> «الأيام» عبدالله اليماني:

جميع الناس على اختلاف آرائهم ومذاهبهم وأذواقهم في الغناء والموسيقى قد أحبوا فنه.

لم يكن هناك يمني واحد لايعرفه ولايعرف لماذا منحناه كل هذا الحب.

أحمد قاسم قيثارة ونشيد.. ونغم خالد في حياة شعب، وهب نفسه للفن وطبع حياته على التجديد والابتكار، فملأت موسيقاه الأسماع والأصقاع.. كان يتكلم موسيقى.. ويفكر ألحانا.. وعلى قدر عطائه الفني البديع أحبه الناس بأغنياته (الطفل والشاب والرجل والمرأة والشيخ المسن) وبكى لرحيله كل هؤلاء.

تتلمذت على يديه كتيبة من المطربين والمطربات.. واستفاد من علمه وثقافته الموسيقية جيش فني بأكمله.. لم يغلق نافذته أبدا على كل ما هو جديد.. فتح الطريق واسعا أمام الزيدي وباجنيد وفرسان خليفة.. نثر لصباح منصر وفتحية الصغيرة زهورا ورياحين.. شق لأحمد فتحي قناة في بحر الأنغام.. وحين عمت الفوضى موسيقانا فتح صدره لبعض من تصورهم أملا لليمن من بعد غياب الأساتذة، ويبقى القرن العشرون خير شاهد على عبقريته الفذة.

كان جيل أحمد قاسم (جيل العمالقة)، فقد ولدت الأمهات كوكبة من المبدعين في شتى مناحي الحياة، وبفضل فراسته فقد عمل على الاستفادة من صلاته الوثيقة بالأدباء والشعراء في إثراء فنه، فكان الفنان الأديب.. والأديب الفنان.

لم تحرص أذنه الموسيقية العجيبة على التقاط الأنغام فقط، بل كانت تلتقط ذوق الجماهير، تتغير معها، وتتأثر بتأثرها.

جلس أحمد قاسم على عرش الموسيقى زمنا طويلا لم ينزل منه أو يُخلع عنه.. كان يحرص عليه ويعذبه بجهده وأنفاسه وإحساسه.

فاليمن التي أنجبت بلقيس وامرأ القيس وزهير بن أبي سلمى ووضاح اليمن.. ومن بعدهم لطفي أمان وباكثير وعمر الجاوي والمريسي.. اليمن التي أخرجت كل هذه القمم وغيرها.. هي التي أنجبت أحمد قاسم واحتضنته وقدمته لكل أبنائها مثلا يحتذى في الاهتمام بفنه وإسعاد جماهيره، هي التي رفعته على أكتافها وأوصلته إلى أعلى نقطة في قمة الهرم الموسيقي.. وسوف يبقى دائما في القمة، حتى وهو في التراب.