أمراض الأنف والأذن والحنجرة في رمضان

> «الأيام» د. مهيب عوض محمد عباد:

> نتناول في موضوعنا هذا بعض أمراض الأنف والأذن والحنجرة التي قد تصيب الشخص في رمضان وذلك في الأغلب لتزامن هذا الشهر الكريم مع فصل الصيف وأيضا نتيجة لبعض العادات الغذائية والحياتية الخاطئة .

إن غايتنا من استعراض هذه الأمراض وطرق الوقاية والعلاج هي أن ينعم الصائم بالعبادة في هذا الشهر الفضيل دون منغصات أو متاعب ولنفي هذا الشهر حقه من الصوم والعبادة والتكافل الاجتماعي .

التهاب البلعوم

يعتبر التهاب البلعوم من أكثر الأمراض شيوعا في هذا الشهر الفضيل وذلك يعود:

أولاً : إلى المبالغة في شرب السوائل الباردة جداً لتعويض حرارة الصيف والعطش ناهيك عن أن معظم العصائر المستخدمة تكون من الحمضيات ومعروف أن المشروبات الباردة والحامضة بشكل عام تقلل من المناعة الموضعية وذلك عن طريق تضييق الشعيرات والأوعية الدموية وبالتالي تحول دون وصول عدد أكبر من جنود الجسم (كريات الدم البيضاء) إلى المنطقة المستهدفة من قبل الفيروسات أو البكتيريا فتساعد على انتشارها دون رادع .

ثانياً: لأن العلم الحديث أثبت أن جزءا كبيرا من الالتهابات البلعومية مرتبط بارتجاع أحماض المعدة عن طريق المريء إلى البلعوم مما يسبب تخرشات في جدار البلعوم وبالتالي الالتهاب وكما نعرف أن زيادة إفراز أحماض المعدة مرتبط بالإفراط في أكل الأطعمة المحتوية على نسب عالية من الزيوت والبهارات مثل الفلفل الحار(البسباس) بكل صوره وجميعنا يعرف أن هذه الأطعمة هي الشائعة لدينا في هذا الشهر الكريم . لذا ننصح بتجنب هذه الأطعمة خاصة للأشخاص المصابين بقرحة المعدة أو الارتجاع أو الالتهابات البلعومية المزمنة .

التهاب اللوزتين

يعتبر التهاب اللوزتين أحد أكثر الالتهابات شيوعاً بين الأطفال والمراهقين وخاصة في فصل الصيف وفي رمضان حيث تستخدم المشروبات الباردة بكثرة بالإضافة إلى الآيسكريم ولا ننسى إهمال الأهل حيث يكثر الأولاد من الأكل خارج المنزل وننصح من تتكرر عليه الالتهابات أكثر من (7) مرات في السنة التوجه إلى الاختصاصي لاستئصالهما تجنباً للمضاعفات .

التهاب الحنجرة

أهم أسبابه عادة الالتهابات الفيروسية والاستخدام الخاطئ للصوت بالإضافة إلى الحساسية وبالنسبة للاستخدام الخاطئ للصوت فهو يحدث عادة نتيجة للمبالغة في رفع الصوت أو الضغط عليه لتنويع النبرات والنغمات. وهو يحدث في الغالب للخطباء والأئمة ولمن يقرءون القرآن بصوت مرتفع ولفترات طويلة ونصيحتنا لهؤلاء عدم المبالغة وهم قادرون على القيام بمهامهم دون ضرر وذلك بالتزامهم بقواعد التجويد والخطابة .

ولا أظن أن زيادة الصوت توصل النصيحة أسرع ، نعم إن التغيير في الصوت والنبرة يخدم الخطيب والواعظ في شد انتباه الحضور ولكن ذلك يجب أن يكون ضمن حدود وبطريقة مدروسة ، أما بالنسبة لقراءة القرآن بصوت مرتفع ولفترات طويلة فلا أظن أن الأجر يزداد كلما زاد الإنسان من صوته هذا ناهيك عن التشويش الذي قد يحدثه لم يصلون أو يقرءون القرآن من حوله .

ويظهر التهاب الحنجرة عادة بشحاب وألم عند الكلام وتتلخص طرق العلاج الأولية في التقليل من الكلام وذلك لإراحة الحبال الصوتية الملتهبة واستنشاق بخار الماء مضافاً إليه الحبة السوداء وشرب المشروبات الدافئة المحتوية على الزيوت الطيارة مثل الزنجبيل والزعتر وإذا لم تنفع هذا الإجراءات واستمر الشحاب لأكثر من أسبوعين عندها يجب استشارة الاختصاصي لعمل منظار للحنجرة .

الزكام

يعتبر الزكام من الأمراض التي لم يكتشف لها العلم دواءً شافياً وهو من أبسط الأمراض وأكثرها شيوعاً ويعود ذلك إلى أنه فيروسي المنشأ وكل الأدوية التي تعطى عادةً عبارة عن مسكنات. ينتشر هذا المرض عن طريق الهواء من الشخص المصاب إلى الشخص السليم ويكثر انتشاره في الأماكن المزدحمة ويعتبر شرب المشروبات الباردة والتعرض للبرودة المفاجئة أحد أهم الأسباب المساعدة على الإصابة بهذا المرض .لذا ننصح المصاب بهذا المرض بالراحة قدر الإمكان وبشرب المشروبات الدافئة وباستخدام الأدوية المسكنة وخاصة قطرات الأنف ( من 3-5 أيام فقط) وذلك لمنع احتقان الإفرازات في الجيوب الأنفية مما يشكل بيئة خصبة للبكتريا وبالتالي يتحول من زكام بسيط إلى التهاب في الجيوب الأنفية مما يستدعي استخدام المضادات الحيوية ولفترة لا تقل عن أسبوعين. ويعتبر الاستنشاق في الوضوء من أهم الطرق التي تساعد على تنظيف الأنف ومنع احتقان الجيوب الأنفية ولكن يجب عدم المبالغة عندما يكون الشخص صائماً اتباعا للسنة .

التحسس الأنفي

تعتبر أمراض الحساسية عموماً من الأمراض المزمنة ، وأهم خطوة في علاجها هي الابتعاد عن العوامل المهيجة ، وبالنسبة للتحسس الأنفي فهو يزداد في فصل الصيف نتيجة للرطوبة وللرياح الترابية. وقد لاحظنا ازدياده أكثر في شهر رمضان خاصة لدى النساء وذلك نتيجة للفترات الطويلة التي يقضونها في قلي الأطعمة الشائعة في رمضان مما يسبب لهن نوبات من العطاس أو السعال المتكرر ولما لذلك من خطورة لذا ننصح بالتجنب أو التقليل من التعرض للدخان المنبعث أثناء القلي،بالإضافة إلى تجنب الاستخدام المفرط لمواد التنظيف الكيميائية .

أما بالنسبة للأطفال فهناك دراسات علمية طريفة تؤكد انتشار التحسس الأنفي خاصة والحساسية عموماً في الأسر التي تهتم كثيراً بالنظافة والتي قلما يمرض أطفالها وذلك لأن الالتهابات المتكررة في الصغر تساعد على تنمية وتقوية الجهاز المناعي وما الحساسية إلا أحد أمراض الجهاز المناعي غير الناضج .

وأما بالنسبة لعلاجات التحسس الكيميائية فهي في الغالب إما مضادات الهستامين التي تأخذ عن طريق الفم (أقراص) أو البخاخات الأنفية الاسترودية وتكمن أهمية استخدام هذه الأدوية في أنه بحسب الدراسات العلمية فإن %40-30 من حالات التحسس الأنفي إذا لم تعالج بالأدوية المذكورة آنفاً تتحول إلى تحسسات صدرية أو ما يسمى بالربو .

التهابات الأذن الخارجية

تتعدد أسباب التهابات الأذن الخارجية بين الفطريات والبكتريا والفيروسات بالإضافة إلى الحساسية، ولكن أكثرها شيوعاً لدينا هي الفطريات وذلك لأن الجو الحار والرطب يعتبر بيئة خصبة لنمو الفطريات بالإضافة إلى أن الناس يكثرون من الاستحمام والسباحة في البحر في فصل الصيف وخاصة في رمضان فيدخل بعض هذه المياه المحتوية علي الفطريات إلى الأذن الخارجية وتبدأ بالتكاثر وأولى أعراضها هي الحكة الشديدة في الأذن فليجأ الشخص إلى استخدام أشياء مختلفة لحك الأذن ثم يبدأ الالتهاب بالظهور كتورم وألم شديد خاصة عند الأكل أو عند تحريك الأذن حتى أن بعض الكتب الطبية تشبهه بآلام الولادة من شدته .

وعلاج هذه الحالة بسيط ويتمثل بتنظيف الأذن من الفطريات من قبل الطبيب الاختصاصي وإعطاء المريض مضادا للفطريات .

وهنا نشير إلى حقيقة مهمة هي أن الله قد خلق الأذن بآلية تنظيف ذاتية وأن إفراز شمع الأذن هو جزء من آلية حماية الأذن لنفسها فهو يعتبر مضادا للبكتيريا والفطريات وله رائحة طاردة للحشرات .لذا فإن عادة تنظيف الأذن الشائعة بين الناس هي عادة خاطئة ناهيك عن أن عيدان تنظيف الأذن المنتشرة غير صحية وغير مفيدة .

ولمن يشتكون من الإفراز الزائد للشمع أو من دخول الأتربة إلى أذانهم ننصحهم باستخدام زيت الزيتون الدافئ .

ولن أجد موضوعي هذا مكتمل الفائدة ما لم أورد قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في جدة خلال الفترة من 28-23 صفر 1418هـ (28يونيو - 3يوليو 1997م ) وهي:

أولاً : الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:

-1 قطرة العين ، أو الأذن ، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف أو بخاخ الأنف ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .

-2 الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .

-3 ما يدخل المهبل من تحاميل أو غسول أو منظار مهبلي أو إصبع للفحص الطبي .

-4 إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.

-5 ما يدخل الاحليل ، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى من قسطرة (أنبوب دقيق ) أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.

-6 حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.

-7 المضمضة والغرغرة وبخاخ العلاج الموضعي للفم ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .

-8 الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية باستثناء السوائل (المحاليل) والحقن المغذية.

-9 غاز الأوكسجين .

-10 غازات التخدير ( البنج ) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية .

-11 ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهانات والمراهم واللاصقات العلاجية الجلدية بالمواد الدوائية أو الكيميائية.

-12 إدخال قسطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتطوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.

-13 إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.

-14 أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .

-15 منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى،

-16 دخول أية أدوية أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .

-17 القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة).

ثانيا : ينبغي للطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق .

اختصاصي أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة محاضر بكلية الطب جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى