شيء من الطقوس والعادات والأكلات بعدن في الشهر الفضيل

> «الأيام» لبنى الخطيب:

> يستقبل سكان عدن شهر رمضان المبارك استقبالا خاصا نظرا لكونه محطة دينية روحية يتزود منه المؤمنون بالزاد الروحي والطاقة الإيمانية فينهلون من معين القرآن الكريم ويكثرون التلاوة والذكر ويعمرون بيوت الله بالصلاة والقيام والدعاء.

وينعكس هذا الجو الإيماني الروحي على معاملات الناس وعلاقاتهم فتنتشر قيم التراحم والتسامح ويلتقي أهل الحي صغيرهم وكبيرهم في بيوت الله يؤدون الصلوات فيرى بعضهم بعضاً في ملتقى تغشاه ملائكة الله.. و يواسي الغني الفقير بالزكاة والصدقات ويسعى أهل الخير في فك كرب الآخرين وإعانتهم على نوائب الدهر، فيتحقق التكافل والتراحم في أسمى معانيه، و هذه الصورة الإيمانية الروحية واحدة في كل محافظة من محافظاتنا اليمنية.. غير أن لشهر رمضان في عدن عادات وتقاليد حياتية خاصة تميزه عن بقية أيام السنة.

يبدأ استعداد الناس في عدن لاستقبال الشهر الفضيل بتبادل التهاني بالشهر الكريم من أواخر أيام شهر شعبان ودخول الأيام الأولى لرمضان، فيدعو بعضهم لبعض أن يعينهم الله على قيامه وصيامه ويعيده عليهم أعواما كثيرة ، ومن الظواهر الإيجابية التي تعكس قيم التراحم والتكافل النابعة من الدين الإسلامي الحنيف انتشار موائد إفطار الصائم في العديد من المساجد و الخيم الرمضانية التي تقيمها بعض الجمعيات الخيرية والتي يأتيها المحتاجون والفقراء على مدى شهر رمضان، وهناك مظاهر في عدن تتكرر في أماكن أخرى في اليمن، فالأسواق والمحال التجارية تشهد ازدحاما شديدا قبيل رمضان، حيث يتجه الناس لشراء حاجياتهم الرمضانية وهذا الازدحام يظل طوال الشهر الكريم وخاصة في الفترة الواقعة بين صلاة العصر و قبل موعد الإفطار وكذلك بعد صلاة التراويح وحتى قرب أذان الفجر، وتزداد أكثر في العشر الأواخر من رمضان وحاجة البعض في تكملة توفير احتياجاتهم الخاصة لاستقبال عيد الفطر المبارك ، بينما فترة الصباح تكاد تخلو الشوارع من المارة خاصة وأن الدوام الرسمي يتفاوت موعده من مرفق إلى آخر .

وهناك طقوس خاصة جرت عليها العادة من زمان وقرب موعد الإفطار بقليل يحمل عدد من الرجال الصائمين قبيل أذان المغرب وجبة إفطارهم ويتوجهون بها نحو المسجد ويتجمعون في أماكن مخصصة على هيئة حلقات حول وجبات الإفطار ويدعون إليها غيرهم من إخوتهم الصائمين .

تضم المائدة الرمضانية في عدن وجبة الإفطار والعشاء وتضم صنوفا متنوعة من الأطعمة : الشربة أو البليلة باللحم أو الدجاج، وكل حسب مقدرته الاقتصادية ، (الشفوت) وقوامه (اللحوح) واللبن الرائب ويسمى باليمني ( الحقين)، وهناك من يفضل إضافة المرق إليه ، كما تحتوي المائدة على أنواع مختلفة من المقليات المعروفة والتي تميز شهر الصوم منها السمبوسة و تحشى بـ(الخضار أو اللحم المفروم أو الجبن) والباجية ،الكاتلس، المقرمش والخمير وتناولها مع البسباس الأحمر المخلوط بالحُمر (التمر الهندي) أو الليمون والملح إضافة إلى البسباس الأخضر المطحون، وهناك طبق العتر أو البازيلا وطريقة إعداده المميزة والمنوعة وتتميز أيضاً المائدة الرمضانية العدنية بأصناف مختلفة من الحلويات التي تصنعها ست البيت وتعرف باللبنية أو المهلبية بالإضافة إلى البدامي ومكوناته الحليب والسكر وخيوط رفيعة من النشا و الآن ليس كل الأسر تتناوله واستعاضت عنه بتناول الجيلي والبودينج لأنه أسرع في التحضير. إضافة إلى وجبة العشاء التي تختلف من أسرة إلى أخرى والحالة الاقتصادية تلعب دورا في نوعية الأكل الذي يقدم في الفطور والعشاء، فهناك أسر تعتمد على أكل الأرز بطرق مختلفة في الإعداد والبعض لا يتناول الأرز أبدا خلال شهر رمضان ، ومنهم من يفضل في العشاء تناول أصناف مختلفة من أحشاء الخروف وتحضيرها بطرق مختلفة، وكما يقال : الطباخة فن وذوق ، وجبات السحور يحرص الجميع على تناولها لأنها سنة نبوية وحاجة طبيعية للجسم وتتكون من وجبة (فتة اللبن)، وهو عبارة عن خبز مفتوت باللبن والسمن ، أو أنواع أخرى من الخبز وبالتمر أو الموز أو العسل أو الهريسة باللحم والسكر، وهناك صنف تميزت به عدن زمان واختفى الآن عن المائدة العدنية وغير معروف للجيل الجديد من أبنائنا ألا وهو الطبق المقدم وفيه (المُعبال) الساخن واللذيذ و يعتمد في تحضيره على الدقيق والماء فقط ويطبخ على النار بوضعة على إناء فخاري مخصوص لهذا الغرض (المَلحة) ويؤكل ساخنا ويرش السمن والسكر أو العسل عليه و أرغب الآن في تناوله.

وكثيرون يشاركوني الرغبة في ذلك والله يرحم نساء زمان منهن الأحياء أو الأموات اللواتي أجدن طبخه لتوفر نوع خاص من الدقيق الأبيض آنذاك .

ولا أنسى هنا اهتمام بعض أخواني الرجال وعلاقتهم بسوق القات الذي يزداد ازدحاما خلال رمضان وخاصة بعد صلاة العصر وصلاة التراويح، حيث يقبلون على شرائه ، ويتجه متعاطو القات بعد صلاة التراويح إلى مجالسهم التي تسمى (المقايل) وللأسف أن بعض هذه المقايل انتشرت الآن بين بعض الشباب و كظاهرة جديدة على قارعة الطريق وتمتد السهرة مع القات إلى ساعة متأخرة من الليل، ولا يخلو المقيل من الحديث عن السياسة والخوض في القضايا المحلية ، كما إن المقيل مناسبة يستغلونها لحل مشاكلهم وقضاياهم ، إلا أن هناك بعض الأشخاص يمتنعون عن تناوله في رمضان و يتخذون من شهر الصوم أيضاً صوما عن تعاطيه وتكون أشبه باستراحة المحارب ويعودون لتعاطيه مع أول أيام عيد الفطر المبارك.

وأخواتي النساء وليالي رمضان فيقضين وقتهن في تبادل الزيارات وأداء الواجبات الاجتماعية بالإضافة إلى التسوق الذي فرض نفسه في ظل الأسعار المرتفعة وكثرة العروض الموجودة في المحلات التجارية ، و أحبائنا الأطفال خسارة لايجدون متنفساً للعب في الشارع مثل أيامنا زمان لأن حركة السيارات كثرت وضاقت الأماكن بالبنايات، ويضطرون للعب في طريق السيارات لعدم وجود أماكن مخصصة ليلعبوا فيها.

رمضان كريم وكل عام والجميع بخير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى