شهر انبلاج الأنوار القرآنية والمحمدية

> «الأيام» يحيى عبدالله قحطان:

> قال تعالى:(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).

إننا ونحن نعيش أياما وليالي مباركة من شهر رمضان الكريم فإنما نعيش تلك النفحات القدسية والبركات الصمدية والفتوحات الربانية التي اختص الله بها هذا الشهر الفضيل الذي فضله الله على سائر الأشهر.

حقا إنه شهر القرآن، شهر التقى والغفران والجود والإحسان، شهر إشراق شمس الهداية الربانية، وانبلاج الأنوار القرآنية والمحمدية، وانبعاث الأمة الإسلامية، إنه شهر الاستظلال بوارف ظلال أكمل الكتب السماوية المنزلة لهداية الناس أجمعين من خزائن رب العالمين، ومكنونه العلم المبين الذي أنزل على سيدنا محمد الصادق الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين والرحمة المهداة للعالمين، إنه كتاب الله المبين وقرآنه المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.. فيه خبر ما قبلكم، ونبأ من بعدكم، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهوى بغيره أضله الله، إنه حبل الله المتين والذكر الحكيم، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا له فقد هدي إلى صراط مستقيم.. وقال تعالى:{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}.. وقال سبحانه وتعالى:{يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا}.. لقد جاء رسولنا الكريم بدين الإسلام الحق ليظهره على الدين كله وليكون خاتما للأديان السماوية، ومتمما لمكارم الأخلاق، فهذا الدين العظيم الذي استهدف شرف الإنسان وكرامته الآدمية وحسن الخلافة في الأرض، من خلال إيجاد نظام عالمي عادل أساسه العقيدة التوحيدية، وغايته تحقيق العدل الاجتماعي والإخاء الإنساني والسلام العالمي حتى يعيش الناس كل الناس على اختلاف أجناسهم وأديانهم وألوانهم ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي في ظل الإسلام في حياة حرة عادلة وآمنة.. فقال تعالى:(لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط?

وهكذا نجد الإسلام قد وسع رسالته العالمية وعدله وسماحته وتعاليمه السامية المتصفة بالوسطية والاعتدال ومعارفه الحضارية.. فقال تعالى:?{?ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}.. بذلك وسع الإسلام سائر البشر على اختلاف أجناسهم وأديانهم، حيث صاروا يستهدون بهدى الإسلام، وينهلون من معين الإسلام بقرآنه العظيم وسنة رسوله الكريم في شتى أنواع العلوم المعرفية والحضارية.

ولا ريب فإن النهضة العلمية والصناعية والحضارية التي ظهرت في الغرب كان لأسلافنا الرواد من العرب والمسلمين المساهمة في تحقيقها، حيث نشروا المعرفة في أوروبا، وحولوا الإسلام إلى منهاج حياة، وخاصة في منظومة القيم العدلية والحقوقية والعلمية، ومع ذلك فإننا للأسف الشديد كمسلمين حكاما ومحكومين، قد تخلفنا عن ركب الحضارة التي دشنها أمجادنا، ونبذنا كتاب الله وسنة نبيه وراء ظهورنا، وخاصة برفضنا تطبيق منظومة قيم الإسلام العدلية والحقوقية والشوروية والعلمية في مجتمعاتنا، وأيضا بعدم استلهام عزتنا وكرامتنا وحريتنا من عقيدتنا الإسلامية عقيدة العزة والحرية والإباء، وعزوفنا عن تحقيق الأمن الغذائي والأمن الدفاعي، ولذلك أصيبت أمتنا بالذل والهوان والتخلف في المجالات كافة، فأيدي الناس تتخاطفنا، وتتداعى علينا الأكلة من كل حدب وصوب بعد أن أصبحنا غثاء تضرب بنا الأمثال، ويتندر بنا الأغراب.

أغاية الدين أن تحفوا شواربكم

يا أمة ضحكت من فعلها الأممُ

وفي الوقت نفسه نجد الأوروبيين قد استفادوا كثيرا من منظومة قيم الإسلام المعرفية والحضارية منهم أحد العلماء الغربيين المنصفين يعترف بالفضل للإسلام والمسلمين في النهوض الحضاري والصناعي في الغرب، إذ يقف خطيبا أمام الطلاب المسلمين في أوروبا احتفاء بمناسبة إسلامية، حيث قال:«أيها الطلاب المسلمون إننا نحن الأوروبيين مدينون لكم، ولتك القافلة العظيمة التي كانت عندكم، بل ولايزال العجب يأخذ منا كل مأخذ عندما نتذكر (ابن سينا) و(الرازي) و(ابن الهيثم) وغيرهم.. أيها الطلاب المسلمون والآن وقد انعكس الأمر فنحن الأوربيين يجب أن نؤدي ما علينا تجاهكم، فما هذه العلوم إلا امتداد لعلوم آبائكم وشرحا لمعارفهم ونظرياتهم، فلا تنسوا أيها الطلاب تاريخكم وعليكم بالعمل المتواصل لتعيدوا مجدكم الغابر، وطالما أن كتابكم المقدس عنوان نهضتكم مازال موجودا بينكم وتعاليم نبيكم محفوظة عندكم، فارجعوا إلى الماضي لتؤسسوا المستقبل، ففي قرآنكم علم وثقافة ونور ومعرفة.. والسلام عليكم يا طلابنا بعد أن كنا في الماضي طلابكم».

ختاما وفقنا الله تعالى جميعا لصيام هذا الشهر وقيامه، وجعلنا من المقبولين الفائزين فيه، ومن عتقائه من النار.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى