يحبهم ويحبونه

> «الايام» علي بن عبدالله الضمبري:

> روي عن المعلم الأعظم، والحبيب الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل».

هذا الحديث المحمدي الشريف يحث على «استمرارية» الطاعة، وعلى«ديمومة العبادة»، وعلى «تواصل الخير» وعلى «تتابع البر» وعلى «توالي الصالحات».. وإذا كان الحبيب الأعظم علمنا أن كل إنسان «ميسر لما خلق له» والقرآن قال لنا:(قل كل يعمل على شاكلته، فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) الأسراء 84.

فإن هذا الحديث البليغ في إيجازه العظيم في إنجازه يدفعنا إلى خصلة «المثابرة» التي تنتج عن «المثابرة» أي أن نعمل عملا دائما دائبا لا يكل ولا يمل، يهتدي بهدى الله فلا يضل، ويهتدي بهدي رسول الله فلا يزل، ويربو وينمو ويزداد ويتبارك ولا يقل.

ولقد وصفت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها عمل رسول الله فقالت:

«كان عمله ديمة» فسرها بعضهم بالديمومة، وفسرها بعضهم بالتشبيه بالديمة أي السحابة المترعة مطرا وخيرا وغيثا.. وكان دائما ما يحث على الأعمال اليسيرة ذات الأجور الكبيرة لدرجة أنه اعتبر أن «السعي لتحقيق حوائج المسلمين أفضل من الاعتكاف في مسجده النبوي شهرا».. وأن «من سعى في حاجة أخيه حتى يثبتها ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام» مؤكداً على العمل الاجتماعي الذي يخدم المجتمع وينفع الناس.

وفي مجال العبادات كان يحث على العمل القليل الدائم غير المنقطع، فقال من حديث طويل «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» ويروي الرواة أنه وجد رجلا قد علق حبلا لكي يساعده على السهر للعبادة والسمر لقيام الليل فقال: «إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه». وجاء مرة إلى إحدى أمهات المؤمنين (جويرية بنت الحارث) رضى الله عنها فوجدها قاعدة إلى وقت الضحى وهي «تذكر الله» فقال لها:

لقد قلت بعدك أربع كلمات - ثلاث مرات - لو وُزنت بما قلت لوزنتهن «سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» رواه مسلم 2726 والترمذي 3555 والنووي في الأذكار حديث 17و16.

ودائما ما كان يعلم المسلمين أن «الدوام» و«الاستمرار» على العمل القليل اليسير يعطي الأجر الغزير والثواب الكثير، ويبين أنه ليس هناك من داعٍ للتنطع والتشدق والتفيهق والمبالغة حتى في العبادات، ألم يقل «إن خير دينكم أيسره» وكررها ثلاثا..ألم يقل الصحابة أن النبي كان «يتخولنا بالموعظة» يعني لا يزعجنا كما يفعل بعض المزعجين ممن إذا وجه وجهه للميكرفون عدا على عباد الله لوما وتقريعا وتوبيخا وشتما وذما وتضليلا وتكفيرا وتبديعا وتفسيقا وكأنه (وكيل آدم على عياله).

ما معنى قوله صلى الله عليه آله وسلم لذلك الصحابي «صلِّ ونم وصم وافطر" أن لبدنك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقا.. فأعط كل ذي حق حقه»؟ أليس معناه أن الله يحب أن تُؤدَّى الحقوق، ويكره الجحود والنكران والعقوق؟

ما معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إن الله لا يمل حتى تملوا»؟! أليس معناه الاستمرار على أداء الصلوات في رمضان وغير رمضان؟ أداء الطاعة المقتصدة الصحيحة الصواب الموافقة للشرع المقدس؟!

أليس معناه «التوازن» و«الوسطية» و«الاعتدال» في أداء الأعمال، والمداومة عليها بحيث لا يفتقدك الله حيث أمرك، ويجدك حيث نهاك؟!

لنعمل جميعا على ممارسة أحب الأعمال إلى الله ولو كانت قليلة دائمة.

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى