وللفن أسراره .. السينما العربية بين الخيال والواقع

> «الأيام» فاروق الجفري:

> البحث عن صيغة مناسبة لمخاطبة جمهور الشباب العربي، الذين يشكلون النسبة الكبرى من مجموع المشاهدين في دور السينما، لم يكن سهلا، بل كان في أحيان كثيرة غامضا ومرهقا.

ومن باب الاستسهال- كما هي العادة- وضع بعض السينمائيين العرب عيونهم على السينما الأمريكية- باعتبارها المثل الأعلى والأكثر انتشارا وتأثيرا- بدأت محاولات التقليد المشوهة.. أفلام مطاردات وعنف وجرائم غريبة، وأفلام التحلل الأخلاقي تحت شعار العصرية والتحرر، وظهرت أفلام مليئة بالسيارات الفارهة والعمارات الشاهقة والشقق والفيلات الأنيقة وملابس على أحدث موضة وتلفونات ملونة وبأشكال مختلفة وحمامات سباحة، وفتيات بالرموش الصناعية والباروكات والمكياج، حتى وهن يستيقظن من نومهن. الشباب من المشاهدين يتساءلون في دهشة أين نحن؟ وأين يحدث هذا؟!.

وكان ضروريا أن ينتقل بعض هؤلاء الشباب من مقاعد المتفرجين إلى كاميرات السينما، يقفون خلفها ليصوروا الحياة التي يعيشونها كما هي، بلا تزويق أو خداع.. بالفعل حملوا الكاميرا وخرجوا إلى الشوارع والأزقة الضيقة، يلتقطون منها خيوط موضوعات تنبض بالحقيقة- أي بالآلام اليومية والأفراح البسيطة- وهكذا ظهر جيل جديد من السينمائيين الشباب (مؤلفين وكتاب سيناريو ومخرجين ومصورين وممثلين)، كان كل حلمهم أن يخاطبوا جيلهم من الشباب قبل أن يفقد ثقته تماما بالسينما التي يراها، ولايمكن أن يفهم غير الشباب.

والذي يده في النار ليس كمن يدير بين أصابعه سلسلة مفاتيح السيارة الفارهة والشقة الفاخرة، وتتدلى الحلى الذهبية من أكمام قميصه، والذين أيديهم في النار يعرفون جيدا المسافة بين الخيال والواقع، ويدركون تماما أن مشكلة الجيل من الشباب العربي هي أن تتاح له فرصة أفضل للحياة، وأن يبني مستقبله بأقل قدر من الهموم والمعاناة.. إنه جيل لايطلب المستحيل، ولكن يطالب بأن تتحقق أحلامه البسيطة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى