> «الأيام» محمد مرشد عقابي:

قصر السلطان فيصل ابن سرور الحوشبي
وهذا الكلام لانعني به جهة بعينها، بل كل الجهات التي يهمها بقاء تاريخ حضارة السلطنة وكل الغيورين من أبناء الحواشب الذين باستطاعتهم قول كلمة حق في هذا الشأن .
ومن أهم المعالم الحوشبية التي بدت بوادر اندثارها تقترب رويدا رويدا قصور السلطنة التاريخية تلك الشوامخ الدالة على حضارة وعظمة وعراقة تاريخ أبناء الحواشب في سلطنتهم المترامية الأطراف والممتدة من منطقة مثلث المسيمير حتى جبال نعمان. «الأيام» كان لها سبق صحفي من بين كل المطبوعات الوطنية للتفتيش في دفتر تاريخ أرض الحواشب لتعاين بالصورة والكلمة شواهد حضارة هذه الأرض ومعالمها الآيلة للاندثار والمحو، فإليكم أعزائي القراء الأكارم ماحملته هذه السطور:
تاريخ مدفون ومعالم في طريقها للاندثار
من معالم السلطنة الحوشبية الباقية قصر السيدة شمس بنت علي زوجة سلطان الحواشب الأول ، وكذلك قصر السلطان فيصل بن سرور الفجاري، وقصر نائب سلطان الحواشب السيد فضل محسن.

مبنى محكمة سلطنة الحواشب بمدينة المسيمير
وقال: «إن الاستمرار في إهمال وإغفال هذه المعالم التاريخية وعدم الاهتمام بها وترميمها قد أوجد الظروف الملائمة أمام العابثين ليعبثوا فيها كيفما يشاؤون»، وأردف بالقول: «استمرار إهمال وعدم صيانة قصور السلطنة قد ساهم في اندثار وطمس الكثير من معالمها والتي قد تكون بداية لمسلسل المحو الذي قد يطال كل الآثار والإرث التاريخي الذي خلفته وصنعته الأيادي الذهبية للأجداد ليكون رمزا لكل الأجيال المتعاقبة».
واستطرد قائلاً: «في هذا الوضع الخطير الذي يداهم معالمنا وماتبقى لنا من هوية تربطنا بالأرض والتاريخ، فإنني باسم كل حوشبي غيور على تاريخه وهويته وعراقته نطالب السلطة المحلية والمجلس المحلي وكل الجهات المعنية وكل من ارتبط بالمسيمير وسكنها وسكنت فؤاده الوقوف أمام ما تتعرض له معالمنا من أعمال محو وهدم وتغيير وطمس، والعمل على حفظها وصيانتها وترميمها تقديراً لقيمتها المسطرة في سجل التاريخ على مر العصور، ولكونها الشاهدة على حضارة الإنسان الحوشبي».
واعتبر الشيخ العبادي في حديثه أي تغيير يطال آثار السلطنة هو تغيير لوجه تاريخ أبناء الحواشب ككل على مر العصور، وطالب في حديثه الجهات الرسمية بالمديرية والمحافظة بضرورة حصر كل المواقع الأثرية وإعداد خارطة بالمواقع الأثرية في كل المناطق الحوشبية ووضعها ضمن وحدات الجوار وتحرير محارم لها واستثمارها جيداً وتفعيل هيكل مؤسساتي مؤهل لإدارة أعمال الحفاظ على كل الآثار وإعادة تأهيلها والمحافظة عليها، مطالباً بهذا الصدد الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار بالعمل على الحفاظ على هذه الآثار كونها تعتبر جزءا لايتجزء من حضارة اليمن السعيد.

قصر السلطانة الحوشبية صالحة بنت صالح أم السلطان فيصل محمد بن سرور الفجاري الحوشبي سلطان سلطنة الحواشب
قصر السيدة صالحة بنت صالح واحد من القصور التاريخية التي هبت رياح المحو والطمس عليه لتجرفه من أساسه، ولم يعد منه إلا أجزاء بسيطة وأشلاء متناثرة ومتفرقة تحكي قصة تاريخ لم يجد من يحفظه ويخلده.
يعتبر هذا القصر بجانب قصر السلطان الأب سرور الفجاري، أبرز قصور السلطنة الحوشبية التي اندثرت بفعل الإهمال وعدم إعطائها ماتستحق من مكانة وأهمية.. وحول ذلك وغيره تحدث إلينا الشيخ إبراهيم صالح ناصر، أحد معاصري أغلب فترات الحكم أيام السلطنة الحوشبية قائلاً : «من الأهمية في أي بلاد أن تحظى الآثار والمكونات التاريخية الأخرى باهتمام رسمي وشعبي، وذلك لارتباط البلد بما يملكه من سجل وحضارة وتاريخ، والآثار هي ماتحكي حضارة الشعوب وتحكم على تقدمها أو تأخرها وحضارة أي بلاد أو شعب مربوطة بما يملكه من تاريخ، والآثار هي التاريخ، لأنها تدل على عظيم صنع الإنسان في أي حقبة زمنية كانت، وباختصار فإن هوية أي بلد تبقى متعلقة بما له من تاريخ وآثار يستطيع من خلالها أن يظهر ويبرز وجوده».
وقال: «بالنسبة لملامح تاريخنا الحوشبي، فهي من دون شك ترتبط بتلك القصور الشامخة والدالة بكل معاني الشموخ أن للحواشب تاريخاً يسطر بحروف الذهب على مر العصور وأن مايحدث لمعالم السلطنة الحوشبية في وقتنا الحاضر من طمس وتشويه ومحاولات من قبل العابثين لمحوها يعتبر شيئاً مخزياً ويحز في النفس ألماً وحسرة في ظل صمت مريب تبديه السلطة المحلية والجهات المعنية في المديرية التي لم نلمس منها أي تحرك في اتجاه المحافظة على ماتبقى لنا من هوية نستطيع أن نفاخر بها، حيث إن مديريتنا تعاني نقصا في الكثير من المشاريع والخدمات الحيوية الضرورية في هذه البلاد».

صور مختلفة لقصر السلطان الحوشبي فيصل بن سرور
ويجب أيضاً أن يكون هناك حراسات أمنية مؤتمنة للمعالم الأثرية، كما هو معمول في كل المرافق والبنوك التي لاتقارن قيمتها بقيمة المعالم الأثرية، حيث إنها واجهة ووجه أي وطن وهي أغلى قيمة بكثير من النقود، لأنها تمثل تاريخ وجود أمة على أي بقعة من الأرض».