في ندوة نظمها نادي رجال الأعمال اليمنيين حول (تحول الشركات المساهمة المقفلة إلى شركات اكتتاب عام).. خبراء اقتصاديون: إن خيار تحول الشركات العائلية (المقفلة) إلى شركات مساهمة عامة هو الضامن الوحيد للمحافظة على استمراريتها وأداء دورها في عملية التنمية

> صنعاء «الأيام» عبدالفتاح حيدرة:

>
أكد خبراء اقتصاديون أن خيار تحول الشركات العائلية (المقفلة) إلى شركات مساهمة عامة هو الضامن الوحيد للمحافظة على استمراريتها وأداء دورها في عملية التنمية وصمودها أمام التحديات المحلية والخارجية، وطالبوا بتحول الشركات المساهمة المقفلة إلى شركات اكتتاب عام، وذلك في الندوة التي نظمها نادي رجال الأعمال اليمنيين بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة، كما طالبوا أصحاب الشركات العائلية بالتحرك سريعا لإنقاذ شركاتهم من خطر الاندثار وانتهاء دورة حياتها.‏

وقال الخبير بالشئون الاقتصادية والمالية حسين حسن قعطبي:«إن الشركات العائلية المقفلة تهيمن على أداء الاقتصاد اليمني، حيث تفوق نسبتها الـ99 بالمائة من إجمالي الشركات المرخصة والعاملة في اليمن».. معتبرا أن أبرز التحديات التي تواجهها اليمن في مساعيها لإحداث تصحيحات وتعديلات هيكلية أساسية وسريعة في بناها الاقتصادية لتتواكب مع ما يشهده الاقتصاد العالمي من تغيرات وتطورات متلاحقة «هي الشركات المساهمة ذات الاكتتاب العام، التي بنهاية عام 2007 لم يتجاوز عددها 12 شركة، بعد أن تم تصفية اثنتين منها».

وأكد أن طرح الشركات العائلية المقفلة نسبة من رأسمالها للاكتتاب العام «ظاهرة صحية تستفيد منها الشركات المعنية ويستفيد منها الوطن والمواطن على حد سواء، وستؤدي إلى خلق مجالات لتوظيف مدخرات الأفراد وتنمية دخولهم، وتوجيه المدخرات نحو مجالات استثمارية حقيقية تساهم في تكوين رأس مال وطني يوظف في المجالات الصناعية والتجارية والخدمية».

وأوضح قعطبي أنه وبحسب الإحصاءات العالمية «فإن الشركات الخاصة التي تديرها وتمتلكها عائلات متوسط عمرها الافتراضي ‏24‏سنة وأن الجيل الأول من أصحاب تلك الشركات هو الجيل القوي القادر على الاستمرار بينما لا يستمر من تلك الشركات حتى الجيل الثاني إلا نحو ثلث تلك الشركات ونحو ‏10 بالمائة منها يستمر حتى الجيل الثالث من أفراد العائلة».

وأكد أن بيانات وزارة الصناعة والتجارة توضح أن إجمالي الشركات المسجلة في اليمن وصل بنهاية عام 2007م إلى 3575 شركة بأنواعها المختلفة، منها 14 شركة مساهمة اكتتاب عام لا تشكل سوى أقل من نصف الواحد في المائة، من إجمالي الشركات المسجلة. وقال قعطبي:« من 14 شركة اكتتاب عام في اليمن هناك شركتان قد تمت تصفيتهما وشركة واحدة ما زالت قيد التصفية، و ما تبقى منها يكون 11 شركة.

وإذا اجتهدنا وقارنا وضع بيانات شركات الاكتتاب العام في اليمن بحسب هذه المعطية ووضعها قبل فترة عشر سنوات مضت، سنتبين أن عدد هذه الشركات هو 11 شركة بنهاية 2007م، في حين بنهاية عام 1997م سجلت 8 شركات اكتتاب عام لدى الإدارة العامة للشركات بوزارة التجارة والصناعة، وهذا يظهر لنا أنه وخلال فترة عشر سنوات ماضية (1997م - 2007م) لم تسجل سوى 3 شركات اكتتاب عام، وهذا أمر لافت للغاية ينبغي للجهة المختصة (وزارة الصناعة والتجارة) إجراء الدراسات للوقوف على أسباب ذلك التعثر الجوهري في قيام شركات المساهمة ذات الاكتتاب العام على الرغم من الجاذبية الاقتصادية والمالية التي تتمتع بها بشكل عام مثل هذه الشركات».

من جهته بين مدير عام الدين الداخلي وسوق الأوراق المالية بوزارة المالية حلمي عبدالجليل جازم أن الشركات المساهمة «قادرة أكثر من غيرها على تنفيذ مشاريع استثمارية كبيرة تعمل على تحسين الاقتصاد ورفع كفاءته وتوسيع قاعدة السوق الأفقية والرأسية». وقال : «تعمل الشركات المساهمة على حشد المدخرات وتحفيز عملية اندماج الشركات الصغيرة ذات الملكية الفردية لتكوين كيانات كبيرة قادرة على الإنتاج بكميات اقتصادية تدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية إلى الأمام. كما أن قدرة الشركات المساهمة على الاستمرارية يعطي للاقتصاد استقرارا أفضل ففي ظل الشركات المساهمة يمكن أن نرى انهيارات للإدارات أو مجالس الإدارة وتغييرها أو موت مؤسسيها أو ذهابهم ولكن تظل الشركة قائمة.

وقدرة الشركات المساهمة على التجدد يبقيها قوية قادرة على العطاء دائماً مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الكلي».

وبحسب قعطبي فإن مزايا تحول الشركات العائلية إلى مساهمة اقتصادياً، تتلخص «في تجنب الانهيار عند غياب الجيل الأول من المؤسسين وانتقال الملكية إلى الورثة وبالحصول على التمويل بشروط ميسرة نسبياً والاستفادة من مزايا الشركات المساهمة ذات الاكتتاب العام وخاصة إمكانية زيادة رأس المال لزيادة الموجودات الثابتة والمتداولة والاستفادة من الدعم الحكومي لاسيما في المجال الضريبي ورفع مستوى الإفصاح والشفافية من خلال زيادة الإفصاح الدوري مما يساعد في تدعيم الوعي الاستثماري لحملة الأسهم. واجتماعياً بتوسيع وتنامي الطبقة الوسطى في المجتمع وما ينتج عن ذلك من تقدم وازدهار» .

ويقول:«المؤكد أن تحول شركات المساهمة العائلية(المقفلة) إلى شركات مساهمة اكتتاب عام، قد أصبح ضرورة وليس خياراً».

ويؤكد أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية التجارة جامعة عمران د. مطهر المخلافي «أن شركات الاكتتاب العام التساهمية من التنظيمات المالية والاقتصادية ذات الكفاءة التي يمكن من خلالها إقامة كيانات اقتصادية كبرى ينجم عنها توسيع الطاقات التمويلية والاستيعابية للاقتصاد الوطني ورفع معدلات تشغيل القوى العاملة وتنويع مصادر الدخل وتوطين التقنية وتأهيل الاقتصاد الوطني للتكامل والاندماج المعظم للمنافع على المستوى الإقليمي والدولي، والتغلب على جوانب القصور في القطاع الخاص وتإهيله للدور الإنمائي المناط به، إضافة الى الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة محلياً وخارجياً وتضييق فجوة الموارد» .

ويرجع أسباب عدم تحول الشركات المساهمة المقفلة إلى شركات مساهمة مفتوحة «إلى تحديات داخلية تتعلق بالشركة نفسها وأخرى خارجية تتعلق بالقوانين والحالة الاقتصادية للبلد». ويلخص أهم التحديات الداخلية «في ثقافة العائلة، وعدم وجود خطط وسياسات استراتيجية طويلة المدى للشركات المساهمة المقفلة أو عدم فاعلية تلك الخطط في حال وجودها مما يجعل شركة المساهمة المقفلة تتخبط في مسارها، إضافة إلى عدم وجود ضوابط داخلية لتلك الشركات تعزز مبدأ الشفافية وتحدد علاقة المدراء والملاك والمساهمين إما عن طريق إدخال برامج لحوكمة لتلك الشركات أو تبني مبادئ أخلاقيات العمل فيها مما يجعلها عرضة لسوء الاستغلال من قبل القائمين على إدارتها».

ومن التحديات الخارجية كما يقول جازم: «الإخفاقات التي طالت عددا من شركات المساهمة المفتوحة في السابق وما خلق ذلك من انطباع بعدم إمكانية تطبيق نموذج الشركات المفتوحة في الوقت الحاضر، وبعض جوانب القصور في قانون الشركات فيما يخص شركات المساهمة المفتوحة أو التحول إلى شركة مساهمة مفتوحة، وكذا ضعف أجهزة القضاء وتطويل إجراءات التقاضي وحل المنازعات بالإضافة إلى ضعف آليات تعزيز سلطة القانون في إنفاذ الأحكام القضائية، وعدم وجود قانون للأوراق المالية يهتم بتنظيم وتسهيل وتسريع علميات تبادل الأسهم والسندات للشركات من خلال سوق رسمية (بورصة أسهم وسندات) في بيئة من الشفافية والحماية للمستثمر».

وأورد د. المخلافي عددا من العوامل لمعوقات إقامة شركات الاكتتاب العام التساهمية «أهمها ضآلة الوعي الاستثماري حول أهمية ودور شركات الاكتتاب العام التساهمية، وغياب سوق الأوراق المالية المنظمة، والصعوبات الناشئة عن الإجراءات المطولة لتأسيس هذا النوع من الشركات».

اتفق المشاركون في الندوة على أن إنشاء سوق للأوراق المالية في اليمن غدا ضرورة حتمية لتسريع عملية التنمية وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي مما سيساعد على نشوء مشاريع اقتصادية كبيرة تستوعب الكثير من الأيدي العاملة ويخلق قناة جديدة للإنفاق الاستثماري ويشجع على نشوء العديد من المشاريع الإنتاجية الجديدة وتوسيع المشروعات القائمة من خلال مدها بالأموال اللازمة.. غير أن البعض يرى أن إنشاء سوق للأوراق المالية في الوقت الراهن صعب كون معظم الشركات اليمنية عائلية ولم تتكون من خلال أسهم.

وأشار د. المخلافي إلى أن سوق الأوراق المالية المزمع إنشاؤه في اليمن «يشكل فرصة للشركات المساهمة حيث تعد الشركات المساهمة بحكم تكوينها وآلية عملها وأهميتها أداة رئيسية لسوق الأوراق المالية تعتبر الأوفر حظاً للإدراج في السوق».. مؤكدا أنه في ظل وجود عدد محدود للشركات المساهمة (180 شركة) «إلا أننا نظل نتفاءل بأن العدد مهما كان صغيراً فإنه يكون واعداً بإنشاء سوق الأوراق المالية».

ويعرب عن تطلعه ان تكون هناك 15-10 شركة مساهمة مقفلة جاهزة للتحول إلى اكتتاب عام في سوق الأوراق المالية عند إطلاقه بالإضافة الى وجود 10 شركات مساهمة مفتوحة.. مؤكدا أن النظرة لإنشاء السوق «لا ترتكز فقط على أساس العرض والطلب وإنما ترتكز أيضا على الرؤية المستقبلية للتأثير الإيجابي الذي سوف يحدثه السوق على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن للمدى القصير والمتوسط والبعيد».

وقال:«لهذا فإن التركيز في الوقت الحاضر ينصب على شركات المساهمة المقفلة وشركات الاكتتاب العام لتجهيزها للإدراج في سوق الأوراق المالية الذي سيمكنها من الحصول على التمويل المناسب لتنمو وتتوسع أفقيا ورأسيا». ويقترح قعطبي على وزارة الصناعة «أن تعرف أسباب العزوف عن تحول الشركات المقفلة إلى شركات مساهمة ذات اكتتاب عام أو إنشاء شركات مساهمة من نفس النوع، وتلمس أوجه المعوقات أو الصعوبات التي تواجه ذلك ، وذلك عبر إجراء الدراسات الموضوعية والرصينة لتنفيذ ذلك الأمر، وكذا مواصلة جهود إقامة سوق لتداول الأوراق المالية في اقرب وقت ممكن ، لما يترتب على ذلك رفع درجة الإفصاح وشفافية تشجع على تحول الشركات المقفلة إلى شركات مساهمة باكتتاب عام و قيام شركات مساهمة باكتتاب عام جديدة».

ويشير د. المخلافي إلى أن تشجيع جهات الاختصاص الحكومية على انتشار وسيادة الشركات المساهمة (اكتتاب عام) في القطاعات الاقتصادية المختلفة «المساهمة الكبيرة في تحقيق التسريع في إقامة قاعدة اقتصادية ، وتوليد فرص عمل مستديمة ومتجددة ، وتنويع مصادر الدخل القومي، وتصحيح الاختلالات الهيكلية في بنيان الاقتصاد الوطني ، وتوفير البنية الملائمة لاستثمارات المغتربين اليمنيين، والتقليل من الآثار الاقتصادية السلبية للعولمة.

وبالنسبة للقطاع الخاص فيؤدي تبنيه لشركات الاكتتاب العام إلى تمكينه من مواجهة جوانب القصور التي يعاني منها، وتوظيف الأرصدة الفائضة لدى القطاع المصرفي، وإقامة المشروعات الاقتصادية كثيفة راس المال في القطاعات الإنتاجية والواعدة ، والحصول على التقنيات ذات التكاليف المرتفعة».

وبينما أكد المستشار المالي محمد زهدي مجني أن تحول الشركات إلى مساهمة عامة «يرتب على كاهل المسئولين في وزارة الصناعة والتجارة ومجالس الإدارات لغرف التجارة والصناعة ومسؤولي الخطط الإقتصادية والتمويلية في وزارة التخطيط وهيئة الإستثمار ووزارة المالية المسؤوليات المباشرة عن توفير برامج العمل المناسبة لدعم إجراءات التحول.. وتوفير كافة أسباب النجاح بعد إزالة المعوقات .. وصولاً إلى الأهداف المرسومة والمخططة من زيادة أعداد وحجم الأموال المستثمرة في الشركات المساهمة ـ اكتتاب عام».

ويذكر ضمن سرده للمسؤوليات المشتركة «مراجعة كافة القوانين الاقتصادية النافذة وتعديلها بإزالة كافة النصوص التي تتعارض أو تمنع تحول الشركات وإضافة كافة النصوص وأحكام المواد التي تشجع التحول للشركات، وتحديث التشريعات والقوانين الاقتصادية النافذة بالمراجعة الهادفة لأحكامها لتأكيد الإستراتيجية والسياسة الاقتصادية للدولة.

إضافة إلى متابعة برنامج الخصخصة لشركات القطاع العام على اختلاف أنواعها والتأكيد على أهمية القطاع الخاص لقيادة العمل الاقتصادي الوطني واستراتيجياته، وانسجام ذلك مع خطط وبرامج الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وسواء تم ذلك التحول إلى شركات مساهمة مختلطة (عام + خاص) أو إلى شركات مساهمة عامة قطاع خاص بالكامل».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى