قلعة القارة في يافع جمال وتراث يبهر الناظرين

> «الأيام» قائد زيد ثابث:

>
القارة من الاتجاه الغربي
القارة من الاتجاه الغربي
على قمة جبل شاهق تقع قلعة العارة التاريخية الواقعة في إطار مديرية يافع رصد محافظة أبين، ويصل ارتفاع جبل القارة عن مركز المديرية إلى 700 متر تقريبا، وتشرف قلعة القارة على مركز المديرية رصد من الاتجاه الجنوبي، وتطل على وادي خيرات وشريان من الاتجاه الغربي الجنوبي، كما تطل على أجزاء من قرى السعدي من الاتجاه الشمالي بينما الاتجاه الشرقي يطل على منطقة مربان ووادي ذي عسيم بالإضافة إلى مناطق بعيدة تدخل في إطار مديرية سباح.

وتمتاز القارة بموقعها الاستراتيجي الحصين حيث يصعب تسلقها من جميع جوانبها، ولا سبيل للدخول إليها إلا من بوابتها الرئيسة التي تقع في الاتجاه الشمالي وتسمى عند قبائل يافع (سدّة). وتعتبر قلعة القارة التاريخية من أشهر وأجمل وأروع القلاع الأثرية والتاريخية في يافع واليمن أجمع، كونها تختزل رصيداً تاريخياً ضارباً بجذوره في الأعماق.. وتعد القارة قلعة أسطورية تبهج الزائر بجمال مفاتنها الطبيعية والأثرية المتنوعة، فما تزال القارة محتفظة برونقها الجميل رغم التخريب والإهمال وعدم المبالاة بما تكتنزه من قصور ومساجد وصهاريج وأضرحة ومدافن منحوتة في الصخر.

إن جمال القارة يفوق كل وصف، فموقعها الذي تتربع عليه فريدة في نوعه، فالزائر للقارة ينبهر بما أبدعته يد الخالق سبحانه وتعالى، ويتحسر حرقة وألماً بما أصاب القارة من عوامل الزمن وما فعل العابثون بها من تكسير وتشويه لصورتها الجمالية لغرض الحصول على أحجار قلعتها البيضاء المشهورة بأحجار (الياجور).

فمنذ عشرات السنين وقلعة القارة التاريخية تتعرض للتخريب بين الحين والآخر من أياد بشرية عابثة تريد كسب المال على حساب مقدرات الأمة دون مراعاة قيمتها الأثرية وطبيعتها الخلابة التي تمثل آية في الجمال والإبداع الإلهي.

وتعتبر القارة متنفساً ومزاراً سياحياً تسحر الزائرين بجمالها البديع الذي أنعم الله به عليها من طبيعة خلابة صنعتها يد الخالق عز وجل وأكثر ما تحظى القارة بزيارة الكثير من أبناء المديرية والمديريات المجاورة في موسم سقوط الأمطار والمناسبات للدينية.

قصور القارة تهاني الإهمال والتخريب

تحتضن القارة فوق قلعتها ما يقارب 25 قصراً أغلبها مكونة من أربعة إلى ستة طوابق، ومن تلك القصور قصر غمزان الذي تعود ملكيته إلى أولاد السلطان غالب أبوبكر العفيفي، وقصر السلطان محمد عيدروس آخر سلاطين آل عفيف، وقصر السلطان عبدروس بن محمد، وقصر السلطان عيدروس بن محسن بن علي العفيفي، وقصر الدرك الذي تعود ملكيته لأولاد غالب بن سيف العفيفي، وقصر السعد الذي تعود ملكيته إلى فضل بن محمد بن غالب بن سيف وأخوانه، وقصر محسن بن أحمد العفيفي، وقصر محضار بن أحمد العفيفي، وقصر عبدالرحمن بن محمد العفيفي، وقصر حسين بن محمد العفيفي، وقصر معوضة بن حسين العفيفي، وقصر عبدالله أبوبكر العفيفي وأخوانه، وقصر غالب أبوبكر العفيفي، وقصر حمود بن زين بن علي العفيفي، ودار فضل بن محسن العفيفي، ودار قادر بن علي بن عبدالله العفيفي، ودار عبدالله بن علي العفيفي، ودار محسن بن حمود العفيفي، ودار محسن علي وسعيد بن أمين.. وغيرها من المباني الصغيرة التي لا يتسع المجال هنا لسردها.

الماجل لعلى
الماجل لعلى
والقصور التي تم إنشاؤها داخل وخارج قلعة القارة وتعاقب على حكمها الكثير من الولاة والسلاطين لايتسنى لأحد معرفة زمن إنشائها ولا زمن اتخاذ القارة مقراً للسلطنة العفيفية، فهناك روايات تقول بأن المقفعي والعمودي والشامي والغشام هم أول من سكن القارة وعمروا فيها المباني قبل أن يسكنها آل عفيف، ويقال بأن قصر الشامي أول المباني التي تم إنشاؤها في قلعة القارة وقد دمر نهائياً من قبل حكومة الاتحاد وبني بدلاً عنه ناد ما يزال باقياً حتى يومنا هذا، وهناك من يقول بأن أول قصر تم إنشاؤه للسلطنة العفيفة هو قصر (السعادة) الذي لا يعرف زمن بنائه، وما يقال عن قصر السعادة من أنه كان من أجمل وأكبر القصور في القارة ويافع وقد تعرض هذا القصر للتدمير ومحيت آثاره نهائياً، وهناك روايات تقول بأن قصر السعادة هو نفسه قصر (السعد) الذي ما يزال راسخا رغم الإهمال، حيث يعتبر هذا القصر من القصور القديمة في القارة الخاصة بآل عفيف، وتأتي تسميته بهذا الاسم حسب تفسير المهتمين نسبة إلى الجد الأول عفيف الدين أسعد، وتعود ملكيته اليوم إلى محمد بن غالب سيف العفيفي وأخوانه.

أما قصر لقواد فهو القصر الوحيد الذي كان يوجد خارج قلعة القارة وقد تعرض للقصف في 1958م ومحيت آثاره كاملة.

خمسة مصاعد لجبل القارة

تتمتع القارة بموقع استراتيجي مهم، حيث يتوسط موقعها مكاتب يافع السفلى بني قاصد وهي عبارة عن خمسة مكاتب وكل مكتب عبارة عن مجموعة من القبائل.

ولموقع القارة الحصين والمتوسط بين المكاتب الخمسة تم اتخذها مقراً للسلطنة من قبل آل عفيف، وكان لكل مكتب من مكاتب يافع السفلى طريق يصعد من خلاله إلى جبل القارة تبعاً للموقع الجغرافي للمكتب.

فقبائل مكتب كلد كانت تصعد من طريق تسمى (المنسامة) وتقع في الاتجاه الجنوبي الغربي للجبل، بينما قبائل مكتب يهر تصعد وتتوافد من طريق تسمى (الأبواب) وتقع في الاتجاه الشرقي لجبل القارة، وتتوافد قبائل مكتب السعدي من طريق تسمى (المحراس الأقواد) وتقع في الأتجاه الشمالي الغربي لجبل القارة، بينما قبائل مكتب ذي ناخب كانت تصعد من طريق تسمى (ذي عسيم الأقواد) وتقع في الأتجاه الشمالي للجبل، كما تتوافد وتصعد قبائل مكتب اليزيدي من طريق تسمى (مكيل تُنْفي) وتقع في الأتجاه الشمالي الشرقي للجبل.

وتصعد القبائل الأخرى التي توجد في الاتجاه الشرقي للجبل من طريق تقع بالاتجاه نفسه وتسمى طري (الذراع)، وجميع المصاعد التي تتوافد منها القبائل مرصوفة بالحجارة ومدعمة بالجدران ليسهل مرور الجمال والبغال منها، وبعد صعود جبل القارة تتجمع القبائل من جميع المكاتب في الاتجاه الشرقي للقلعة (القارة) في مكان يسمى (حبيل الجراشة) ومن ثم يبدأ الصعود لسلم القارة الحجري والدخول من بوابتها الشهيرة باسم (سدة القارة).

سدة القارة التاريخية

للقارة بوابة واحدة تسمى عند قبائل يافع (سدة القارة) تقع في الاتجاه الشمالي قبل الوصول إلى أعلاها بنحو عشرين مترا تقريباً ومن بوابتها الشهيرة كان في الماضي يتم الدخول والخروج منها مروراً بطريق متدرجة مرصوفة بالحجارة تتسع لمرور جملين محملين في وقت واحد.

ولا وجود لأي منفذ آخر غير تلك السدة التي تمثل الممر الوحيد للقارة التي يصعب على الطامعين تسلقها لطبيعتها المحصنة من جميع الجهات ولا سبيل للوصول إليها إلا من خلال بوابتها الشهيرة التي ما تزال باقية حتى اليوم لتؤكد الأهمية العسكرية التي كانت تحتلها قلعة القارة التاريخية على مر التاريخ.

ويعلو سدة القارة كهف كان يستخدم للجنود الذين يقومون بحراسة البوابة ويسمى (كهف النوبة) أي كهف المناوبة.

ميدان الفروسية
ميدان الفروسية
طريقان للقارة بعد دخول السدة

وبعد الدخول من البوابة الرئيسة تتفرع الطريق إلى طريقين الأولى تسمى طريق (الميدان) ومنها يمر رجال القبائل وهم يهتفون الزوامل المعبرة عن الحدث الذي من أجله أتوا وتقع طريق الميدان في الاتجاه الشمالي وأول ما يصادفك أثناء مرورك من هذه الطريق نفق على شكل سرداب يقال أنه ممر سري إلى قصر السلطة وكذلك الميدان، وقبل الوصول إلى ميدان الفروسية يوجد دار في الاتجاه الشرقي من الطريق يتكون من ثلاثة طوابق ودرب (والدرب عبارة عن سور يحيط بالمبنى من جميع الجهات) يسمى ذلك المبنى (دار الدرك) وهو من أقدم المباني داخل القارة ويقال بأن بناءه تزامن مع بناء قصر السعد ويستخدم دار الدرك مبنى للجنود وسجنا للمجرمين.

أما الطريق الثانية التي تتفرع بعد الدخول من سدة القارة فتسمى الطريق السفلى ومنها تمر الجمال والبغال وتمر هذه الطريق في الأطراف الغربية من القارة، ونظراً للزيادة العددية في السكان تم شق طريق للسيارات إلى داخل أسوارها في نهاية الثمانينات مروراً بالأطراف الغربية ومن ثم شق المنفذ في الاتجاه الجنوبي.

القارة يكتنفها الغموض

التقت «الأيام» بالباحث نادر سعد العمري وسألته عن البداية الأولى للقارة وزمن اتخاذها مقراً لآل عفيف فأجاب قائلاً:«آل عفيف تفرعوا في القرن الحادي عشر إلى بيتين: الأول هو بيت طاهر بن محمد بن معوضة بن عفيف وكان يسكن أبين سلطاناً لها من قبل الدولة القاسمية وكانت قاعدته (خنفر) حسب وثائق مؤرخة في سنتي (1074هـ) و(1084هـ) وقد انتقلوا بعدها إلى ركب بن عفيف في وادي رخمة وكل آل عفيف هناك من آل طاهر.

أما البيت الثاني فهو بيت معوضة بن محمد بن معوضة بن عفيف وهو الجد الأول لسلاطين آل عفيف في القارة وكان قائداً للثورة اليافعية ضد الدولة القاسمية، وقد مات سنة (1114هـ). أما أول سلطان من آل عفيف فهو معوضة الأول جد طاهر ومعوضة الثاني وذلك في القرن العاشر الهجري في عهد الشيخ أبي بكر بن سالم مولى عينات المتوفي سنة 991هـ. ولا يعلم تحديداً العاصمة الأولى للسلطنة في بدايتها هل هي القارة أم غيرها.

مدافن القارة

تمتلك القارة مجموعة كبيرة من المدافن قدرها محسن عبدالله علي بثلايين مدفناً أكبرها مدفن السلطنة الذي يطلق عليه مدفن (األفي) لاتساعه لألف كيلة من الحبوب وجميع تلك المدافن تتمركز في الاتجاه الشمالي من القارة وبالتحديد في حبيل الجراشة، وجميع تلك المدافن في وضعية يرثى لها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى