مشاهدات زائر حضرموت تعيش على وقع كارثة السيول

> «الأيام» عبدالقادر باراس

>
خور المكلا
خور المكلا
تواصل الطبيعة تحديها لقدرة الإنسان مبرزة على الدوام نقاط ضعفه في مواجهة الكوارث، فبعد الأمطار والسيول الأخيرة التي شهدتها حضرموت والمهرة مؤخرا أواخر أكتوبر الماضي لم نتوان عن إبراز الكوارث التي عاشتها وتعيشها حضرموت حالياً.

فأبناء حضرموت يتذكرون مرارة الفيضانات الرهيبة التي أصابتهم منذ عشرات السنين إن لم نقل مئات السنين كما رواها المؤرخ جعفر بن محمد السقاف في إشارة له بخصوص الخلفية التاريخية للسيول في ذاكرة أبناء حضرموت، حيث استهل حديثه في حوار أجرته معه الزميلة «السياسية» في عددها (20487) الصادر في 6/ 11 /2008م.

نقتبس ماتطرق إليه المؤرخ جعفرالسقاف لإبراز كوارث السيول والفيضانات التي شهدتها حضرموت عبر تاريخها، منها كارثة 7 رمضان 1374هـ الموافق 1955/4/29م التي حلت بوادي حضرموت ولم تحصل فيها خسائر في الأروح بل في الممتلكات والبيوت، ويتذكر أيضاً ما قرأه لعدد من أعلام حضرموت على وجه التحديد تاريخ «شنبل» يتحدث عن سيل حدث قبل (600) سنة وعرف بـ«سيل الإكليل» الذي هو في نجم الإكليل أخذ العديد من البيوت بشبام، حيث كانت مدينتا شبام وسحيل مدينة واحدة متصلة، لكن جاء سيل (الإكليل) فشقها إلى مدينتين، بعدها جاءت سيول أخرى مثل «سيل الهميم وسيل بن ربيدان»، وهذا الأخير (كناية عن اسم رجل حدثت له قصة في هذا السيل) وكان هذا قبل ثمانين عاماً، مشيراً إلى أن تواريخ السيول كثيرة، وكتب عنها العلامة مصطفى المحضار عن سيول دوعن .

صورة التقطت لآثار الأضرار في طريق فوة الأربعاء الماضي
صورة التقطت لآثار الأضرار في طريق فوة الأربعاء الماضي
كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهراً لحظة وصولنا إلى مدينة المكلا عاصمة حضرموت ، عبر المدخل الغربي لمدينة المكلا تطالعك منطقة جبلية ضيقة مطلة على البحر (فوة) وفي هذه المنطقة استوقفتني مشاهد من آثار الدمار الباقية هنا وهناك لعدد من المنازل في فوة، وما خلفته من آثار جرف السيول وسقوط الصخور الجبلية وصور الدمار في معظم الجسور الأرضية والأبنية والمنازل المطلة على الأودية وغمر المياه لمعظم الطرقات والسوق المركزي للخضار، وبقايا مياه الأمطار المتجمعة في جميع الأودية الكبيرة منها بويش وشحير وامبيخة من جانب، وأودية سقم والغليلة والسد بالديس التي التقت جميعها في خور المكلا الذي لولاه لتسببت الفيضانات في كارثة لاتحمد عقباها، فوجوده احتوى المياه، حيث ارتفع منسوبها إلى أعلى مستوى لها، كما تهدم سور ملعب بارادم وأجزاء من مسرح المكلا وأجزاء من حصن الغويزي وتحطم طريق الستين المحاذية للوادي من الجانب البحري، حيث لم تتمكن المركبات والمواطنون من العبور لصعوبة حجم الأضرار فيها.

فعلا كانت مشاهد حزينة تلف المكلا وضواحيها يضطر الشخص إلى أن يكتب عنها لتبقى في الذاكرة رغم انشغالنا بأمور كثيرة، وحتى لا يغيب عن بالنا وجب الالتفاتة لما حل بهذه المدينة وبقية المناطق المتضررة جراء كارثة السيول، لنستقرئ ونأخذ العبر حتى لا تتكرر المأساة، يكفي أن نلقي نظرة على الأبنية خصوصــا البيوت الشعبيـة التي هي أكثر الأماكن عرضة للتدمير في حالات قادمة، ولأغراض السلامة وتلافي مثل هذه الكوارث مستقبلا يجب الحد من مخالفات البناء العشوائي وإلالتزام بأصول قواعد البناء وشروطها، وهذا ما دفع الرأي العام إلى انتقاد الحكومة بالتقصير في حمايتهم نتيجة إهمالها في منع البناء العشوائي، والمحافظة على الحواجز المائية في مجاري السيول والأودية مما زاد من خطرها .

وفي تجوالنا رأينا عشرات قوافل الإغاثة تسير في اتجاه أرياف المكلا ومختلف مناطق الوادي محملة بالمواد الإغاثية، كما لفت انتباهنا الحجم المهول لطائرات الإغاثة الواصلة إلى مطار الريان مشكلة جسرا جويا لإيصال مختلف المساعدات المقدمة من الدول الشقيقة والصديقة.

صورة توضح تحطم الجسور الأرضية التقطت الأربعاء الماضي
صورة توضح تحطم الجسور الأرضية التقطت الأربعاء الماضي
المتتبع يرى فداحة ما أحدثته الكارثة من خسائر وأضرار جسيمة في الأرواح والمساكن وبنيتها التحتية، والمواقع والمعالم التاريخية منها منازل شبام وسورها، والقصور، ومنازل قديمة يعود تاريخها إلى أكثر من 150 عاما تعرضت للدمار ومنها بأضرار السقوف والجدران وتصدعات وتشققات لم تعد صالحة للسكن وباتت آيلة للسقوط في أي وقت جراء الكارثة.

إن ما حدث من هول الكارثة ينبغي دراسته قبل أن تستفحل وتصبح الكوارث الطبيعية أمرا محتوما يتكرر حدوثه في أي وقت، كما يتطلب تجهيز فرق طوارئ السيول الميدانية وتزويد مناطق حضرموت الواقعة على خط الأودية والسيول بالعدد الكافي من المضخات المتحركة لشفط المياه وعربات الصهاريج لشفط المياه وتمركزها في المواقع غير المخدومة بشبكة تصريف السيول، إلى جانب توفير سلالم خاصة بالجسور وقوارب مطاطية للمتابعة ومباشرة مهامها في المواقع المحددة لها لضمان سرعة الإنقاذ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى