يحبهم ويحبونه

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> «أحب العباد إلى الله أنفعهم لعياله»، وفي رواية «لعباده»..كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضح أن لله عباداً من خلقه جعل فيهم«منفعة» لعبادة، وهؤلاء العباد النافعون اجتماعياً، الصالحون أخلاقياً، الملتزمون سلوكيا هم «أحب» الناس لأنهم يقدمون للناس كل خير، ابتداء من «الكلمة الطيبة» و«إفشاء السلام» و«كف الأذى» و«نشر الخير» و«إشاعة المعروف» و«محاربة المنكر» و«مقاومة الفساد» و«السعي على العيال» و«الإتقان في العمل» و«الالتزام الوظيفي» و«الإنفاق المعتدل» و«البذل السخي» و«التربية الطيبة» و«المعاملة الحسنة» و«الجهاد» في كل مجالات الحياة: علمياً وبيئياً وتربوياً واقتصادياً وأسرياً وتنموياً.. إلخ.

لماذا يحب الله هؤلاء؟

والجواب: لأنهم أدركوا أن حقيقة الإيمان هو «الحب» الذي به يكتمل الإيمان، ويقوى اليقين، وينتشر الخبر، ويفشو السلام، ويزول الخصام، ويختفي النزاع والشقاق، ويحل الود والوفاق ، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم.

إذاً، بداية الحب هو «السلام» فإذا ما شاع السلام حل الوئام، وارتفع الحقد والخصام، والقرآن قد تحدث عن أجدادنا اليمنيين وهم «أول من جاء بالمصافحة» رواه أبو داود. بأنهم كانوا (يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) الحشر9.. هذا «الحب» هو الذي دفعهم لأن يؤثروا ولو كانوا في حاجة إلى الطعام فتجدهم (يطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله) الإنسان 8 و9. ولهذا أثنى النبى صلى الله عليه وآله وسلم على أجدادنا الأشعريين اليمانيين من زبيد إذ قال:«إن الأشعريين إذ أرملوا في الغزو أوكل طعام عيالهم جمعوا ما كان معهم في ثوب واحد فاقتسموه فيما بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم» متفق عليه.

«أحب الناس» هم هؤلاء وأمثالهم ممن يحتاج إليهم مجتمعنا الإسلامي المنكوب بالغلاء والمنهوب بالاستحواذ، والمظلوم بالأثرة، والمسحوق باستبداد المتنفذين المعاصرين «قوارين: جمع قارون» هذا الزمان الرديء، زمن الأنانية (الأصح: الأنوية) والاستحواذ والاستثئار ممن برئت منهم ذمة الله لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«أيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله» رواه أحمد .

وقد روى مسلم في كتابي الزكاة والعلم حادثة قوم عراة فقراء جياع (فتمعر:تغير) وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وغضب، لأنه لا يريد أن يرى مسلما «شحاتا» سائلاً يسأل الناس بل علمنا أن «اليد العليا خير من اليد السفلى» ولذلك خطب فيهم «أحب العباد إلى الله» على الإطلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «تصدق رجل من ديناره من درهمه، ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره حتى قال:ولو بشق تمرة، ثم جاء رجل من الأنصار بصدقة كادت كفه تعجز عن حملها، فتتابع الناس حتى تكون كومان من طعام وثياب حتى تهلل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه مذهبة (أي صاف مضيء) من شدة فرحه، ثم قال:«من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» وهذه هي درجة «ياجبريل إني أحب فلاناً فأحبه» لأن أحب الناس عند الله أنفعهم لعباد الله.. فهل سنكون منهم حتى يقول لنا الله «وألقيت عليك محبة مني» وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى