ماذا يأكل الفقراء في مدينة عدن الساحلية؟.. هاشم ربيع: أقوات المواطنين يجب أن تكون خطا أحمر لا ينبغي لمجموعة من البائعين العبث بها

> برهان عبدالله مانع:

>
يمكن للمرء أن يتفهم على مضض ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لأن غالبها مستوردة ويغلب عليها عنصر التحكم الخارجي، وممكن أن نتفهم ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه، لأن بعض المتطلبات خارجية كالسماد ومحسنات التربة والمبيدات الحشرية وتكلفة المياه والديزل للمضخات.

إنما الحيرة تكمن أساسا في الارتفاع غير المبرر لأسعار الأسماك في وطن يمتلك سواحل طويلة ولا يختلف اثنان على غنى بحرنا بأنواع الأسماك والأحياء المائية، هذه الثروة هي هبة الخالق لخلقه وبالمجان!.

وفيما يلي ننشر الجزء الثاني من التحقيق حيث يواصل الأخ هاشم ربيع أحمد مستشار جمعية خليج صيرة حديثه قائلا:

مشاريع الدولة السمكية والممولة خارجيا بملايين الدلارات كلها جداران إسمنتية وتصب على اليابسة: أسواق، مراكز إنزال، أرصفة، مخازن، سيارات نقل و... و... هذا شيء طيب ولكنها ليست نوعية باتجاه الحفاظ على الثروة السمكية وبيئتها البحرية كثروة متجددة وكذا خلق وعي لدى الصيادين في الحفاظ على الثروة السمكية وبيئتها البحرية.

لدينا مراكز ومؤسسات بحثية مشلولة معدومة الإمكانات! لا الأبحاث.. لا مسح بحري لمصائد الأسماك ودراسة مخزونها ومناطق تكاثرها وحركة تنقلاتها.. هجرتها .. أسبابها هل هجرة طبيعية أم نتاج لتلوث البيئة البحرية وتدميرها.

نحن نواجه إشكالية في محافظة عدن لازالت تتفاعل منذ عام تقريبا وتقلق الصيادين وتؤثر سلبا في نشاطهم وهي أسماك (البهق) التي تلتهم أي أسماك تعلق في شباك الصيادين بل وتمزق شباكهم.. هي في الحقيقة كالجراد في اليابسة.. أين الجهات المعنية لدراسة هذه الظاهرة وما هي أسبابها؟

عموما لا نريد أن نبتعد في الإجابة عن تلك الأسئلة فالمنتجات السميكة تتحكم فيها جملة من الظروف الطبيعية كمواسم الاصطياد وتقلبات الرياح والأمواج وغيرها من العوامل الطبيعية وتؤثر في أسعارها واستهلاكها جملة المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما فيها الديمغرافية للسكان إذا انعدمت القنوات المنظمة لذلك.

حجم الإنتاج السمكي على صعيد محافظة عدن يتناسب وعدد السكان وهناك بعض الاصناف من الاسماك غير مرغوبة في عدن ولكنها مطلوبة في المحافظات الاخرى.

هناك فجوة حقيقية ولكن محافظة عدن تتميز بميزة جيدة فهي تمثل منطقة تجمع للأسماك من بعض محافظات الشريط الساحلي ويتم من محافظة عدن إعادة توزيع تلك الأسماك إلى مختلف المحافظات. من خلال هذه الميزة تتأمن محتاجات محافظة عدن من الأسماك بمعنى أن الأسماك تغطي حاجة سكان المحافظة والمئات من المطاعم والمخابيز التي تقدم وجبات سمك.

> طالما هناك وفرة لماذا تبرز إشكالية الأسعار؟

- علينا أن نكون واضحين: قيمة المنتج السمكي لا تتحدد بتكاليف إنتاجها في المزاد. يحددها العرض والطلب والمواسم وتقلبات الرياح والأمواج وحتى في أقسى ظروف الإنتاج الصعبة وعبر المزاد ويمكن أن يصل الحد الأعلى لقيمة الكيلو الثمد 600 ريال كحالة خاصة.

> في الحقيقة هناك حلقة مفرغة بين باعة التجزئة والمواطنين نتجية لانعدام الضوابط المنظمة لحركة أسعار التجزئة .. الكل يبيع على هواء ومزاجه.

- الكثير من الناس في ظل هذا الوضع الاقتصادي والحياة المعيشية المعقدة وتفشي البطالة تتجه لحركة البيع والشراء في الأسماك من مختلف محافظات الجهمهورية بما فيها محافظة عدن لأنها غير معقدة ولا تتطلب رأسمالا كبيرا وهذا من حق أي مواطن أن يمارس مهنة البيع والشراء سواء من عدن أو غيرها ولهذا نلمس أن في المحافظات غير الساحلية تكون وفرة في الأسماك وتباع بسعر أقل لأن معظم الباعة في تلك المحافظات من أبناء المحافظات ذاتها باستثناء العاصمة صنعاء، هناك تنافس شريف بينهم، الأسماك في تلك المحافظات لا تمثل وجبة رئيسية كمحافظة عدن.

أما في محافظة عدن الظاهرة الموجودة احتكار وتنوع باعة التجزئة وانتشارهم بصورة عشوائية متجاوزة الأسواق حتى على مستوى الأزمة والشوراع انعدمت فيها أخلاقيات البيع والشراء كانعكاس لحالة التسبب والفلتان من قبل الأجهزة المعنية ولتعقد الحياة المعيشية داخل محافظة عدن وكل شخص يريد أن يشبع رغبته وحاجاته على حساب الآخر. عموما قلنا نحتاج إلى صواب. ومثل هذا الصواب لا أعتقد أن مكتب التجارة والصناعة أو مكتب الثروة السمكية يستطيع تنفيذها ما لم يتخذ بشأنها خطوات مدروسة وملموسة من قبل السلطة المحلية في محافظة عدن ربما لا يتعارض مع آلية السوق وحرية التجارة والمنافسة، مثلاً من هذه الضوابط: تحديد هوامش الربح لبائع التجزئة كحد أعلى 200 ريال لتغطية مصاريف النقل والحفظ (ثلج)، أجرة عامل وغيرها، إلزام بائع التجزئة عند شرائه أسماكا من مراكز الحراك بفاتورة شراء يحدد فيها العدد وكمية الأسماك المشتراه قيمتها حتى تسهل عملية الرقابة.

> قد يقول قائل إن مزاد الأسماك في مراكز الحراج يتم بالحوت الواحد هذا صحيح فكيف تستطيع تحديد هوامش الربح على الكيلو؟

- نستطيع ذلك وبكل سهولة ويسر من خلال إلزام بائعي التجزئة عند شرائهم الأسماك من مراكز الحراج وقبل نقلها على سيارتهم أو إخراجها ووزنها وانتهاء بفاتورة شراء بذلك وعملية الوزن ليست معقدة، فهي لا تأخذ وقتا ولا جهدا ولن تتعرض الأسماك لأي تلف.

لأن المزاد يتم بعملية سريعة وبحسب النوع الواحد والحجم الواحد مثلا أسماك الثمد تتم على صفوف 10 حبات (أحوات) ثم تليها 10 أخرى (أحوات) وهكذا بسعر 2000 ريال مثلا للحوث وكل بائع تجزئة يشتري بحسب حاجاته ومن خلال التجزئة و بالعين المجردة يمكن وزن حوت واحد فقط من الكمية لأن سعرها واحد وحجمها واحد وعلى ضوء ذلك يحدد وزن الكمية كلها وكذا الحال بالنسبة لبقية الأنواع.

اخيرا ما أود التأكيد عليه أن اسعار الاسماك الحالية التي يفرضها بائعو التجزئة على المواطنين اسعار غير عقلانية ومفتعلة وعلى السلطة المحلية اتخاذ اجراءات حاسمة تؤكد هيبة الدولة فأقوات المواطنين بما فيها المواد الغذائية يجب أن تكون هي الأخرى خطا أحمر لا ينبغي لمجموعة من الباعة العبث بها حتى لا توظف لأغراض أخرى.

