«الأيام» في جبل الشامي بمديرية قعطبة محافظة الضالع.. الأمطار الغزيرة تجرف الطريق وتطمر آبار الشرب والأرض

> «الأيام» محمد علي محسن:

> جبل الشامي يعد من الناحية الديمغرافية والإدارية ضمن القرى المكونة لعزلة الأعشور في مديرية قعطبة فيما الزائر له عليه الالتفاف عشرات الكيلومترات حتى يصله عبر عزلة المجانح في مريس إذا كان علينا قطع الطريق الإسفلتي المؤدي إلى العاصمة صنعاء وقبل أن نجتاز أودية وقرى منطقة مريس الواقعة على جانبي الخط العام كانت السيارة قد حولت مسارها إلى الغرب وتحديداً من مفرق قرية الزلة وعلى الطريق الترابي الضيق والوعر جراء الحفر أو المخلفات التي أوجدتها الأمطار الغزيرة الساقطة على قرى جبل الشامي مساء الإثنين قبل الفائت.

وبرغم أن المسافة الفاصلة بين خط الإسفلت وآخر قرية قصدناها لاتزيد عن عشرة كيلومترات، إلا أن المسافة الزمنية كانت أكبر بعشرات السنين والمرات سواء من جهة العزلة المفروضة على السكان أو من ناحية الخدمات والتنمية التي لم تُعرف سوى بأول مدرسة شيدتها الحكومة لا تتعدى الفصول الثلاثة الأولى أو بشق طريق إلى قريتي عدنة الشامي والحيفة اللتين مازالتا في انتظار إخراجهما من عزلتهما باستكمال مشروع طريق تموله السلطة المحلية أو بمشروع آخر إلى القرية التي بها المدرسة وطمر السيل ما نفذه المقاول من شق ومسح هما في الأصل مجرد الحصول على الملايين المرصودة في موازنة السلطة المحلية.

الأخ علي ناجي اليعيشى عضو مجلس محلي سابق مدير مدرسة قال: «يوجد في المدرسة 100 طالب وطالبة من هذا العد 30 طالبة وبرغم حداثة المدرسة المكونة من 6 فصول دراسية إلا أنها بلا معلمين لمواد علمية، حيث كان العدد 6 لكل الفصول الستة وبواقع معلم لكل فصل، أما هذا العام الدراسي فما بقي غير اثنين من الستة يقومان بتدريس جميع الطلاب في المدرسة التي تعاني نقصا شديدا من المعلمين ومع ذلك تم نقل المعلمين الأربعة دونما تغطيتهم بمعلمين جدد خاصة وأن إدارة المدرسة لم توافق على نقلهم أو تستطع الوقوف بوجه التوجيهات الإدارية بشأن هؤلاء الذين قضوا نحو عشرة أعوام».

وحول طبيعة التعليم للمرحلتين الأساسية والثانوية أضاف اليعيشي قائلا : «طلاب الشهادة الإعدادية والثانوية إما يدرسون في مدرسة الانصار في رماه الواقعة على مسافة 3 كيلو مترات أو في مدرسة الإخلاص في القدم، التي يتطلب الوصول إليها السير مشياً على الأقدام في الجبال لساعات فيما طلاب الثانوية موزعون على مدرستي عزاب أو جبارة والأخيرة تبعد أكثر من عشرة كيلومترات». وأثناء حوارنا مع مدير المدرسة كان الطلاب يضفون على الجلسة شيئا من الإجابات الساخرة والمتهكمة تجاه معاناتهم فالطالب عبدالرزاق اليعيشي وصف معاناته اليومية قائلاً: «ساعتان ونصف من جبل الشامي إلى القدم حيث توجد المدرسة الإعدادية التي نصلها وزملائه السبعة وقد تجمدت أقدامنا»، وآخر يعلق على سؤالنا حول تعليم الفتاة قائلاً: «مالقينا للذكور حتى نطالب للأناث!».

الأخ صالح محمد حسين الضحياني عضو المجلس المحلي للمديرية عن المركز الانتخابي، الذي يضم إلى جانب قرى جبل الشامي الحيفة وعدنة وذي بادر وعدنة قريش أيضاً قرى رماه والمعصر وسون وحجلان يعيش وروسان والجروف والرفقة، ويعد رماه المركز أجاب عن مجمل الأسئلة قائلاً: «مدرسة الأنصار في رماه يوجد فيها نحو 380 طالباً وطالبة فيما عدد المعلمين لايزيد عن 7 والاحتياج المطلوب 17 معلماً للفصول من -1 9 والحال أسوأ بكثير في الجانب الصحي إذ توجد وحدة صحية هي شبه مغلقة نتيجة افتقارها للكادر الصحي والعلاج الضروري وإذا ما استدعت حالة ولادة أو طارئة للإسعاف فإلى دمت أو جبار»، وأكد عضو محلي قعطبة صعوبة تحقيق كثير من المشاريع الضرورية في منطقة كجبل العود التي لطالما بؤرة ظلت للصراع طوال حقبة زمنية مازالت ألغامها ماثلة في الجبال حتى اللحظة مشيراً إلى تخلف المنطقة الذي يستوجب الاهتمام والدعم والتآزر من الجميع لأجل التنمية التي بدأت تباشيرها تصل منذ تحقيق الوحدة. وأضاف الضحياني قائلا: «المنطقة بحاجة ماسة للطريق والماء بدرجة رئيسة ومن ثم تأتي السدود والحواجز المائية والكهرباء وغيرها من الخدمات، حاجز مائي في رماه لم ينفذ بسبب اعتراض الأهالي على موقعه هنالك، الآن طريق إلى جبل الشامي بطول 3 كيلو وكلفة 14 مليونا وطريق آخر إلى عدنة الشامي والحيفة، الأول عبارة عن توسعة وفسح للطريق المؤدي إلى جبل الشامي نفذ المقاول القليل ولم يستكمل الباقي والآخر طريق جديد وصعب، ولكن المقاول نفذ أعمالا تستحق الإشادة بها وهي مازالت قيد التنفيذ بتمويل محلي، كما أن فرع مياه الريف قام بحفر بئرين لماء الشرب في سون خلال الاشهر القليلة فيما حالت الطريق الوعرة دون وصول الحفار إلى جبل الشامي بينما العمل جار في الحاضر لربط التيار العمومي إلى القرى حيث شوهدت أعمدة الكهرباء تنتصب على جانب الطريق المؤدية إلى سون التي وصلها التيار، ويزمع نصب الأخرى في بقية القرى». وعن إلقاء المواطن المسؤولية على المجلس المحلي أجاب ممثل المركز ساخطاً: «الأرملة تحصل على 6000 ريال من صندوق الرعاية وعضو المجلس 3000 ريال كل ثلاثة أشهر».

الأخ صالح حسن الشامي صاحب السيارة الصالون طوال الرحلة وهو يشير لنا إلى الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة على جبل الشامي وكان من هذه الأضرار ما لحق بالطريق الترابي من حفريات وأخاديد جعلت من السيارة وركابها وكأنهم في مهمة للمستحيل. السائق الشامي وصف لنا معاناته الشخصية قائلاً:«هذه السيارة لها بضعة أسابيع فقط وهاهي كما لو أنها شارفت واقتربت من خط النهاية، السيارة الأولى تكسرت في هذا الطريق الذي أخذه المقاول بأقل من كلفته المقدرة بـ19مليونا كل ما قام به المقاول في الكيلومترات الثلاثة هو عمل الشق للتراب الجانبي والمسح في الباطن ليأتي المطر ويطمر عمله في لحظات ليقوم الأهالي بفك العزلة عن الجبل بجهودهم الذاتية فيما (كمبريشن) المقاول واقف ومعداته غير موجودة منذ تسلمه أول قسط مالي قدره ثلاثة ملايين ريال، الطريق بحاجة لقنوات تصريف المياه ورص أحجار وغيرها من الأعمال الإنشائية التي أهملها المقاول أو القائمون على المشروع».

أحاديث الأهالي في جبل الشامي في مجملها تركزت على ما خلفته الأمطار من أضرار في الطريق أو الأرض أو آبار مياه الشرب التي شوهدت وهي مطمورة كاملة بالأتربة والأحجار أو مهددة بسقوط جدرانها القائمة ، كما كانت مطالبة الأهالي بالحواجز والسدود التي غابت في المنطقة الجبلية، حيث قدر لنا رؤية المياه المتدفقة إلى أسفل الجبل وسط حسرة وندامة السكان الذين عاشوا إلى وقت سقوط الأمطار حالة من الجفاف الشديد والآن لايجدون ما يحفظ لهم شيئاً من مياه الأمطار الغزيرة التي في المعظم ذهبت إلى بطون الأودية والشعاب الواقعة أسفل جبل الشامي ولعل أهمها ما رأيناه وصورناه قبل وصولنا إلى القرية المطلة على عزلتي بيت الشوكي والأعشور إذ كانت المياه المتدفقة إلى الأسفل وفي مضيق طبيعي لاتتطلب أكثر من حاجز من أكثر المشاهد إيلاماً لهؤلاء الذين سيجدون أنفسهم بعد مدة وجيزة تحت وطأة الفاقة لهذه المياه المنسابة بكثافة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى