معاناة مرضى السرطان في عدن :تذاكر سفر وتقارير طبية تبقى ذكرى لمن رحل (2)

> «الأيام» خديجة بن بريك - فردوس العلمي:

>
الطفلة مودة توزع الهدايا على أطفال مرضى السرطان
الطفلة مودة توزع الهدايا على أطفال مرضى السرطان
ما أشد ألم السرطان ولكن الإيمان بالله أقوى، فمرضى السرطان رغم الألم تجد في وجوههم ابتسامة رضا بما كتبه الله لهم، فلسان حالهم يقول: «الحمد لله على كل حال» رضا بقدر الله وإيمان منقطع النظير لا تذمر ولا حزن، فهذا قضاء وقدر من رب البشر كتب عليهم، ولكن من يشاهد معاناتهم من بشر مثلهم لا يقبله عقل ولا دين، فما أشد متابعات مرضى السرطان لاستخراج تقرير يوصي بعلاجهم في الخارج، فانتظار قرار اللجنة الطبية العليا لاستخرج التقرير لهم، متابعات طويلة، وفي الأخير تبقى التذاكر والتقارير ذكرى لمن رحل، فغالبا ما تخرج تذاكر السفر والتقرير الطبي، وقد قابل المريض وجه ربه الكريم.

أهالي المرضى يقتلهم الحزن حين يرون فردا منهم يصارع المرض، وهم لا حول لهم ولا قوة، لكي يخفف عنهم وأشد ما يؤلمهم أن لا يجدوا مستشفى نظيفا يتلقون فيه العلاج، فمستشفياتنا هي أيضا مصابة بالسرطان المتفشي في جميع أجزائها، فهي أيضا بحاجة للعلاج لتكون قادرة على استيعاب المرضى.

صرخة من على صفحات «الأيام» وهي تفتح ملف السرطان، مصحوبة بآهات ألم مما شاهدنا.

> عبدالله صالح سلام قال: «اسم ولدي صالح، وعمره خمس سنوات، كان في البداية يقول الأطباء إنه مريض بسبب اللوز، وكان دمه في تناقص مستمر، وعندما نركب له الدم ينقص مرة أخرى، وبعدها أحضرته إلى عيادة خاصة وأخذوا منه عينة من الدم من العمود، وقال لي الأطباء بعد الفحص إن ولدي مصاب بسرطان الدم، وأحضرته إلى مستشفى الوحدة، ونحن على هذه الحال منذ شهر ونصف الشهر، فظروفنا صعبة، وخاصة أن أدوية هذا المرض مكلفة على الرغم من أننا نجد تعاونا كبيرا من قبل المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بعدن، حيث تقوم بدفع نصف المبلغ وتكفل الأطباء بالنصف الآخر، وقد تقرر إعطاء ولدي جرعات كيماوي».

> عبداللطيف سعيد علي يقول: «ولدي كان لديه التهابات بالغدد وإسهال ودم مع المخروج، ولا نعلم إلى الآن ما به، فمازلنا نقوم بعمل الفحوصات له، والأطباء قد يكونون متحفظين لشيء ما لا نعلمه!».

> مختار حسن نجاشي (من سكان عدن) قال: «والدتي مصابة بسرطان الدم، وحالتنا صعبة جدا، وقد أجرينا لها عملية جراحية وكلفتنا مبلغ 65 ألف ريال، وبعد فحص العينة ظهر له أنها مصابة بالسرطان، والعلاجات مكلفة وليس بأيدينا شيء»، ولكن بسبب تأثره الشديد وحشرجة صوته وعينيه المليئتين بالدمع وكان يصارعها حتى لا تسقط الدموع اضطررت أن أوقف المقابلة معه، ولم أستطع أن أكمل معه الحديث، حيث خانتني دموعي في تلك اللحظات، وحتى لا أزيد عليه عبء الألم.

> وبحسرة وألم يقوم عادل أمبريس: «أصيبت زوجتي - رحمة الله عليها - في عام 2005 بمرض السرطان، وكان بالإمكان أن نعالجها إن تم اكتشاف المرض مبكراً، ولكن اقتضى قدر الله وتوفيت، حيث أصيبت زوجتي بسرطان الثدي وانتشر بعدها إلى العظام، ففي بداية المرض شعرت زوجتي بألم في الظهر، وعندما ذهبنا إلى المستشفى بعد الفحوصات قال الأطباء إنها تعاني من هشاشة في العظام، وزادت الآلام، وللأسف لم يكن هناك التشخيص المبكر، فعلى مدار ثلاثة أشهر كنت أعالج زوجتي من مرض هشاشة العظام، بينما قال لي أطباء آخرون إنها تعاني من (عضى) في الظهر ويجب أن تعمل لها تدليك طبيعي، ولكن كانت زوجتي تعاني من مرض السرطان بشكل متأخر، وللأسف أنه من خلال الفحوصات السريرية والدم لم يتم اكتشافه، فلم أعرف ماذا أعمل!، فقررت أن أعمل لها الرنين المغناطيسي في المستشفى العسكري في صنعاء، وكانت الصدمة لي بأن زوجتي مصابة بالسرطان وهو منتشر في العظام، وصدمتي كانت بسبب أني موظف بسيط وإمكانياتي المادية بسيطة، وهذا المرض يحتاج للمال والجهد، بعدها تابعت في استخراج تقرير طبي من أجل نقلها إلى الخارج وهذا كان في عام 2005، وهي في حالة متأخرة، وتم تحديد عام 2008م السماح لها في العلاج خارج اليمن».

الطفل فضل علي عبداللطيف سعيد
الطفل فضل علي عبداللطيف سعيد
وأضاف: «ولكن الوقت لا يسعفني ولجأت إلى أهلي وأهل الخير في تجميع مبلغ من المال للسفر إلى الخارج، وذهبت إلى الهند في مدينة (بونا) وهناك بدأ الأطباء يصرخون ويقولون لي جئت بزوجتك بهذه الحالة المتأخرة جدا، وبقينا في الهند ثمانية أشهر، وللأسف أن الدولة لم تتحمل تكاليف علاج هذا المرض، بعد أن أفلست في الهند ولم أجد قيمة الجرعة، فقدمت مناشدة عبر صحيفتكم «الأيام» لرئيس الجمهورية لمساعدتي بعد أن ضاقت بي السبل وأنا في الغربة، ولكن لم يتم الرد علي وأظن أنه لم يقرأ مناشدتي، ولم يقرأها أي مسؤول، فإن كنت ابن مسؤول أو ابن رجل برلماني لكانت المساعدات كلها هلت علي، ولكن للأسف أنا من عامة الشعب، ومن يكون من عامة الشعب لاينظر إليهم، وبعد عودتي لليمن كان من المقرر أن أعود للهند، ولكن إمكانياتي لم تسمح لي، وتأخرنا بالعودة، وبعد عام سافرنا إلى الهند ولكن الأطباء قالوا إن حالتها متأخرة جداً وعلي أن آخذها لليمن، ويوسفني أني كنت حامل نعش زوجتي وهي على قيد الحياة، والمصيبة أنه عندما وصلنا إلى مطار صنعاء وقد قدمت لي اليمنية سيارة لنقلي إلى مستشفى الثورة في صنعاء - ولهم جزيل الشكر - ولكن في مستشفى الثورة تفاجأت بأنهم يقولون لي إنه لايوجد أسرّة، ولا يستطيعون أن يعملوا شيئا لها وهي مابين الحياة والموت، فلم يعملوا شيئا، وبعدها توجهت إلى مستشفى العلوم والتكنولوجيا، وهناك صحيح أنهم عملوا اللازم ولكن التكاليف كانت باهظة جدا، وذلك بعد أن رفضوا استقبال الحالة لكونها في حالة وفاة، وبعد وساطات تم استقبالها وكتبت التزاما بأن المستشفى لا يتحمل أية مسؤولية، وخسرت خلال أربع ساعات مبلغ تسعة وثمانين ألف ريال، وتوفيت زوجتي بعد أربع ساعات تلك، وأنا أحمل الدولة كل المسؤولية جراء الإهمال لمرضاها، لأنها فقدت مصداقيتها مع المواطن، والمضحك أن تخرج التذاكر بعد وفاة زوجتي بستة أشهر».

وأضاف: «قدمت من أجل أن أستخرج التذاكر في شهر أكتوبر عام 2005، ولكن أخبروني أنها سوف تخرج في 2008م، وتوفيت زوجتي في مارس عام 2007م، أي أن تذاكر السفر للعلاج في الخارج خرجت بعد ثلاث سنوات بالإضافة إلى مبلغ تسعين ألف ريال فقط، وزجتي موظفة وأنا موظف فكان يجب أن يكون هناك تأمين صحي لنا، فماذا سأعمل بالتذاكر الآن بعد وفاتها؟!.

أما بالنسبة لابنتي فقد عانت مع أمها وعمرها سنتين ونصف، وكانت تبقى مع أمها حيث كانت تقدم لها الدواء وتبقى إلى جانبها على الرغم من حداثة عمرها وهي الآن أصغر عضو في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، كما أنني أيضا عضو فيها، ونتمنى أن نساعد كل مريض من مرضى السرطان.

فأنا أتمنى أن يكون هناك مركز للتشخيص المبكر للسرطان، وفيه أطباء اختصاصيون في الأورام السرطانية وليس أطباء عموم، فهذا سيساعد الكثيرين على علاج هذا المرض، والمؤسف أن عملية إعطاء الدواء والجرعات تتم بشكل خاطئ، وما لاحظته في الهند أن الجرعات الكيماوية يتم تحضيرها للمريض قبل وبعد الجرعة، بعكس عندنا هنا في اليمن حيث تعطى الجرعة للمريض بشكل عشوائي، وبهذا يكونون قد قتلوا الآدمية، وما أنهكني أيضا هو الذهاب إلى صنعاء وإحضار جرعات الكيماوي، وهذا تسبب في إهدار وقتي وتعطيلي عن عملي، وهنا نريد لفتة كريمة من رئيس الجمهورية بإعطاء أمر للفروع بإعطاء مخصصات الأدوية، ومع احترامي للطاقم الطبي في صنعاء فهو غير متعاون، فعندما تذهب يقولون احضر الأنبول الفارغ حتى نعطيك الجرعة الأخرى.. فمن أين سأحضرها، وأنا هنا أشيد بطاقم المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بعدن لدورها وكفاءتها».

الطفل صالح عمر
الطفل صالح عمر
وقال: «يستخرج لكل مريض مصاب بالسرطان كرت لكي يصرف له مبلغ ألفي دولار كعلاج سنوي، وهذا مخصص للمركز بصنعاء، وما نطلبه هو عدم مركزية المبالغ المالية لصنعاء، ومن المفترض أن تقوم لجان من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، فالمبالغ المالية يجب أن تخصص أيضا لعدن، وما نطلبه أيضا تخصيص واحد في المائة مثل الواجبات والضرائب والزكاة لصالح مرضى السرطان لمحافظة عدن».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى