يحبهم ويحبونه

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> سُئل ذو النون المصري عن المحبة فقال:«المحبة أن تحب ما أحبه الله وتبغض ما أبغضه الله، وتفعل الخير كله، وترفض كل ما يشغل عن الله، وألا تخاف في الله لومة لائم، مع العطف للمؤمنين، والغلظة على الكافرين، واتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».

وأوضح أن العبارة السالفة قد استلهمت الآية المقدسة في قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم» (المائدة 54).

وقد ذكر السيوطي (توفي 911 هـ) في (الدر المنثور) وصديق حسن خان، قالا: أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره، والبخاري في تاريخه، والحاكم في الكنى والألقاب والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الآية فقال: هؤلاء هم أهل اليمن».

والمتأمل في الآية يجد فيها تهديدا ووعيدا وتحذيرا ونذيرا لكل من (يرتد) أو يتراجع، أو يغير أو يتقهقر.. والرد على هذا التراجع والارتداد، قد تكفل به الله ذو القوة المتين، ووعد- ووعده حق- بأن يأتي بقوم- ولاحظوا الكلمة التي جاءت في صيغة النكرة لتدل على العموم واتساع الدلالة- يتصفون بأنه هو (يحبهم) جل في علاه، اختصهم بحبه، وأدناهم من قربه واصطفاهم ليكونوا أحبابه.. كما أنهم هم أنفسهم (يحبونه)، ويحبون ما يحبه من كل أعمال البر والخير والرحمة.. وصفات هؤلاء المحبين والمحبوبين هي:

1- أذلة على المؤمنين، أي هم (متواضعون) التزموا بأمر الله «واخفض جناحك للمؤمنين» (الحجرة 8) فيتعاملون أخوة، مطبقين القول المحمدي «لاتحاسدوا، ولاتناجشوا، ولاتباغضوا، ولاتدابروا، ولايبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايحقره، ولايخذله، بحسب امرئ أن يحقر أخاه المسلم» (رواه مسلم)، ولست أظن أن أكثر المسلمين- الآن- على النقيض البغيض من هذا القول النبوي، إلا من رحم ربك.. وقليل ما هم.

2- أعزة على الكافرين، أي يستشعرون معنى (العزة) الإيمانية، عزة التوحيد، واليقين والعمل الصالح والعقيدة الصحيحة. قال تعالى «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين» (المنافقون 8) بينما نجد أن هناك (أنظمة) و(حكومات) و(دولا) إسلامية ذليلة خاضعة خانعة أمام الكافرين. قال تعالى «أيبتغون عندهم العزة، فإن العزة لله جميعا» (النساء 139).

3- يجاهدون في سبيل الله، أي أن جهادهم خالص لله، مخلص لوجه الله، ليس جهادا بالوكالة، ولا جهادا ضد المسلمين، يروع آمنهم، ويقتل مؤمنهم، ويقطع طريقهم، ويهدم منجزاتهم، ويخيف مستأمنهم، إنه ليس جهاد التكفير والتفجير والتبديع والتضليل، ورفض معطيات الحياة المعاصرة التي لاتتعارض مع ديننا، لدرجة أن بعضهم (حرم) لبس البنطلون، ولعب الكرة، وصولا إلى الانتخابات والمجالس النيابية!! وحتى صحيفة «الأيام» لم تسلم من تكفيرهم!!.

4- لايخافون لومة لائم، وهنا يأتي الاعتزاز بالإيمان، والصدق مع الله، والموقف الصلب في الزمن الصعب لمواجهة الفراعين والقوارين المعاصرين الذين نشروا البنوك الربوية حتى في مكة المكرمة والمدينة النبوية!! وجميع البلاد الإسلامية، وقهروا الشعوب، واضطهدوا المظلومين.. وإلى الله المشتكى وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى