رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> إبراهيم حسن الكاف:تريم:جاء في معجم بلدان حضرموت المسمى (إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت) للعلامة المؤرخ عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف صـ490 أن «تريم هي قاعدة حضرموت» وقال الهمداني: «وتريم مدينة عظيمة»، وقال ياقوت الحموي في معجمه:«تريم اسم إحدى مدينتي حضرموت، لأن حضرموت اسم للناحية بجملتها ومدينتاها تريم وشبام، وهما قبيلتان سميت باسمهما البلدتان».

تريم ثاني أعز مدن السلطنة الكثيرية وهي مدينة أربطة العلم، وأول رباط بني فيها هو رباط الشيخ إبراهيم بن يحيى بافضل، وأشهر مساجدها مسجد آل أحمد، بناه السيد محمد بن علي خالع، وجدده من بعده الشيخ عمر المحضار، كما أن تريم مدينة شيوخ العلم والإبداع والتربية والمحاماة والهندسة والطب والبر والإحسان، ويتصدر هؤلاء السيد شيخ بن عبدالرحمن الكاف، وتنتمي قامات تريم إلى بيوت آل الكاف والشاطري والحداد والجنيد وابن سهل وآل بن يحيى وبافضل وبلفقيه وباهارون وابن شهاب والمشهور (غير مشهور أحور) والبار وغيرهم.

تعتبر تريم من مدن النهضة على مستوى الجزيرة العربية، ففيها تكونت «جمعية الحق» عام 1913م و«جمعية الإخوة والمعاونة» عام 1927م، وأول مدرسة ليلية للأولاد عام 1930م وفتحت فيها أول مدرسة للبنات عام 1936م وتم إرسال أول بعثة من الطلاب إلى العراق عام 1936م وإلى سوريا عام 1945م، وفي هذا العام نفسه افتتح أول معهد لتدريب المعلمين، ناهيكم عن النشاط الصحفي فيها مبكرا في سنغفورة أولا لتوفر الإمكانات والظروف الموضوعية هناك.

الميلاد والنشأة:

إبراهيم حسن الكاف من مواليد مدينة تريم في 11 يونيو 1944م وفيها تربى ونشأ وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي فيها بين عامي 1958-1950م، وتوقف عن مواصلة دراسته الثانوية لأسباب خاصة وموضوعية، واعتمد على التثقيف الذاتي.

الكاف يشد الرحال إلى عدن:

يلاحظ من مسيرة راحل الصحافة إبراهيم الكاف أنه كان «كريشة في مهب الريح لاتستقر على حال» وذلك لرداءة وتقلبات الأوضاع وتغليب العنف على الحوار، وساد الساحة شعار «من هو ليس معي فهو ضدي»، فكانت الانطلاقة الأولى له في نهاية عام 1962م إلى عدن، حاضرة المجتمع المدني ومنظماته، وكانت ضالته المنشودة في عدن هي البحث عن عمل والرغبة العارمة في توسيع مداركه وبدأت مساهماته في الظهور في معظم الصحف التي نشرت مساهماته في المجالات الفنية والأدبية والاجتماعية.

عمل الفقيد إبراهيم الكاف في مؤسسة «الأيام» مع عميدها المؤسس المغفور له بإذن الله محمد علي باشراحيل، وعرف في أوساط القراء من خلال عموده الأسبوعي (غصن الزيتون) وشد هذا العنوان نجله سامي لأنه اقترن بتوجهه الدائم في حمل غصن الزيتون متى ما ظهر نزاع أو خلاف بين صديقين، فتجده سباقا في مبادرته لإصلاح ذات البين ولم شعث الأحبة.

حضور الكاف في الصحف الرابطية:

نشرت الصحف الحضرمية مساهمات إبراهيم الكاف، وهي «الطليعة» التي تأسست عام 1959م وصاحبها ورئيس تحريرها أحمد عوض باوزير- أمد الله بعمره ومتعه بالصحة- وصحيفة «الرائد» التي تأسست عام 1961م وصاحبها ورئيس تحريرها المغفور له بإذن الله حسين محمد البار، وصحيفة «الرأي العام» التي تأسست عام 1963م وصاحبها ورئيس تحريريها عبدالرحمن بافقيه.

(عبدالرحمن خبارة- نشوء وتطور الصحافة 1967/1937م صـ164).

صدرت صحيفة «الحق» بعدن في 17 مايو 1966م وكانت تعد لسان حال «رابطة أبناء الجنوب العربي» وكان صاحبها ورئيس تحريرها عبداللطيف كتبي، وفي البداية كان سكرتير تحريرها عائش محمد عبدالله، وفيما بعد عين إبراهيم الكاف مديرا لتحريرها، وتم إلغاء منصب سكرتير التحرير.

(د. سيف علي مقبل: تاريخ الصحافة اليمنية - مطلع القرن العشرين- 1967م صـ190).

الكاف في مثلث تعز- عدن- الكويت:

نضج إبراهيم الكاف سياسيا وفكريا وثقافيا، لأن الساحة في عدن كانت مدرسة رفيعة المستوى والجودة، فقد كانت زاخرة بالأقلام والأعلام والأرقام، ومع اشتداد الكفاح المسلح انطلق الرصاص بغير حساب وتوقف العقل، وورد في موجز سيرته الذي أعدته الأسرة: «سافر إبراهيم الكاف إلى تعز، العاصمة الثانية للشطر الشمالي من اليمن، وذلك في أوائل العام 1967م، وهناك تعرف عن كثب على المجاميع المختلفة التي كانت تعمل في السياسة، واستطاع أن يتفهم طبيعة الظروف التي أحاطت بالعمل الوطني ورافقت الكفاح المسلح».

وفي نوفمبر من العام نفسه عاد إبراهيم الكاف إلى عدن، إلا أن الأوضاع السياسية التي استجدت آنذاك لم تكن مواتية للوطنيين والسياسيين من ألوان الطيف الأخرى، ولم يكن هناك من خيار آخر أمام إبراهيم الكاف غير مغادرة أرض الوطن إلى أرض الله الواسعة، واستقر به المقام في الكويت في أواخر العام 1968م، وعمل هناك في بعض الصحف أو المجلات، فعمل بصورة مؤقتة في مجلة «أضواء الكويت» (أدبية)، وكتب لمجلة «الطليعة» عددا من المقالات بعنوان: (ملاحظات انتقادية حول المسألة الوطنية والثورة في جنوب اليمن)، تطرق فيها إلى قناعاته السياسية والفكرية التي توصل إليها حول هذه القضايا.

الكاف محررا شرطويا ومربيا تربويا:

لم يتمكن إبراهيم الكاف من البقاء طويلا في الكويت، خاصة بعد إغلاق مجلة «الطليعة» في يناير 1969م وفي يوليو من العام نفسه اتصل به النقيب عبدالرحيم أحمد سالم عتيق للعمل معا لإنجاز مشروع إصدار مجلة «الحارس» وإصدرا العدد الأول منها في أغسطس 1969م، وعمل في «الحارس» محررا غير متفرغ حتى أكتوبر 1969م، وبعد شهر واحد (نوفمبر) عمل مدرسا للغة العربية بكلية بلقيس في الشيخ عثمان (عدن) وكان يعمل محررا غير متفرغ في «الحارس» حتى نوفمبر 1972م، وطلب منه العمل متفرغا في «الحارس» على أن يقدم استقالة إلى وزارة التربية والتعليم.

الكاف محررا في «الجندي» و«الراية»:

انتقل إبراهيم الكاف بعد ذلك إلى القوات المسلحة وكان أحد مؤسسي مجلة «الجندي» وصحيفة «الراية»، حيث أشرف مباشرة عليهما بصفته مديرا لتحرير المجلة والصحيفة حتى العام 1983م، حيث أسهم الفقيد إبراهيم الكاف إسهاما كبيرا في تطوير صرح الصحافة العسكرية والأمنية خلال فترة عمله.

إبراهيم الكاف.. محطات وعطاءات

انتقل إبراهيم الكاف بعد ذلك إلى دار الهمداني للطباعة والنشر مع الشهيد أحمد سالم الحنكي حتى العام 1986م، حيث عمل في دار الهمداني محررا عاما في مجلة «المسار» و«نداء الوطن» اللتين كانتا تصدران من الدار.

عمل إبراهيم الكاف محررا في صحيفة «14 أكتوبر» اليومية في أواخر ثمانينات القرن الماضي، وعمل في بداية التسعينات مديرا لتحرير صحيفة «عدن» الأسبوعية ثم عمل سكرتيرا لتحرير «14 أكتوبر» ثم مديرا لتحريرها.

صدر قرار جمهوري في العام 1999م بتعيين إبراهيم الكاف رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر رئيسا لتحرير صحيفتها اليومية وقادها بحنكة واقتدار رغم صعوبة الظروف، واستمرت قيادته للمؤسسة والصحيفة حتى مايو 2005م وأحيل للـتقاعد في العام 2007م.

إبراهيم الكاف قاصا في سجل حسين باصديق:

تعددت وتنوعت كتابات الراحل الكبير حسين سالم باصديق في مجالات الأدب والثقافة، ففي إحدى دراساته عن القصة القصيرة اليمنية ضمنها كتاب «الثقافة اليمنية، رؤية مستقبلية» الجزء الأول صـ 119 أن القصة الأولى لإبراهيم محمد الكاف كانت (السارقة) ونشرت عام 1965م.

صدرت مجموعته القصصية الأولى بعنوان (الانفجار) والثانية بعنوان (الصوت والصدى)، كما أصدر كتابين آخرين بعنوان (حصاد القلم) من جزئين.

«الأيام» تنعى إبراهيم الكاف:

انتقل راحل الصحافة والأدب إبراهيم محمد حسن الكاف بمدينة تريم في الثانية عشرة إلا ربعا من مساء 11 أغسطس 2008م، وشيع جثمانه بمدينة تريم في اليوم التالي لوفاته، وعددت «الأيام» في عددها الصادر بتاريخ 13 أغسطس 2008 مناقب الفقيد في مشواره الحافل بالعطاءات والتضحيات.

للفقيد إبراهيم الكاف أربعة أولاد هم سامي، خليل، منير وناهية.

لم ينل الفقيد الكبير حقه في التقييم والتكريم على المستوى الرسمي ومات مغبونا لكن التاريخ سينصفه.

2- محمد هيثم علي:

دثينة:

يتكون سكان دثينة من القبائل التالية: الحسني ، الميسري، السعيدي، الفطحاني، بالإضافة إلى السادة والمشايخ، أهل قاعل، وبدورهم أهل حسنة ينقسمون إلى القبائل التالية: أهل منصور، أهل زامك، أهل حسين.

وينقسم (أهل حسين) إلى عشر فخائذ منها أهل ناصر بن حسين التي تنقسم إلى الفروع التالية: أهل عبدالله بن ناصر وأهل محمد بن ناصر وأهل فضل بن ناصر في القوز (امقوز).. (لمزيد من التفاصيل راجع: حمزة علي لقمان: تاريخ القبائل اليمنية- الجزء الأول- اليمن الجنوبية- ص 243).

الميلاد والنشأة:

الفقيد محمد هيثم علي الصوبي من مواليد عام 1939م في قرية امقوز في دثينة، وتلقى قسطا بسيطا من التعليم، وفي العام 1956م عمل في مصافي الزيت البريطانية (B.P) في مدينة البريقة، وكان المد القومي في حركة تصاعد بدءا من ثورة 23 يوليو 1952م والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ولم يكن منتميا لأي تنظيم من التنظيمات، وكان متحمسا للعمل النقابي وسط كوكبة أفصح عن أسمائهم في لقائه مع صحيفة 14 أكتوبر (الخميس 14 أكتوبر 1993) منهم على سبيل المثال: محمد العبودي وعبدالله منصور وليدي وعبدالله مطلق ومحمد حسين امذروي وأحمد علي العلواني ومحسن عوض.

هيثم ينتقل من البعث إلى حركة القوميين العرب بوساطة علي ناصر محمد:

سعت جموع من حزب البعث العربي الاشتراكي في أواخر عام 1958 لاستقطاب محمد هيثم علي وعدد من زملائه منهم محمد حسين امذروي وعبدالله مطلق وأحمد صالح الشاعر، وكانت الدعوة بداية هدفها التعارف في منزل عثمان عبدالجبار (عضو مجلس النواب في أول برلمان بعد الوحدة) وبعد ذلك في منزل سعيد الجبار، وفوجئ محمد هيثم في إحدى ليالي نهاية عام 1959م بزيارة قام بها علي ناصر محمد إلى البريقة قادما من أبين وطرق بيت هيثم وطرح عليه فكرة الانضمام لحركة القوميين العرب.

عقد أول لقاء في منزل هيثم شارك فيه امذروي ومطلق والشاعر وصالح مفلحي وقاسم غانم وفاروق مكاوي وآخرون، وترأس اللقاء علي ناصر محمد الذي جاء وبرفقته الأخ علي أحمد ناصر السلامي كأحد القياديين في منطقة عدن، وأشار محمد هيثم علي إلى أن قياديين آخرين كانوا يترأسون اللقاء التنظيمي منهم عبدالقادر سعيد وعلي السلامي ونور الدين قاسم، وانضم إليهم بعد التشكيل عبدالفتاح إسماعيل وشغل مركز نائب المسئول عن الخلية، وأضافوا لهم عبدالملك إسماعيل وحسين فرحان.

هيثم في مثلث عدن - تعز - المنطقة الوسطى:

تم تشكيل جبهة المنطقة الوسطى ومقرها جبل فحمان عام 1964 لتشكل عمقا استراتيجيا لردفان، وكلف محمد هيثم بالنزول إلى المنطقة مع عبدالله عبدربه الحداد لتشكيل خلية قيادية في منطقة أهل فضل في الوضيع، وشكلت أول خلية قيادية من:

الشهداء السيد صالح عيدروس وعلي امزنو ومحمد ناصر منصور والخضر الصوفي وعوض ناصر الجحمة وعبدالله عبدربه، وتولى قيادتهم محمد صلاح باعتباره من قيادة شعبة المنطقة الوسطى (دثينة) ومقرها جبل فحمان.

يضيف هيثم في لقاء 14 أكتوبر (مرجع سابق):«طبعا التنظيم كان موجودا في المنطقة، لكن هذا قبل نزول مجموعة ناصر السقاف ومحمد علي هيثم وعلي ناصر محمد وعلي القفيش وعبدالله الهيثمي ومكيش، وعدنا لمواصلة الكفاح المسلح في عدن».

عن تنقله بين هذه المنطقة وتلك يقول هيثم:«ومن بعد شهر أكتوبر 1965 كنت أتنقل بين تعز وعدن والمنطقة الوسطى، وكنت أنسق عملية إيصال نقل الأسلحة بواسطة مناضلين منهم: عبدالله سالم العسل وعباس وصالح ملقاط».

محطات في حياة الفقيد محمد هيثم:

شغل الفقيد محمد هيثم علي منصب مأمور مديرية عتق خلال الفترة 30 نوفمبر 1967 - 20 مارس 1968، وعين بعد ذلك عضو اللجنة السياسية العليا للإصلاح الزراعي، ثم مسئول الإصلاح الزراعي في المحافظة الخامسة (حضرموت)، ثم مدير عام الإصلاح الزراعي بالوكالة.

بالإضافة لخلفية دراسته في مركز التدريب في المصافي أهل محمد هيثم نفسه خلال الفترة 71 - 1974 في ألمانيا الديمقراطية، حيث حصل على دبلوم تجارة في مجال تسويق الإنتاج الزراعي وخلال الفترة -74 1979، شغل منصب مدير التسويق الداخلي في المؤسسة العامة للخضار والفواكه، ثم مديرا عاما ورئيسا لمجلس إدارة المؤسسة نفسها خلال الفترة 79 - 1984، انتقل بعد ذلك إلى وزارة الخارجية للعمل في السلك الدبلوماسي لليمن الديمقراطية حتى انفجار الأوضاع في يناير 1986.

عين بعد قيام دولة الوحدة وكيلا أول برئاسة مجلس الوزراء حتى وفاته في 14 مارس 1999، ونعته «الأيام» في اليوم التالي لوفاته.

خلف الفقيد محمد هيثم علي الصوبي سجلا وطنيا واجتماعيا طيبا وسبعة أولاد هم:

الخضر (متقاعد)، عقيد مهندس بحري نبيل، عمر (مهندس زراعي)، عبدالرقيب وأشيد (ضابطان في القوات المسلحة)، ابنة تعمل مُدرسة، وابنة مقيمة في دولة الإمارات.

لايزال معاش الفقيد محمد هيثم علي الصوبي متواضعا لا ينسجم وسجله النضالي الوطني والعملي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى