عاد وثمود وفرعون والليالي العشر

> «الايام» عارف صالح التوي:

>
قال تعالى:(أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الأعراف 69 {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُون} الشعراء 134-ٍ132 . بعد أن قدمنا في الأعداد السابقة من صحيفة «الأيام» الغراء حلقات عن اكتشاف موقع سفينة نوح عليه السلام، وهي أتت من سورة العنكبوت بإحداثيات الطول والعرض من برنامج جوجل الأرض (google earth). فصادف أنني قمت بوضع خط مرسوم من قوم لوط (البحر الميت) مرورا بقوم شعيب (تبوك) فأسقط الخط في وسط سفينة نوح في شبوة القديمة، وقد تكون مصادفة، إلا أن المفاجأة لم تكن في سورة العنكبوت وحسب، ولكن هناك سور مشابهة في التخطيط ومنها سورة الفجر التي بدورها طرحت أسئلة سوف نرى ماذا ستكشف لنا مما تخبئه. قال تعالى: وَالْفَجْرِ{1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ{2} وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ{3} وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ{4} هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ{5} أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ{7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ{8} وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ{9} وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ{10} الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ{11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ{12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ{13} من خلال الآيات السالفة الذكر سنجدها تتحدث عن الهندسة المعمارية (عاد العماد، ثمود الصخور، وفرعون الأهرامات أي الأوتاد) لتلك الأقوام، والغريب أنها ذكرت في سورة العنكبوت بدون إحداثيات على الأرض، كما حددت قوم لوط وقوم شعيب وموقع سفينة نوح، ولكن أتت الآية : «َوعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ{38} وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} 39.

إذن فقد تبين لنا موقع عاد وثمود وفرعون وقومه، وكما هو معروف أن عادا اكتشفت من قبل عالم الآثار نيكولاس كلاب (عالم الآثار الهاوي) هو الذي اكتشف تلك المدينة الأسطورية التي ذُكرت في القرآن الكريم في ظفار بسلطنة عمان واكتشاف طريق اللبان من الشحر حضرموت إلى عمان، وكما ذكرت الأبحاث والروايات أن عادا تمتد من عمان إلى أطراف الشرقية من حضرموت، أما ثمود فهي في تبوك السعودية، وعندما قمت بوضع خط مشابه لما في سورة العنكبوت من عاد ظفار حتى ثمود في السعودية ثم إلى الأهرامات وهي الأوتاد في مصر فوجدت أن سورة الفجر تضع لنا بلدان عاد وثمود وفرعون في خط مستقيم وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن القرآن سوف يكشف لنا في المستقبل عن عجائبه وأن القرآن يحوي أسرارا عظيمة مصداقا لنبوة الرسول خاتم الأنبياء والمرسلين، وإذا نظرنا إلى المخطط نرى أن المواقع المبينة كلها في خطوط مستقيمة، وهذا بحث إن تيسر لنا سوف ننشره بإذن الله.

وإن نص الآية الثانية من سورة الفجر {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}2 إذا أخذنا عذاب عاد وهي سبع ليال وثمانية أيام وقوم ثمود يوم واحد وفرعون وقومه يوم واحد تكون عشرة أيام بلياليها، فهل الليالي العشر التي اختلف عليها في التفسير هي التي وقعت في تلك الأمم؟.. وتفسير الليالي العشر بدأت الآية 6 تتحدث عن عاد والآية 7 هي الليالي السبع والآية 8 ثمانية أيام أما ثمود الآية 9، فإن الذين أفسدوا فيها تسعة رهط في قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ }النمل48، أما فرعون فاليوم العاشر برقم الآية.

والأغرب من هذا أن الآية {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ}13 هذه الآية فيها حكمة وعبرة في أن السوط يضرب بخط مستقيم دون اعوجاج فضرب الله عز وجل الأمم ضربة واحدة، وكأن الزمن لا قيمة له عند الله جل شأنه، والسوط يترك أثرا لابد منه، وذاك الأثر هو تلك الأمم، والأغرب أن الأثر الذي تركه السوط كشف لنا أسرارا أكبر بكثير.

ولقد وجدت أن المخطط الهندسي لتلك الأقوام هو شبيه لبرج في السماء يسمى في علم الفلك ببرج (العواء)، فهل اتخذت سبيلها في الأرض وإعمارها من بعد نوح عبر الأبراج -أي النجوم؟ وليس صحيحا أن قوم عاد أوجدوا مباشرة بعد قوم نوح، ولكن كل الذي وجدته أنهم أوجدوا بعد مدة طويلة وقد ورثوا من أقوام بعد نوح الأنعام والتجارة، وتعتبر الأنعام في ذاك الزمن الوسيلة الوحيدة لنقل البخور والمر والتوابل وغيرها من المنتجات، كان قوم هود ينقلونها إلى العالم القديم، وينقلون معهم الحضارة و منها المعمارية وغيرها، ودليل ذلك في خطاب نبي الله هود لقومه:{أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}133 والأنعام ورثوها من قوم نوح التي كانت في السفينة والتي ذكرت في القرآن، وهي متلازمة مع الإنسان منذ الخليقة كما بينا في البحث السابق في حمولة السفينة. وميناء قنا المشهور في ذلك الزمان في تواصله مع الأمم جعل إنشاء ميناء عدن والشحر وظفار بسبب ازدهار تلك التجارة، وفي ظهور أمم مثل قوم عاد، وهذا يذهب بنا إلى البداية في قوله تعالى لنوح: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} هود 48 . إذن فالأمم التي سوف يمسها عذاب أليم وممن ذكروا في القرآن إنما كان أسلافهم في سفينة نوح ومنهم قوم هود في قوله تعالى : {أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ }هود26 ، ومد قوم عاد بالأنعام والبنين تفيد في مدهم إلى الآفاق، وهذا الموروث موجود إلى يومنا هذا في أبناء جزيرة العرب.

ومن خلال البحث في وضع الإعصار الذي أصاب قوم عاد في حركة افتراضية في الحاسوب يبدو لي أن موقع أو مركز عاد في ظفار كان في محله لسبب أن الإعصار كان عقيما أي بدون ماء ومنطقة صحراوية مجاورة لهم، وهي الأحقاف أو مايسمى بالرمال المتعرجة جعلت الإعصار تفعل فعلها في منطقة مكشوفة، وليست متعرجة ومخفية في وديان مثل حضرموت، إذ لم تبق شيئا إلا هلك في قوله تعالى: {مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ }الذاريات42 وإنا على يقين وبالعلم سوف نعرف كم كانت درجة الإعصار المصحوب بالرمال إن شاء الله العليم الخبير، وأشك كثيرا أن الإعصار حدث في وادي حضرموت في جبال مغلقة على الوادي، والإعصار أرسل لقوم عاد لحكمة، وفي اعتقادي أن الخط المرسوم بين تلك الأمم سيبين لنا حركة الإعصار وموقع غرق فرعون وقومه.

وفي الأخير أشكر كل من تواصل معي في تزويدنا بالأبحاث والمعلومات وأخص بالذكر الأستاذ علوي بن سميط من شبام حضرموت، وإن دل على شيء فإنما يدل على أن العلم بحاجة إلى تضافر الجهود والمختصين إن أمكن للوصول إلى الحقيقة إن شاء الله، وما قدمته إنما ما في استطاعتي لذلك سبيلا، نرجو فيه وجه الله العلي القدير، وأن تجد لها آذانا صاغية. قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53.

باحث في علوم الإعجاز

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى