يحبهم ويحبونه

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله إذا أحب عبدا استعمله، قيل: وما استعمله قال: يستعمله في عمل صالح يقبضه عليه» .. أي يحب الله عبدا يجعله مؤتمناً على (عمل ما) فيؤديه أكمل أداء، ويتقنه أدق إتقان لأن «الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه».. فيستمر على هذا الأداء المتقن حتى يقبضه الله إليه في خاتمة حسنة ونهاية مشرفة، لأن بركة الأمانة ونعمة الإتقان آتت ثمرتها بإذن ربها.

وما أبغض الله شيئا كما أبغض (الخيانة) وكما كره (الخائنين)، ويكفي أن نقرأ أقواله المقدسة:

-1 { إن الله لا يحب من كان خوّانا أثيما } (النساء 107).

-2 { إن الله لا يحب الخائنين } (الأنفال 52).

-3 { إن الله لا يحب كل خوان كفور } (الحج 38).

-4 { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين" (يوسف 52).

-5 { لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } (النساء 107).

-6 { ولا تكن للخائنين خصيما } (النساء 105).. بل بسبب الخيانة قذف الله بامرأتين من نساء الأنبياء والمرسلين هما { امرأة نوح وامرأة لوط.. } (سورة التحريم).

إن (الخيانة) تدل عل الانهيار الأخلاقي في المجتمعات، وهي وجه آخر بشع من وجوه (الفساد) القذرة القبيحة.. والدولة - أية دولة - لا تقوم إلا بثلة طيبة مباركة من الأمناء الأنقياء لأن الله { يحب المتقين } (آل عمران).. منهم الوزراء والمحافظون والقضاة والمأمورون ورجال الأمن وقادة الرأي ...إلخ، وهؤلاء يجب أن يؤدوا واجباتهم ويقوموا بمسئولياتهم بما يحبه الله ويرضاه، بعيدين عن الخيانة والغلول واللصوصية واستغلال المنصب والمحسوبية والرشوة...إلخ، أما إذا خان القاضي أمانة الحكم بما أنزل الله، أو خان المحافظ أمانة رعاية المحافظة، أو استغل رجل الأمن بزته العسكرية للسلب والنهب، أو خان قادة الرأي ورجال الفكر والثقافة والإعلام أمانة الصدق، وحماية القيم ومسئولية الكلمة ليتقربوا إلى الظلمة والفاسدين، ويرسموا صورة خائنة عن حقيقة الأوضاع، أو إذا خان (جابي الواجبات) أمانة المال العام الذي يجبيه من الواجبات والزكاة.. إذا حصلت تلك الخيانات فإنه «ولا ريب أن قوما يساسون بحكومة خائنة إما أن ينقرضوا بالفساد، أو أن يأخذهم جبروت أمة أجنبية يسومونهم خسفا، ويستبدون بهم عسفا».. كما يقول موقظ الشرق السيد جمال الدين الأفغاني وقد تحدث الإمام (ابن تيمية) طويلا عن (الأمانة) بصفتها أوجب واجبات الأئمة والحكام والأمراء في كتابه (السياسية الشرعية في إصلاح الراعي والرعية).. فذكر أنه «على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح وأفضل من يجده لذلك العمل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من ولي من أمر المسلمين شيئا فولّى عليهم رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله، ولأن الفاروق عمر قال: من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين».. ثم يقول ابن تيمية:«فيجب على ولي الأمر البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار، والقضاة، ومن أمراء الأجناد، ومقدمي العساكر، وولاة الأموال، والكتاب، والسعاة على الخراج والصدقات وغيرها من أموال المسلمين».. فيا ولاة أمور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها اتقوا الله في شعوبكم، واختاروا لهم القوي الأمين، الصادق المخلص، الثقة النزيه، وتذكروا قول الله { لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون } (الأنفال 27).. وإنها «أمانة ولكنها خزي وندامة في يوم القيامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».. كما قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

* مدرس في كلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى