يحبهم ويحبونه
> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:
> قال تعالى: «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين» (البقرة 222).
جاء في لسان العرب لابن منظور (توفي 611): «التوبة: الرجوع من الذنب.. وتاب إلى الله يتوب توبا وتوبة ومتابا: أناب ورجع عن المعصية إلى الطاعة.. ورجل تواب: تائب إلى الله، والله تواب: يتوب على عبده».
وقال أبو منصور: «أصل (تاب) عاد إلى الله ورجع وأناب.. وتاب الله عليه أي: عاد عليه بالمغفرة، وقوله تعالى: «وتوبوا إلى الله جميعا» أي: عودوا إلى طاعته وأنيبوا إليه.. والله التواب: يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه». انتهى بتصرف.
والأفعال (آب يووب، تاب يتوب، ثاب يثوب) تدل على معنى (العودة والرجوع). جاء في مقدمة (باب التوبة) من كتاب (رياض الصالحين) للإمام النووي (توفي 676هـ).. قال العلماء: «التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى، لاتتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط: أحدها: أن يقلع عن المعصية، والثاني: أن يندم على فعلها، والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبدا، فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه، أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها، ويجب أن يتوب (المسلم والمسلمة) من جميع الذنوب».
هذا النوع من الناس (التوابين) يحبه الله، لأنه (إيجابي) يعزر إيجابيته بالإقلاع والامتناع عنه كل ما هو سلبي سيئ يشينه عند الناس، ويهينه عند الله، يحبه الله لأنه (حساس) الضمير (شفاف) الشعور، نفسه لوامة، عن المعاصي صوامة، وبحق الله وعباده قوامة، تشعر بعد كل ذنب بالندامة، وتحس بعد كل معصية بالضجر والسآمة.. يحبه الله لأن لديه (عزيمة) ترفض السقوط والهزيمة، في مستنقعات الذنوب الوخيمة!.
وكلمة (التوابين) جاءت بصيغة المبالغة (توّاب على وزن فعّال) لتدل على كثرة الأوبة، وسرعة التوبة، واستعجال التخلص من الحوبة، لأنه يعلم أن الله يبسط يده ليلا ونهارا ليخلص عباده من ذنوبهم. الله جل في علاه (يحب التوابين) لأنهم «إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون» (آل عمران 135).. (ذكروا الله) لأن (من أحب شيئا أكثر من ذكره).. (استغفروا لذنوبهم) لأن نبيهم الأعظم صلى الله عليه وسلم علمهم أن «من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لايحتسب» (رواه أبو داوود والحاكم وأحمد وضعفه ابن حبان).. (ولم يصروا على ما فعلوا) لأن الإصرار مبارزة لله بالمعاصي، وحرمان للنفس من التوبة!.
ومثلما يحب الله (التوابين) فهو (يفرح بهم)، ففي الحديث المتفق عليه قال عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه: «لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة».. بل الحديث التالي الذي رواه مسلم أرجى أملا، وأحسن تصويرا، وأعمق تمثيلا وهو: «لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح» (رواه مسلم برقم 2747 والبخارى 19/11).
ومازالت نداءات القرآن تهيب بنا، تدعونا، تحثنا، تحضنا «توبوا إلى الله توبة نصوحا» (التحريم 8). فلنجب ولنقل: تبنا إلى الله ورجعنا، وندمنا على ما فعلنا، وعزمنا على ألا نعود لذنب أبدا.. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
مدرس بكلية التربية
جامعة عدن
جاء في لسان العرب لابن منظور (توفي 611): «التوبة: الرجوع من الذنب.. وتاب إلى الله يتوب توبا وتوبة ومتابا: أناب ورجع عن المعصية إلى الطاعة.. ورجل تواب: تائب إلى الله، والله تواب: يتوب على عبده».
وقال أبو منصور: «أصل (تاب) عاد إلى الله ورجع وأناب.. وتاب الله عليه أي: عاد عليه بالمغفرة، وقوله تعالى: «وتوبوا إلى الله جميعا» أي: عودوا إلى طاعته وأنيبوا إليه.. والله التواب: يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه». انتهى بتصرف.
والأفعال (آب يووب، تاب يتوب، ثاب يثوب) تدل على معنى (العودة والرجوع). جاء في مقدمة (باب التوبة) من كتاب (رياض الصالحين) للإمام النووي (توفي 676هـ).. قال العلماء: «التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى، لاتتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط: أحدها: أن يقلع عن المعصية، والثاني: أن يندم على فعلها، والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبدا، فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه، أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها، ويجب أن يتوب (المسلم والمسلمة) من جميع الذنوب».
هذا النوع من الناس (التوابين) يحبه الله، لأنه (إيجابي) يعزر إيجابيته بالإقلاع والامتناع عنه كل ما هو سلبي سيئ يشينه عند الناس، ويهينه عند الله، يحبه الله لأنه (حساس) الضمير (شفاف) الشعور، نفسه لوامة، عن المعاصي صوامة، وبحق الله وعباده قوامة، تشعر بعد كل ذنب بالندامة، وتحس بعد كل معصية بالضجر والسآمة.. يحبه الله لأن لديه (عزيمة) ترفض السقوط والهزيمة، في مستنقعات الذنوب الوخيمة!.
وكلمة (التوابين) جاءت بصيغة المبالغة (توّاب على وزن فعّال) لتدل على كثرة الأوبة، وسرعة التوبة، واستعجال التخلص من الحوبة، لأنه يعلم أن الله يبسط يده ليلا ونهارا ليخلص عباده من ذنوبهم. الله جل في علاه (يحب التوابين) لأنهم «إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون» (آل عمران 135).. (ذكروا الله) لأن (من أحب شيئا أكثر من ذكره).. (استغفروا لذنوبهم) لأن نبيهم الأعظم صلى الله عليه وسلم علمهم أن «من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لايحتسب» (رواه أبو داوود والحاكم وأحمد وضعفه ابن حبان).. (ولم يصروا على ما فعلوا) لأن الإصرار مبارزة لله بالمعاصي، وحرمان للنفس من التوبة!.
ومثلما يحب الله (التوابين) فهو (يفرح بهم)، ففي الحديث المتفق عليه قال عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه: «لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة».. بل الحديث التالي الذي رواه مسلم أرجى أملا، وأحسن تصويرا، وأعمق تمثيلا وهو: «لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح» (رواه مسلم برقم 2747 والبخارى 19/11).
ومازالت نداءات القرآن تهيب بنا، تدعونا، تحثنا، تحضنا «توبوا إلى الله توبة نصوحا» (التحريم 8). فلنجب ولنقل: تبنا إلى الله ورجعنا، وندمنا على ما فعلنا، وعزمنا على ألا نعود لذنب أبدا.. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
مدرس بكلية التربية
جامعة عدن