آيات رمضانية

> «الأيام» د. محمد حامد الحداد:

> يشهد عالمنا اليوم أزمات على أكثر من صعيد في الاقتصاد والسياسة وفي الحياة الاجتماعية والأخلاق والقيم وعلى صعيد متطلبات حياة آمنة ومستقرة واعدة بالعطاء والأمل لكل البشر.

إن الافتقار إلى رؤية كبرى مع تراكم للمشاكل غير المعالجة مصحوبة بضعف بصيرة نظام الحكم وندرة التفاته إلى المصلحة العامة والخير العام تتجلى هي الأخرى في كل صعيد.

مئات الألوف من أناسنا الطيبين يضافون إلى نظرائهم على مستوى الدولة اليمنية القائمة ممن يعانون وبنسب متفاوتة، لكنها في تصاعد من البطالة والفقر متعدد الأوجه وكذا الجوع، وفي طليعة كل ذلك التفكك الأسري وفي وسط هذا المشهد الذي لا يحمل أملا، يبدو أن التطلع إلى تعايش آمن وحياة مستقرة ومجتمع منتج وآمن يفلت منها، فمازالت التشنجات بين أفراد المجتمع الواحدة هي السائدة.. الأطفال تموت.. والقاتل يقتل ويهرب وتصبح الجريمة مسجلة ضد مجهول.. وفوق هذا يزلزلنا فساد السياسة والإدارة والاقتصاد، ناهيك عن غياب خدمات حياتية مهمة تكون متاحة على الدوام وفي متناول الجميع يوم طلبها كالصحة، والتعليم بعيد عن ابتزاز المواطنين البسطاء واستغلالهم بنية استكمال بناء أمبراطوريات مالية ما أنزل الله بها من سلطان، وعلى حساب أضعف خلق الله.

إن سوء السياسية الدوائية على سبيل المثال والإمعان في التعاطي معها لتزدهر أكثر وتكون الذراع الأمتن والأقوى، بل الأساس المتين لبلوغ امبراطوريات السحت العليا. كل ذلك ماهو إلا نموذج للسير في خارطة (الفوضى الخلاقة) المستهدفة ارتعاش النظام، وإننا لنرى الجيران ينتابهم الخوف مما يسمعون.. مع أن وطننا يكاد يكون كما وصف القرآن {بلدة طبية ورب غفور} وفوق ذلك ثرية وغنية بالموارد سواء البشرية أم المادية، لكنها تتعرض دون وازع للنهب والاستلاب بشتى الوسائل والأدوات.

فلا نرى من شيوخنا الكرام والقائمين على أمر هذا الدين والمضطلعين بدور تنمية الفضيلة واجتثاث الرذيلة إلا الصمت في أهم حد من حدود الله، والسؤال هل هم الكتلة الخرساء في هذا الشأن والناطقة بصوت عالٍ في غيرها من الأمور كالمباركة على التحريض على العنف والتعصب والحقد والتخويف من الآخر؟!.. بل إن البعض يشجعون على إدامة الصراعات الدموية العنيفة ويشرعونها وغالب هذا البعض الذي أسلفنا ذكره كثيراً ما يستغلون الدين لأغراض السلطة والسياسة.

إننا حقاً أمام هكذا ممارسات غير سوية ترتكب باسم الدين القيم لشديدو الاشمئزاز! نحن هذا الزخم الصاعد واسع الانتشار نستهجن كل هذه الآفات (المرضية) غير السوية وتعلن ألا حاجة لها أصلا.. ونؤكد أن العنصر الأخلاقي الكائن في صميم تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف كاف بل جدير بأن يخلصنا من محننا متعددة الأوجه التي أسلفنا ذكر بعضها أعلاه.

فلعلك عزيزي القارئ اللبيب تؤازرنا في ما نجتهد فيه ونصبو لتحقيقه لخير هذا الوطن وأناسه الطيبين المستضعفين وهو حق أساسي مناقبي وفريضة غير منسية على كل من ينتمي لهذه الأرض الطيبة وعلى طريق المساهمة في تمتين نظام صالح مؤسسي وعادل ينأى بالناس أجمعين عن (ثورة اليأس إذا غاب الرجاء) ويبعدهم عن الفوضى والعشوائية وعدم تقدير المسؤولية، أو ليس ثقافة المسؤولية وتوليها تعد من شعائر ديننا الإسلامي التي ينبغي أن نقيمها في كل وقت وحين.

إلا أنني في هذا الشهر الكريم أدعو لإتمامها لنكون من البارين ولا نقصر فيها لنكون من الآثمين.

إنكم في شهر كريم أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فاتقوا الله لعلكم تفلحون.

* جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى