعويضات.

وقالت بريندا سميث المسئولة برابطة ليبيا تريد ميشن، وهي جماعة أمريكية للنهوض بالتجارة، «يلاحظون غطرسة من جانبنا لاسيما عندما يتعين عليهم التعامل مع كل تلك الأنواع من المسائل البيروقراطية». وفي الوقت الذي تأمل فيه الشركات الأمريكية في أن يعزز الانفراج الأخير الاحتمالات التجارية مع بلد يملك أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، ينظر إلى مناخ الاستثمار على أنه لايمكن التنبؤ به، مثله في ذلك مثل الزعيم الليبي معمر القذافي.

وقارن القذافي بين علاقات طرابلس التي تعززت حديثا مع إيطاليا والعلاقات مع الولايات المتحدة.

وقال أمس الأول إن ليبيا لاتطمح لأن تصبح صديقة للولايات المتحدة، وإنها تريد فقط أن تتركها واشنطن وشأنها كما تترك ليبيا الولايات المتحدة وشأنها.

ويشعر مسئولون أمريكيون بالإثارة بشأن زيارة رايس، إلا أنهم يشعرون بالقلق بخصوص احتمال أن يحرج القذافي الوزيرة الأمريكية.

وقال مايكل دان من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي «لاتعلم أبدا متى ستنزلق قدمك في قشرة الموز، ومتى سيحدث شيء غير عادي يصعب تفسيره». وقال دان إنه رغم الإعلان عن اتفاق التعويضات فالتفاصيل محدودة و«غامضة»، وهو ما يمكن أن يصبح مصدرا للتوتر في المستقبل بين البلدين.

وقال جيمس كيتيرر نائب رئيس جامعة ولاية نيويورك «من بين الأمور الغامضة في كل هذا مصدر التمويل وما إذا كان أغلبه سيتم مع مؤسسة يتم إنشاؤها وتدفع لها مصالح تجارية. السؤال هو من سيضخ الأموال..من سيدير الأموال وكيف سيتم صرفها».

وهناك أيضا توترات بشأن سجل القذافي في مجال حقوق الإنسان ومعاملته للمعارضين، ومن بينهم فتحي الجهمي المسئول المحلي السابق المحتجز في مركز طبي في طرابلس، رغم مناشدات من الولايات المتحدة وجهات أخرى للإفراج عنه.

وقال ألتر مان وهو أيضا خبير في الشؤون الليبية إن من المرجح أن تثير رايس قضية حقوق الإنسان وقضايا أخرى مع القذافي، لكن الهدف الرئيسي للزيارة هو إظهار حدوث تغير في العلاقات.

وأضاف «ستكون لديها الموضوعات التي تريد التحدث عنها وسيكون لديه موضوعاته أيضا.. لكن الاجتماع في حد ذاته هو الرسالة هنا». شارك في التغطية مكتب طرابلس.. رويترز