الأسماك إنتاجا واستهلاكا

أدلى الأخ حسن حيد عضو محلي محافظة عدن برأيه في موضوع «ماذا يأكل الفقراء في عدن الساحلية؟» وقال:« تخضع لقواعد السوق القائمة على العرض والطلب ويجب أن نراعي عند الحديث عن ضبط الأسعار لمصلحة المنتجين والمستهلك على السواء، لاتستطيع السلطة المحلية بما فيها مكتب الأسماك لن تتدخل في أسعار الأسماك لأنه لايوجد نص قانوني يتيح لها ذلك ولايمكن تخفيض السعر للمستهلك إلا إذا تدخلت جهات رسمية في دعم المنتج أو تدخلت في عملية الإنتاج، أما بالنسبة لسعر الأسماك فإن المقارنة بين المناطق والمحافظات يجب أن تؤخذ في الحسبان مايلي: أ- كميات الأسماك التي تصل إلى العاصمة كبيرة جدا لدرجة أن يصبح هامش الربح البسيط كبيرا بفعل الكمية في حين أن كمية الأسماك التي تصل إلى بائع التجزئة في عدن صغيرة، الأمر الذي يدفع هذا البائع إلى زيادة سعر البيع.

ب- إن عدن وكثيرا من المدن الساحلية توجد بها معامل تحضير وتجميد وخزن وهو مايمتص أي فائض في السوق يمكن أن يؤدي إلى انخفاض السعر.

ج- إن الأسماك التي تدخل إلى معظم المدن في الداخل تكون لغرض بيعها في الأسواق المحلية لعدم وجود معامل تحضير أو مخازن وهذا مايجعل العرض أكبر من الطلب، إضافة إلى خوف المورد أن تتلف الأسماك إذا تأخرت عن البيع، وهذا مايجعل الأسعار منخفضة.

خلافا للوضع في عدن حيث الأسماك التي تدخل لم تكن للبيع في السوق المحلية بل إن هناك نسبة كبيرة من الكميات يتم تحضيرها وخزنها وكذلك تصديرها إلى خارج المحافظة مما جعل العرض أقل من الطلب».

وأضاف الأخ حسن حيد:«هناك فرق لايستهان به بين القيمة التي تباع بها الأسماك في المزاد والحراج وبين أسعار التجزئة التي تباع للمواطن وتقترب من نسبة %200، وهذا مانعمل على الحد منه من خلال توفير جهازي تحديد سعر الكميات بالكيلو في ساحات الحراج، وليس كما هو حاليا يتم احتساب السعر بالحوت، وسنعمل مع مكتب الثروة السمكية على تطبيق هذا النظام في كافة أسواق الحراج ومن خلالها يمكننا تحديد أسعار التجزئة للمواطن».

وأشار إلى أن «إنتاج صيادي الجمعيات السمكية لمحافظة عدن والصيادين بلغ في النصف الأول من عام 2008 (3286) طنا أي بنسبة انخفضت %50 عن كميات الإنتاج للفترة نفسها من العام الماضي.

وهذا عامل من العوامل التي أثرت على الأسعار علما بأن استهلاك محافظة عدن اليوم 34 طنا بينما الإنتاج اليومي يصل إلى 18 طنا وقد يكون انخفاض الإنتاج نتيجة عدم عرضها في أسواق الحراج تهربا من دفع الضرائب، وهذا مايتطلب وضع ضوابط للحد من عدم بيع الأسماك في غير المواقع المحددة لها بموجب قانون الاصطياد رقم 2 لعام 2006م، وهذا مانعمل على تنفيذه حاليا بالتنسيق مع مكتب الثروة السمكية.

ومن ضمن تلك الإجراءات الأخرى التي نقوم بها منع الاصطياد في غير المواسم المحددة أو بطرق الجرف».

> جلال إبراهيم علي (المحرقي) وكيل الصيادين في فقم وعمران يقول:

«إن الأسباب في ارتفاع أسعار الأسماك كثيرة منها : عدم وجود إرشاد وخطط ونظم من قبل الدولة ووزارة الثروة السمكية والآليات للحفاظ على ثروتنا البحرية.

فتح الاستثمار بطريقة عشوائية في الجانب السمكي وبالذات في السنوات الماضية.. تزايد الشركات المصدرة للأسماك.. فتح المجال التجاري بيننا وبين الدول المجاورة ومنها السعودية التي تستوعب كميات طائلة من أسماكنا.

ازدياد تهافت المحافظات الأخرى على أسماك عدن لتميزها عن غيرها.. نقص الدعم السابق للمحافظة التي كانت تأتي لها الأسماك من المناطق الساحلية المجاورة في المحافظة ودعم محافظة حضرموت لها.. تغيرات المناخ وخاصة في 2007م/2008م وتقلبات في أعماق البحر أي الداخل مما جعل عدم نزول الأسماك إلى السواحل القريبة..ذهاب دور فرع وزارة الثروة السمكية في عدن ووسائل التسويق الداخلي التي كانت تمتاز به، والتنافس الجديد في السوق المحلية.. هذا ما جعل أصحاب المزادات يتولون عملية حراج السمك وتركه لأيادٍ شابة وطائشة يتحكمون بمزاد رفع الأسماك، لأن هنالك مشترين جشعين لا يرضون إلا بضعف سعر القيمة يدفعون مبالغ حتى يرسو السمك عليهم، وحرمان الآخرين وإزاحتهم من السوق حتى يتسنى لهم الفرصة وتغير الأسعار بمزاجهم وبالذات في(صيرة).

لابد لهؤلاء أن يستفيدوا من حراج الدوكيار وبالذات من الأخ رشاد جبل، الذي يقوم بحراج الأسماك ولا يترك المزاد يزيد عن حده يعطي السعر المقبول وإنزاله إلى المقاس المطلوب في السعر.. لابد أن يترك وقت كافٍ للسوق المحلي من الأسماك حتى يكتفي ومازاد يترك لأصحاب الطنجات (المشترين) من المناطق الأخرى وللشركات المصدرة.

إن هموم الصيادين كثيرة ومتشعبة بعدد شعاب البحر وخاصة في محافظتنا الطيبة، وقد عملنا كل ما بوسعنا عند القوانين الرئيسية والشريعة في الدولة وطرقنا كل الأبواب ولم نتوصل إلى ثقب من نور، ولكن بالعكس لاحظنا بأن هدم وكبس المراسي والشواطئ الساحلية في محافظتنا وبالذات صيرة، وهذا الكبس الذي تم خلال السنوات الماضية عمل على تغيير المناخ البحري لمنطقة صيرة التي بدورها حصلت على كل من معجلين والمناطق المجاورة لجبل صيرة أكثر خطورة على الصيادين أبناء كريتر، وهذا ترك نقص وجود الأماكن التي كان يحتمي بها الصايدون وقواربهم وقضى على الشُعب المرجانية المحيطة بهذه الجبال.

ترك سفن الاصطياد الأجنبية والمحلية التي تعمل في البحر بشكل عشوائي وبدون أنظمة وتقييد، حيث تسببت عملية جرف هذه السفن في كوارث بيئية في البحر والبر، لقد قامت هذه السفن بتخريب ودك الشُعب المرجانية ومراعي الأسماك، والحبار، مما تسبب في انخفاض عملية توالد الأسماك والحبار، حيث سلبت مراعي وحشائش هذه الكائنات البحرية، كما سلب الصيادين أبسط حقوقهم وأنتم تعرفونها لا يخفى على الكبير والصغير (سلب مراسي ومواقع الصيادين) وسواحلهم.

عدم وجود جمعيات جديدة تحافظ على حقوق الصيادين في محافظة عدن جمعيات متطورة تخدم مصلحة الصيادين بكل مقاييسها».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى