معهد (الحصب) التقني الصناعي بتعز .. طلاب محبطون ومدرسون ممتنعون (1)

> «الأيام» عبدالملك الشراعي:

>
مازالت المستحقات المالية لمعلمي التعليم الموازي والمستمر في المعهد التقني الصناعي في منطقة الحصب بمحافظة تعز تمثل حجر عثرة أمام تطلعات وطموحات كوادر التعليم الفني، حيث تقف الإدارات برمتها مواقف سلبية من خلال تلاعبها بالحقوق المادية والمعنوية لأعضاء هيئة التدريس، الذين لوحوا بالامتناع عن التدريس اعتبارا من بداية العام الدراسي الحالي، وبات الطالب ضحية مثل هذه الممارسات.

«الأيام» حرصت على زيارة معهد الحصب من أجل الوقوف على تلك المعاناة التي يتجرعها المعلمون والطلاب على مدى عامين متتاليين.. وأجرت عددا من اللقاءات مع عمادة المعهد وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وخرجت بالحصيلة التالية:

معاهد لاتحمل من التقنية سوى الاسم

نقطة البداية كانت مع الأستاذ صالح سعيد سعد القباطي، رئيس اللجنة النقابية بالمعهد، حيث تحدث قائلا: «بداية أتوجه بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لصحيفة «الأيام» على تفاعلها مع مختلف القضايا التي منها قضايا وهموم التعليم الفني والتدريب المهني، التي نتحدث اليوم عن بعض جوانبها، ونظرا لأهمية الحديث حول هذا المرتكز الجدير بالاهتمام سنلقي الضوء على جزء من هذه الهموم فنقول إن الاختلالات القائمة في مؤسسات التعليم الفني تزداد رقعتها يوما بعد يوم، نظر لعدم وجود معايير واضحة تحدد مبدأ الثواب والعقاب وتفعيله، فنرى كثيرا من المعاهد تتبارى على تكريس المفاسد كوقائع حية ينبغي التعامل معها بأمن وسلام، لكونها قد غدت مسلمات بديهية لم تجد من ينكرها أو يعطل دورها، فالاستحقاقات المادية والمعنوية للمعلمين لم تصل إليهم إلا بالاعتصامات والإضرابات، ولاتصل إليهم إلا بعد أن تمر عبر هذه المحطات.. كما أن التباري على افتتاح معاهد جديدة لا تحمل من التقنية سوى الاسم أمر يبعث على الأسى والحزن لدى كل مهتم بقضايا هذا الوطن ومستقبل أبنائه، إضافة إلى ما ذكر لم يعد معيار الكيف مهما في جميع المعاهد، وغدا الكم مقدما على الكيف ليندرج هذا السلوك تحت باب الحرص على استيعاب أكبر قدر ممكن من المتقدمين كعنوان يحمل الخير للجميع، غير أن الواقع يكشف ما تبطنه المآرب والأطماع».

وأضاف بالقول: «ومادمنا بصدد الحديث عن الاختلالات فإن التعليم الموازي والمستمر يتصدرها جميعا، فقد أصبح سما يتجرعه الأبناء، فبدلا من الاهتمام به ورعايته رعاية مثلى - لأنه يخفف الضغط على التعليم النظامي - إذا به يتحول إلى تعليم لا تتوفر له أدنى مقومت الإشراف والتوجيه الفني، ويخضع لمعايير وأمزجة القائمين عليه في المكاتب والمعاهد، ويتم الاستحواذ على مخصصاته المالية، تارة بالمصادرة، وأخرى بإكمال النصاب، نظرا لعدم وجود الشفافية في التعامل.. ولم تسلم لائحة الأجور الطموحة التي أصدرها الأخ الوزير الدكتور إبراهيم عمر حجري من التحايل والتلاعب بها، وما حدث بالأمس القريب يؤكد ما تحدثت عنه، فقد تم التلاعب بمستحقات المعلمين وحجبت الكشوفات عنهم، ومازالت قضيتهم لدى السلطة المحلية وقيادة الوزارة، أما بالنسبة لأجور المعلمين والمدربين لعامين متتالين فمازالت في علم الغيب!».

كشف للمدرسين وكشف للشيطان!

أما المهندس حمود القدسي، رئيس قسم الكهرباء (آلات) سابقا، فقد تحدث بمرارة قائلا:«تم نقلي من محافظة الحديدة إلى محافظة تعز في العام 2005م بقرار وزاري وبموافقة المجلسين المحليين بالمحافظتين، وحتى اللحظة لم تصلني حقوقي (بدل طبيعة عمل)، وتم تكليفي برئاسة قسم الكهرباء (لف آلات كهربائية)، وبتوجيه من العمادة وقسم المشتريات طلب مني الرفع بالاحتياج من مواد التدريب للقسم للعام الدارسي 2008-2007م، ولم تتوفر الطلبات، وتم تعزيز الطلب في شهر إبريل 2008م، ولم توفر الطلبات، فقدمت حينها استقالتي من رئاسة القسم احتجاجا على هذا التقصير، وعند الاختبار الوزاري للدبلوم تم طلب مواد لإجراء الاختبارات العملية ولم يتم ذلك، وفي يوم الاختيار اتضح أنه لايوجد شيء من المواد، فرفضت أن أختبر الطلبة، وكلفت العمادة مدرسين آخرين للقيام بهذه المهمة.. وطالبت بمستحقات التعليم المستمر كما هو حال زملائي في المعهد».

وعن المهزلة التي تحدث في المعهد قال القدسي: «يتم إجبار المدرسين على التوقيع على كشفين: كشف لنا، وكشف لهم (كشف للشيطان)، مع أننا طالبنا بتسليم المستحقات عبر البريد، ولكن للأسف لم تنفذ أوامر وتوجيهات الأخ محافظ المحافظة بهذا الخصوص».

معاناة المعلمين

المهندس مكرد سعيد الحمادي (مدرس في قسم الهندسة المعمارية) يقول:«ما كان يُطرح للأخ رئيس الجمهورية من نجاحات متمثلة في سياسة التعليم الفني واستيعاب مخرجاته في سوق العمل هي مجرد أوهام جوفاء ولا تمت للواقع بصلة، فالمعاناة كبيرة للعاملين في حقل التعليم الفني والتدريب المهني، مما ينعكس على حال مخرجاته لسوق العمل.. فمن المعاناة مصادرة مستحقات العاملين الخاصة بأجور التعليم الموازي، وكذا مستحقات مشاريع التخرج، وكذا إغفال تشجيع المبدعين من الكوادر المتخرجة على البحث العلمي».

لا حياة لمن تنادي!

أما المهندس محمد نعمان حسن العبسي، نائب رئيس اللجنة النقابية، فقد جدد التأكيد على مطالب المعلمين الحقوقية والتعليمية لدى المعنيين في الوزارة، حيث قال:«نود أن نتحدث عبر صحيفة «الأيام» الغراء عن مطالبنا التعليمية والحقوقية في التعليم الفني والتدريب المهني، التي لم تجد آذانا صاغية في ديوان الوزارة ومكتب التعليم الفني والتدريب المهني بمحافظة تعز عموما والمعهد التقني الصناعي بالحصب خصوصا، حيث يعمد المعنيون إلى وضع العراقيل والإهمال والتقصير تجاه مطالب الموظفين، بل يعملون بإصرار على مصادرتها، وهذا تعبير عن واقع فاسد متجذر..

وعليه فإننا نجدد التأكيد على مطالبنا الآتية:

-1 تبني كادر خاص منصف يتناسب مع طبيعة العمل الميداني للعاملين في مؤسسات التعليم الفني، لكونهم أساس النهوض بمستوى مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني والبنية الأساسية للتنمية الحقيقية في المجتمع.

-2 تأهيل وتدريب الكوادر بصورة مستمرة لمواكبة كل جديد.

-3 عدم تكرار وممارسة القرارات التعسفية في الاستغناء والإقصاء عن أي مدرس، واحترام الوظيفة العامة للدولة.

-4 الشفافية في التعامل وعدم حجب اللوائح والقرارات الوزارية، ومحاسبة كل من يتسبب في ذلك طبقا للدستور والقوانين النافذة.

-5 توفير مخصصات الطلاب المالية للزيارات الميدانية ومتطلبات مشاريع التخرج.

-6 صرف المستحقات المالية للجان الجرد السنوية والمستحقات الخاصة باللجان المشرفة على مشاريع التخرج، وعدم الخروج عن اللائحة.

-7 سرعة صرف أجور التعليم المستمر للعامين المتتاليين 2007/2006م - 2008/2007م، لأن المدرسين ينتظرون مستحقاتهم بفارغ الصبر، خصوصا وقد أثقلتهم الديون وأصبحت مستحقاتهم في علم الغيب.

-8 سرعة صرف أجور التعليم الموازي للعام 2008/2007م.

-9 ضرورة إبراز كشوفات الصرف والاستحقاقات والتعاميم وتعليقها على لوحة الإعلانات بالمعهد، وتسليم أي موظف صورة من كشف مستحقاته متى ما أراد ذلك.

-10 صرف بدل طبيعة العمل للموجهين والإداريين وكل الذين حرموا من هذا الحق المكتسب».

لم يبق إلا الإضراب!

من جانبه عبر المهندس مطيع العزي محمد ردمان (مدرس في قسم الراديو والتلفزيون) عن ذلك بالقول:

«إننا عبر صحيفة «الأيام» صحيفة كل المظلومين، نبلغ الأخوة وزير التعليم الفني ومدير عام المكتب وعميد معهد الحصب بأننا قد استنفدنا كل الطرق للمطالبة بحقوقنا من أجور التعليم المستمر، ونطالبهم بالتفاعل الإيجابي مع هذه المطالب وتسليم مستحقاتنا بحسب اللائحة الجديدة للأجور، ما لم سنضطر إلى اللجوء للإضراب الشامل عقب عيد الفطر المبارك مباشرة، ونتمنى ألا نصل إلى ذلك، محملين المسؤولية الكاملة الجهات الآنفة الذكر عن الإرباك الذي سيصيب العملية التعليمية وتأثيراته السلبية».

المهندس عبدالوهاب الشيعاني، رئيس قسم (الديكور) تحدث إلينا باقتضاب قائلا: «لا يمكن أن يتطور التعليم الفني في ظل غياب التجهيزات والكادر المؤهل ومصادرة الحقوق».

التعليم المستمر.. وعود عرقوبية!

المهندس محمد عبدالرحمن مكرد (مدرس في قسم الراديو والتلفزيون) أفاد بالقول: «عملت في التعليم المستمر لمدة سنتين ولم أحصل على حقوقي، وكلما سألنا عن حقوقنا نحصل على وعود عرقوبية فقط!، وفي النهاية نكتشف بأنها أكاذيب.. وهنا أسجل احتجاجي وأتساءل: لماذا يتم تكليف موظفين من الخدمة المدنية بمتابعة الدوام اليومي في هذا المعهد فقط، ولم يكلفوا بمتابعة حقوق الموظفين؟!

وهل هي سياسة تركيع؟.. كما عملت في التدريس أثناء الإجازة في المراكز الصيفية ولم أحصل على ربع مستحقاتي، فمن وراء كل هذا الظلم للمدرسين.. ولماذا؟».

عقدة المسمى

إلى ذلك ناشد طلاب قسم الإنشاء والأبنية وزارة التعليم الفني بإعادة تسمية التخصص إلى (دبلوم تقني هندسة مدنية) وفقا لما يتطلبه سوق العمل، وحتى يتمكنوا من الالتحاق بالجامعات لمواصلة الدارسة.

الأستاذ نصر صالح قائد (مدرس في قسم المساحة والطرقات) تحدث عن استحقاقات المدرسين والمدربين من التعليم الموازي والمستمر لعامين دراسيين متتاليين «التي لم تقم الإدارات بمتابعتها».

النتائج التراكمية تضع الأعمى مكان البصير.. وشر البلية ما يضحك!

كما تحدث المهندس سلطان الشيباني، المسؤول الإعلامي في اللجنة النقابية عن الاختلالات المرافقة لعملية الاختبارات قائلا: «أتوجه بدعوة صادقة إلى قيادة الوزارة بضرورة إقرار تدابير تحفظ لعملية الاختبارات معناها ومضمونها الطبيعي في التقييم الواقعي والعادل لمستويات الدارسين، الذي يجعل من الجد والاجتهاد طريقا وحيدا لتنافس الدارسين على المراتب الأولى، لما في ذلك من أهمية في استنهاض الإبداع والتميز، والحصول على مخرجات تمتلك ما يمكنها لخوض غمار المنافسات في أسواق عمل الدول المجاورة، علاوة على تلبية احتياجات التنمية المحلية».

وأضاف قائلا: «وعلى الرغم من أن اختبارات التعليم الفني والتدريب المهني الفصلية منها والنهائية تسير حتى الآن بشكل مرضٍ إلا أن ما يحدث من تدخل غير لائحي وتلاعب في رصد نتائج الاختبارات الفصلية في المعاهد يفرغ الاختبارات من قيمتها المهنية.. فبعيدا عن سرد حالات بعينها يكفي شاهدا على صدق قولي حول ما هو قائم من تهرب ورفض إدارات المعاهد ومكتب التعليم الفني بالمحافظة لمطالب ومقترحات هيئة التدريس، الهادفة إلى كسر الدوائر الضيقة والمغلقة المعتمد عليها في إدارة ورصد نتائج الاختبارات الفصلية في المعاهد، وذلك من خلال إضفاء الشفافية على أعمالها بتزويد الأقسام بكشف نتيجة الاختبارات المعلنة، متضمنة الرقم السري للطالب، بما يمكن مدرس المادة من اكتشاف أي تغيير مقصود أو خطأ في الدرجة الممنوحة منه لإجابات الطالب المحجوب اسمه خلف رقم سري لا نرى أي مبرر لسريته بعد نشر النتيجة.. ولن يكون ذلك حائلا أمام أي قرار لائحي برفع النسبة العامة للنجاح متى ما تطلب الأمر ذلك».

وأضاف قائلا: «وفي جانب آخر نجد أن بعض عمداء المعاهد المفتقدين الكابح الأخلاقي والمفتقرين إلى المستوى التعليمي المطلوب للمواقع المعينين فيها، نجدهم يلجأون إلى مداراة فشلهم وعجزهم برفع متعمد لمحصلات طلابهم بشكل مبالغ فيه، وبعيد كل البعد عن مستوياتهم المتدينة.. وليس أدل على ذلك ما يحدث في أحد معاهد المحافظة حديث العهد الذي فتح أقساما تقنية في ظل عدم توفر الكادر المتخصص.

وفي ظل غياب أية تجهيزات يأتي عميد ذلك المعهد بطلابه قبل نهاية كل عام دراسي إلى معهد الحصب ليدرسوا كامل مقرر المواد التخصصية بما يشبه الدورة ولمدة أسبوعين.

ليتكفل ذلك العميد بما تبقى من اختبارات فصلية لطلابه وتسجيل تقديرات عالية تضمن معدلا تراكميا عاليا مجملا عوض النقص المتوقع في معدل بعض مواد الفصل الرابع المقيمة وزاريا، لتظهر النتيجة التراكمية في شهادة التخرج.

وقد استحوذ طلاب ذلك المعهد على المراكز الأولى، متقدمين على طلاب معهد الحصب الذين منهم من شارك كمدرب في تدريب طلاب ذلك المعهد خلال دورة الأسبوعين المشار إليها آنفا، ولا غرابة في حدوث مثل ذلك في ظل قبول عميد معهد أكاديمي يقل مؤهله التعليمي عن مؤهل طلابه.. وشر البلية ما يضحك!».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى