معهد (الحصب) التقني الصناعي بتعز .. طلاب محبطون ومدرسون ممتنعون ومديرون متلاعبون (2)

> «الأيام» عبدالملك الشراعي:

>
مازالت المستحقات المالية لمعلمي التعليم الموازي والمستمر في المعهد التقني الصناعي في منطقة الحصب بمحافظة تعز تمثل حجر عثرة أمام تطلعات وطموحات كوادر التعليم الفني، حيث تقف الإدارات برمتها مواقف سلبية من خلال تلاعبها بالحقوق المادية والمعنوية لأعضاء هيئة التدريس، الذين لوحوا بالامتناع عن التدريس اعتبارا من بداية العام الدراسي الحالي، وبات الطالب ضحية مثل هذه الممارسات.

«الأيام» حرصت على زيارة معهد الحصب من أجل الوقوف على تلك المعاناة التي يتجرعها المعلمون والطلاب على مدى عامين متتاليين.. وأجرت عددا من اللقاءات مع عمادة المعهد وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وخرجت بالحصيلة التالية:

من المسؤول ؟

المهندس وائل الجُبيحي (مدرس في قسم المساحة والطرقات) تحدث قائلاً:«مازلت أعيش الصدمة عندما أسمع وأرى أن طلاب معهد (الخطوة) الذين دُرِّبوا من قبل طلاب معهد (الحصب) هم أوائل الجمهورية، وتفوقوا بذلك على مدربيهم، وتبوأوا المراكز الأولى في نتائج الاختبارات النهائية للعام الداسي 2008-2007م، وهذا لاينكره عميد معهد (الخطوة) شخصيا».. متسائلا:«وماهو الحل؟». وبالنسبة للأستاذ عبدالدائم الصلاحي (مدرس في قسم الأبنية) فقد شكا من وضع الإنشاء والأبنية لعدم توفر مواد التدريب وقاعات الدراسة، وكذا عدم وجود أجهزة تدريب وطاولات للرسم.. ومستحقات التعليم الموازي في خبر كان وأخواتها، والطلاب يشكون النتائج!!.

درجات في مهب الريح وعمادة غير متفاعلة

الطالب نبيل شرف فارع (قسم إنشاء وأبنية) أوضح أنه حصل خطأ في نقل درجاته من قبل أستاذ المادة الذي اعترف بذلك الخطأ، لكن العمادة لم تتفاعل مع القضية وتهربت من مسؤولياتها.. مشيرا إلى أن له أكثر من شهر يتابع هذا الموضوع ولكن دون جدوى!.

عمياء تخضب مجنونة!!

الأستاذ علي عبدالمولى حمادي، أمين مكتبة المعهد لم يجد تعبيرا أصدق من هذا القول: «التعليم الفني في تعز أصبح كـ (العمياء التي تخضب مجنونة والصنجاء التي تتسمع)، يُسخَّر للمقربين ويحرم المؤهلين».

الكثافة العددية تطغى على الطاقة الاستيعابية

الأستاذ عبدالله عبده سيف اكتفى بالقول: «إن كشوفات الحقوق المالية في المعهد تُحْجَب عن المدرسين المعنيين لعدم مصداقيتها، وبالذات مستحقات التعليم الموازي، إضافة إلى تأخر مقصود في صرف المستحقات، وكذا قبول أعداد كبيرة من الطلاب في التعليم التقني تفوق طاقة الأقسام الاستيعابية».

المراكز الصيفية.. معلمون من دون أجور

وحول مستحقات المراكز الصيفية أفاد المهندس عائض عبدالنور الحِمْيَري (مدرس في قسم الكهرباء) بالقول:

«دشن الأخ الرئيس افتتاح المراكز الصيفية في عموم المحافظات في الأسبوع الثالث من شهر يوليو 2008م، ليستفيد منها أبناؤنا وشبابنا، وعلى الرغم من أن المدربين في معهدي (الحصب والحوبان) لم ينتهوا من الاختبارات المركزية، ولم يعرفوا للإجازة الصيفية رائحة ولا طعما إلا أنهم لبوا نداء الأخ الرئيس واستقبلوا الحشود الهائلة، وأتموا أعمالهم على أكمل وجه، وكانت مخرجاتهم مهارات حرفية قادرة على العمل للخروج من البطالة.. حيث تم تدريبهم في مجالات شتى (كهرباء التمديدات المنزلية، كهرباء مركبات خفيفة، ميكانيكا مركبات، إلكترونيات: راديو وتلفزيون، صيانة أجهزة التكييف والتبريد والديكور، مجالات الحاسوب واللغة الإنجليزية، وتعلم الإملاء والخط)، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية والثقافية..

ولكن للأسف بعد اختتام الأخ الرئيس تدشينه هذه المراكز والمدربون في المعهدين - إلى يومنا هذا - لم يستلموا أجورهم المادية والمعنوية كافة، بسبب أن المسؤولين ورؤساء المراكز الصيفية في المحافظة ومكتب التعليم الفني والمعاهد جندوا أنفسهم لتشويه وإجهاض مصفوفة برنامج الأخ الرئيس الانتخابي، ولم يتابعوا استحقاقات المدربين.. ولا غرابة إن حدثت مثل تلك التصرفات، فقد تمت مصادرة حقوق المعلمين من أجور التعليم الموازي والمستمر لعامين متتاليين..

ولايسعني في الأخير إلا أن أخاطب الأخ الرئيس بالقول:

متى يبلغ البنيان يوما تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟!».

إدارات جاهلة ومخرجات لا تفرّق بين الطين والعجين.. وتعليم يحتضر!

وقد اختتمت «الأيام» لقاءاتها مع الأستاذ عبدالجبار عبده علي، مسؤول المنازعات باللجنة النقابية، وطرحت عليه هذه التساؤلات:

> ماهي أهمية التعليم الفني بالنسبة للمجتمعات؟ ولماذا لم يتحقق هذا التطور والنماء في مجتمعنا؟ وهل أنتم مستهدفون بمثل هذه التصرفات؟.. وفي رده على الشق الأول من هذه التساؤلات أجاب قائلا: «الأهمية تكمن في حياة الشعوب والمجتمعات المتقدمة والمتطورة (صناعيا) التي سبقتنا بعشرات السنين، والفضل في ذلك يعود إلى منظومة التعليم الفني لديها».

وعن عدم تحقق ذلك التطور والنماء في مجتمعنا أوضح بالقول: «يعود السبب في ذلك إلى القائمين على إدارات التعليم الفني، حيث - مع الأسف الشديد - أسندت المهام في مفاصل التعليم الفني لقيادات جاهلة بماهية هذا النوع من التعليم ودوره في تقدم الشعوب ورقيها.. فكيف نريد من هذا التعليم إخراج المخترع والمبدع في ظل إدارات عاجزة عن أن تفهم ماذا تريد، وكيف تريد أن تعيش خلال 24 ساعة فقط؟ فهي تعيش بعشوائية مظلمة! وتنحدر بالتعليم ومخرجاته إلى هذه الهوة المظلمة، وما قلته ليس إلا قطرة من بحر! وأكبر دليل على ما أقول هو عودة هذه المؤسسة التعليمية - التي أنت فيها - إلى الوراء، فقد كانت في السابق قليلة المخرجات، لكنها كانت قادرة على التعاطي مع بعض احتياجات المجتمع، أما اليوم فإن المخرجات كثيرة، ولكنها أجهل من أن تقوم بكتابة اسمها على ورقة بيضاء!، بل هي أجهل من أن تفرق بين الطين والعجين!!».

وفي معرض رده على الجزء الأخير من التساؤلات أكد الأستاذ عبدالجبار أن «أول ضربة ضُرب بها التعليم الفني في الصميم تكمن في تجهيل كوادره العاملين في الميدان من أجل بناء جيل مهني وتقني مبدع».. وقال: «لقد تعرضنا لشتى أنواع الانتقام، ابتداء من سخرية المسؤول المباشر، مرورا بمن هو أعلى منه، حيث يعين في رأس الهرم التعليمي أشخاص مؤهلاتهم للمرحلة الأساسية، ناهيك عن حرمان المدرسين من حقهم في التأهيل والتدريب، وكذلك مستحقاتهم المادية التي يشغلهم عدم الحصول عليها عن أداء مهامهم كما ينبغي.. وباختصار نقول: إن التعليم في ظل هذه الإدارات أصبح جرحا نازفا، واقعه الاحتضار ومصيره الوفاة».

بعد أن تحدث المدرسون عن حقوقهم المادية والمعنوية وعن همومهم وتطلعاتهم وعن واقع التعليم الفني المتهاوي والمصير الذي آل إليه، كان لابد لنا أن نلتقي الأخ عميد المعهد لمعرفة جوهر هذه القضايا والمطالب.. حيث أوضح قائلا: «بالنسبة لصرف مستحقات التعليم الموازي بواقع %50 من المستحقات كان للنقابة موقف مهزوم إزاء ذلك، لاسيما وقد سُلمت في بقية المحافظات بواقع %100 للكادر واللجنة ضمنت بباقي المستحقات، والأصل أن النقابة والمدرسين يبحثون عن باقي الحقوق والمخصصات السابقة.. أما مستحقات التعليم الموازي فهو حق مكتسب ومعتمد ومعترف به ومرصود في ديوان الوزارة».

وأكد أن «القضية قضية إجراءات فقط وليست تنصلا من الحقوق، والاعتراف بالحق موجود من قبل جميع الأطراف (كادر، عمادات المعاهد، إدارة المكتب، السلطة المحلية، والوزارة)، وهذا ما تؤكده الوثائق، أما قضية الاعتراف بثبوت حق المدرسين من الأجور فهذا ثابت ومؤكد، والدليل على ذلك أنهم قبل شهر - تقريبا - استلموا جزءا من مخصصاتهم بواقع %50، وتم التسليم يدا بيد بين المدرسين المكلفين بالتعليم الموازي واللجنة المكلفة من قبل الوزارة، وتم التوقيع على كشوفات ووثائق تفيد بأن هناك حقوقا متبقية في ديوان الوزارة، وتم عمل محضر بذلك وقت تسليم المخصصات بين عمادة المعهد ومكتب التعليم الفني ولجنة صرف المستحقات المالية كسند يوضح باقي المخصصات. أما بالنسبة لكادر التعليم الموازي في المعهد فهم 30 مدرسا ومدرسة، وليس كل كادر في المعهد مكلفا، والتجمع الحاصل الذي شاهدتموه هو عبارة عن مغالطة، والتعليم الموازي موقف أصلا لعدم وجود مستحقات للعام القادم، وبالنسبة لقضية التلاعب بالكشوفات فعملية التسليم تتم يدا بيد، ومنذ ثلاثة أعوام لم تصل أية شكوى بهذا الخصوص من أي مدرس».

مديرون وعمداء لا برامج لهم سوى التهديد والوعيد ومصادرة الحقوق

من جانبه أكد الأستاذ عمر محمد أحمد، عضو اللجنة النقابية بالمعهد على ضرورة تفعيل اللوائح والشروط في العملية التعليمية، التي بدورها ستلبي الاحتياجات.. مؤكدا وجود اختلالات عديدة في مؤسسات التعليم الفني في هذا المجال «لعل أعظمها تأثيرا وجود مديرين عامين لمكاتب التعليم الفني بالمحافظة لايحملون مؤهلات تتوافق مع اللوائح الخاصة بالتعليم الفني وتتعارض معها تماما.. وكذا وجود عمداء معاهد يحملون مؤهلات لاعلاقة لها بالتعليم الفني لامن قريب ولامن بعيد، وبعضهم يحمل مؤهل ثانوية عامة..

ولمداراة فشلهم الإداري وعدم قدرتهم على تفعيل العمل المؤسسي الذي يشترك فيه الجميع نراهم يستخدمون مواقعهم الإدارية للإضرار بالآخرين، فتارة يستخدمون التهديد والوعيد والاستقطاعات من الرواتب، وتارة يعاقبون بالنقل والتفريغ كل من يشير إلى مفسدة أو خلل.. فكيف نرتجي تطورا في الأداء إذا كانت القيادات التي تدير العملية التعليمية على هذا النحو؟!».. مطالبا الوزير بإعادة النظر في هذا الجانب، «وذلك بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب»، ومؤكدا أن جميع الإداريين في هذه المؤسسات قد فشلوا في الجانب الإداري وأثبتوا عدم قدرتهم على تحمل المسؤولية!.

أما الأستاذ محمود مكرد أنعم فقد أوجز معاناة المعلمين في عدة أمور منها: «إلزامهم بالدوام في أيام ليس فيها شيء في المعهد سوى التوقيع والانتظار لساعات دون أي عمل، وليس هناك مسوغ لذلك سوى التحكم والاستبداد!».

من جهته طالب الأستاذ خالد عبدالله سعيد، رئيس قسم (الميكانيكا - خراطة) بمستحقات أجور التعليم المستمر للعامين الدراسيين 2007/2006م - 2008/2007م، وأن تكون عملية الصرف - مستقبلا - بصورة شهرية وعبر البريد.

سلامة مهنية معدومة.. وإجازات سنوية مصادرة

أما الأستاذ أنس السقاف عضو اللجنة النقابية بالمعهد فقد تحدث عن السلامة المهنية المفقودة في المعاهد وعن الإجازات السنوية المعدومة، مؤكدا أن «مبادئ السلامة المهنية معدومة في المعاهد، وما يتعرض له الطلاب بين الحين والآخر من مخاطر لايحرك في القائمين على العملية التعليمية ساكنا، على الرغم من تشريعات التعليم الفني والتدريب المهني التي تنص على إنشاء مصلحة طبية في كل معهد حرصا على أبنائنا الطلاب وعلى المعلمين أيضا، ولتترسخ هذه المفاهيم كثقافة وطنية ينبغي الاهتمام وعدم التفريط بها.. ولكن هيهات هيهات لكل ذلك أن يتحقق في ظل هذه الإدارات الفاشلة!».

وعن الإجازات السنوية المعدومة قال:«لم تجد مناشداتنا المتكررة في الحصول على إجازاتنا السنوية أسوة بزملائنا المعلمين تجاوبا، فقد تقدمنا بمناشدة لقيادة الوزارة أوضحنا فيها أن عدد أيام الإجازات الممنوحة في العام لكل من التعليم العالي (102 يوم)، والتعليم العام (75 يوما)، والتعليم الفني (35 يوما)، وذلك من واقع القرارات الوزارية الخاصة بالتقاويم الدراسية، ولم تحرك هذه المناشدة ساكنا، ولم تشفع لنا النصوص القانونية المتمثلة في قانون المعلم وتوصيات مجلس النواب في شيء، وصارت إجازتنا السنوية في هذا العام أقل من شهر، حيث انتهى العام الدراسي في 26/7/2008م وبدأ العام الدراسي الجديد في 23/8/2008م، وهذا دليل عملي على مصادرة الحقوق.. فإلى من نشتكي؟».

من جهته رد المهندس سلطان الشيباني على عميد المعهد، معتبرا ذلك «قفزا على حقيقة الأمر ورسم صورة بعيدة كل البعد عن سبب اعتراض هيئة التدريس على تعمد مكتب التعليم الفني بالمحافظة دون بقية المحافظات بصرف 50% فقط من مستحقات المدرسين، على الرغم من أن التعميم الوزاري لجميع المحافظات قد كان مخصصا لتغطية المستحقات بواقع 100%.. كما أن إصرار مكتب التعليم الفني ومعهدي الحصب والحوبان على عدم التعاطي الإيجابي مع مطالب هيئة التدريس في الحصول على صورة من كشف ماتم صرفه من مستحقاتهم عن التعليم الموازي ومقدار المبلغ المرسل من الوزارة والمخصص لذلك لايحتمل سوى أمر من أمرين: أولهما عدم سلامة إجراءات الصرف، تأكيدا على اعتراض هيئة التدريس، وثانيهما تعمد إثارة البلبلة وتأزيم الموقف مع المدرسين ليس إلا.. كما أن عدد المدرسين في التعليم الموازي والمستمر يزيد عن 60 مدرسا، فكيف اختزلهم عميد المعهد إلى النصف؟!»..وتساءل الشيباني قائلا: «لماذا يتحرج عميد المعهد من تسليم صورة من كشوفات الصرف التي عرضها على مراسل «الأيام» وحجبها على هيئة التدريس؟!».

هكذا بدا المشهد في معهد الحصب التقني الصناعي بمحافظة تعز (أقدم معاهد المحافظة).. حيث وصف عميد المعهد هذا الجمع من المدرسين بـ (المغالطين)، فيما خرج المدرسون عن صمتهم وصبوا جل غضبهم على القائمين على التعليم الفني بالمحافظة، وتحسروا على مستوى الانحدار الكبير الذي يعيشه واقع التعليم الفني، على الرغم من الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة واهتمامات الأخ الرئيس به شخصيا، فالمعاناة لم تقتصر على الحقوق المادية فقط وإنما شملت جوانب العملية التعليمية كافة (تجهيزات، مناهج، تأهيل وتدريب، سلامة مهنية، إجازات سنوية، حقوق مسلوبة، طاقة استيعابية زائدة، مواد تدريب معدومة، مخصصات التعليم الموازي والمستمر مبهمة وموادهما التدريبية غير متوفرة، وظائف إدارية مسخرة للنقل والاستغناء والتهديد والوعيد والجزاءات، لوائح تنفيذية مغيبة، نتائج طلابية مختلة، وطلاب ضحايا) .

«الأيام» من جانبها ترفع القضايا بمجملها إلى القيادات العليا في الحكومة والوزارة المختصة وقيادة السلطة المحلية في المحافظة من أجل الوقوف على تداعياتها، لاسيما وقد صار الطالب ضحية لهذه التصرفات والممارسات.. فهل من مجيب؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى