يحبهم ويحبونه

> «الايام» علي بن عبدالله الضمبري:

> نعيش- هذه الأيام- في ظلال ذكرى (فتح مكة) لقد كان يوما بهيا بهيجا هيأ له وأعده {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} الأحزاب 23، طهروا البيت المقدس من الأصنام والأوثان، لأنهم {رجال يحبون أن يتطهروا} أحبوا دينهم، ونصروا نبيهم، وحموا توحيدهم وعقيدتهم، وبنوا مجتمعا قائما على {العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى} قد {آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.

وكان لأجدادنا اليمانيين الأصلاء النبلاء دور مهم في ذلك الفتح المؤزر، أليسوا هم الذين وصفهم الله بأنه {يحبهم ويحبونه} المائدة 54؟!.. هذا الحب الإلهي الصادق الموقف، الثابت المخلص لله دفعهم لأن يقدموا أموالهم وأبناءهم في سبيل الله منذ غزوة بدر في رمضان 2هـ، و(أحد) في شوال 3هـ، ويوم (الرجيع وبئر معونة) في صفر 4هـ و(بني النضير) في ربيع الأول 4هـ وغزوة (نجد) في جمادى الأولى سنة 4هـ -لاحظ أن (نجد) هنا ليست (نجد العراق)، لأن العراق لم يكن قد فتح عامئذ- ثم غزوة (دومة الجندل) في ربيع الأول سنة 5هـ، و(الأحزاب) في شوال 5هـ و(بني لحيان) في جمادى الأولى سنة 6 هـ، ثم ما تلاها من بعوث وسرايا، حتى غزوة (بني المصطلق) في شعبان 6هـ (والحديبية) في ذي القعدة 6هـ و(خيبر) في محرم 7هـ. (راجع السيرة النبوية لابن كثير، والرحيق المختوم للمباركفوري، وفقه السيرة للدكتور البوطي والتغيير الاجتماعي في السيرة النبوية للكاتبة الإسلامية/حنان اللحام).

في كل المواطن والمواقف والمشاهد كان (السيف اليماني) صامدا في وجه الشرك والكفر، ساجدا لله وحده، ولو أننا استقرأنا نصوص التاريخ، وركزنا على المقولات النبوية في حق الأنصار خصوصا واليمانيين عموما، فلسوف نجد مادة غنية ثرية تشيد بمواقفهم، وتخلد مآثرهم، وتوضح مناقبهم وفضائلهم التي خلدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديثه الصحيحة إلى أبد الآبدين.

وقد ذكر المفسدون أنه لما نزلت سورة {إذا جاء نصر الله..} قال النبي الأعظم:«جاء أهل اليمن رقيقة أفئدتهم، لينة طباعهم، سخية قلوبهم، عظيمة خشيتهم، فدخلوا في دين الله أفواجا» تفسير القرطبي 20/ 230.. وقبل ذلك قال عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه:«الإيمان هاهنا» متفق عليه، وقال البغوي في (شرح السنة 4/ 201):«هذا الثناء على أهل اليمن لإسراعهم إلى الإيمان، وحسن قبولهم إياه»، وقال الأستاذ عبدالملك الشيباني في كتابه: (اليمن في القرآن والسنة) صفحة 12:«وجملة الشهادات النبوية (لأهل اليمن) في الأحاديث السالفة سبع هي: الإيمان، الحكمة، الفقه، السكينة، الوقار، لين القلوب، رقة الأفئدة»، وهذه هي أهم صفات من يحبون الله ويحبهم الله.

إن اليمانيين الذين دخلوا في دين الله أفواجا، ونصروا رسول الهدى، وحموا عقيدة الإسلام وعدهم رسول الله أن يسقيهم من حوضه الطاهر الشريف، ويذود (يبعد) الناس عن حوضه حتى «يشرب منه أهل اليمن» رواه مسلم وأحمد وابن حبان، لأنه كان يجد «نفس الرحمن من قبل اليمن» رواه أحمد، يرون أن تلك الأحاديث النبوية تلقي على عواتقنا عبء الحفاظ على ذلك المنهج المحمدي من أن ينحرف به (الدجاجلة) عن خطة القويم، وأن ننقي المنهل المحمدي مما علق به من شوائب الجهالات والضلالات، وأن علينا الآن واجبا مقدسا في الدفاع عن قيم الإسلام ومثله ومبادئه «ما تخلف منا رجل واحد» كما قال الصحابي اليماني سعد بن معاذ رضي الله عنه للنبي الأعظم قبل غزوة بدر الكبرى.

والآن هاهم اليمنيون «المطروحون في الأرض، المدفوعون عند أبواب السلطان يموت أحدهم وحاجته في صدره لم يقضها» رابع كنز العمال 22/ 50. لأنهم تنازعوا واختلفوا فذهبت ريحهم، فمتى سيعودون إلى قمة السيادة ومركز الريادة، وحالة السعادة؟! (عسى أن يكون قريبا) الإسراء 51. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

* مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى