القراصنة الصوماليون بين خطر البحر وبذخ البر

> مقديشو «الأيام» مايكل لوجان ولطفى شرف محمد:

> يقودون سيارات فارهة ، ينفقون ببذخ على اقامة الحفلات فى منازل فاخرة ، وتعلو اصواتهم عبر احدث اجهزة التليفونات المحمولة، ولايتزوجون سوى الحسناوات .. من هم اذن هؤلاء الاشخاص؟! ربما يبدو ذلك وصفا لمجموعة من مشاهير الفنانين ..

ولكنه يصدق ايضا على القراصنة الصوماليين الذين تحولوا على نحو سريع الى طبقة من الاثرياء الجدد فى منطقة القرن الافريقي.

يقول ضاهر صلاد موسى ، رجل اعمال فى ميناء بوصاصو بمنطقة بونتلاند الشمالية المتمتعة بما يشبه الحكم الذاتي «انهم يعيشون حياة تتسم بالبذخ، يقودون سيارات فارهة، ويستخدمون اجهزة تليفون وكومبيوتر محمولة حديثة ، ويعيشون فى منازل كبيرة بها ارقى الديكورات ، ويتزوجون من اجمل الفتيات».

تعود جذور اعمال القرصنة الصومالية الى حركة صيادين تجمعوا معا خلال حقبة التسعينات الماضية لمنع عمليات الصيد غير المشروعة ودفن النفايات السامة قبالة سواحل بلادهم.

ورغم ان الخاطفين لايزالون يحافظون على هذا العمل باعتباره دافعهم الاساسى ، الا ان عمليات القرصنة تحولت الى صناعة رائجة تدر ارباحا طائلة فى الوقت الذى لاتتوانى فيه شركات النقل البحرى عن دفع اموال باهظة كفدية مقابل الافراج عن سفنهم المختطفة.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية ، تحول هذا النشاط غير المشروع الى مايشبه كرة الثلج المتضخمة مع لجوء اعداد من الشباب الى الانخراط فى هذا العمل للفوز بنصيب من / الكعكة/ وعيونهم على نظرائهم الذين يعيشون من ورائه فى رفاهية.

ومن جهته كشف برنامج مساعدة البحارة فى شرق افريقيا عن وجود اكثر من الف قرصان يجوبون مياه خليج عدن بعد ان كان عددهم يزيد قليلا على مائة قرصان عام 2005 .

وتحولت مدن ايل وجاروى وهارارديري الى بقاع مزدهرة ، على الاقل مقارنة ببقية المناطق الصومالية الاخرى التي يعيش فيها ملايين الاشخاص على المساعدات الغذائية الاجنبية بفعل عمليات التمرد الدموية والجفاف وارتفاع اسعار المواد الغذائية والوقود.

ومما لايثير الدهشة تطلع المقيمين بهذه البلدات الى حياة الرفاهية التى يعيشها القراصنة.

يقول محمد على يارو، صاحب متجر لبيع ملابس الرجال فى جاروي «ان القراصنة هم افضل الزبائن عندي ..

انهم لايجادلون فى الاسعار مثل غيرهم ، يشترون الملابس والعطور الفاخرة ..

والفتيات يفضلن الزواج منهم لأنهم يغدقون عليهم الاموال».

ورغم محاولات المسئولين فى بونتلاند التقليل من شعبية القراصنة ، الا انهم يعترفون فى الوقت ذاته بان الانفاق ببذخ يكسبهم قبولا من جانب الآخرين.

ويقول بيلي محمود قابوسادى كبير مستشارى محمود موسى ادي رئيس بونتلاند «انهم لايحظون بالشهرة والذيوع فى المدن الكبرى ، الا ان لهم نفوذا ماليا واقتصاديا حقيقيا فى بعض القرى».

وتوج القراصنة عملياتهم التى شملت خطف نحو اربعين سفينة خلال العام الجارى، باحتجاز ناقلة النفط السعودية العملاقة «سيريوس ستار» وعلى متنها نفط بقيمة مائة مليون دولار .

وترددت انباء عن مطالبة الخاطفين بفدية قدرها 25 مليون دولار مقابل الافراج عن الناقلة السعودية فيما يعد قفزة كبيرة فى مطالب الخاطفين التى لم تتجاوز مليوني دولار فقط كفدية على الاقل خلال العام الجارى.

ورغم استبعاد احتمالات حصول القراصنة على هذا المبلغ الضخم من الاموال ، الا ان المطالبة به تظهر بوضوح المدى الذى وصلت اليه طموحاتهم بعد ان اصبحوا اكثر جرأة رغم التواجد المتزايد للسفن الحربية الدولية في منطقة خليج عدن.

وتثور تكهنات لدى بعض الدوائر بوجود صلات تربط القراصنة بالمتمردين الاسلامية فى جنوب ووسط الصومال ، الا ان علي اسماعيل القرصان الذى يقيم فى ايل ينفي ذلك مؤكدا عدم وجود روابط دينية او سياسية للقراصنة مع اي جماعة .

ويحظى الرهائن برعاية فائقة من جانب الخاطفين ، يقول اسماعيل «اننا نبدي اهتماما كبيرا برهائننا لأن هدفنا هو الفوز بمبلغ مالي كبير من ورائهم..

لذا يتعين علينا الاهتمام بأحوالهم الصحية ووجباتهم الغذائية».

وعلى اية حال ، فإن استراتيجية القراصنة الخاصة برعاية الرهائن تؤتي اكلها فى نهاية المطاف ، حيث كشفت مؤسسة «شاتام هاوس» للدراسات البحثية البريطانية في لندن ان شركات الشحن البحري دفعت خلال العام الحالى 30 مليون دولار كفدية للقراصنة الصوماليين.

ويضخ القراصنة جزءا من الاموال التي يحصلون عليها فى الاعمال التجارية او شراء الاسلحة او اجهزة الاتصالات الحديثة لاستخدامها فى نشاطهم.

الا ان القراصنة يحتفظون بقسم كبير من الاموال التي يحصلون عليها للانفاق منه على حياة البذخ التى يعيشونها.

ومن النادر حدوث مشاحنات بين القراصنة، حيث يطبقون نظاما لتوزيع الفدية على قدم المساواة للحيلولة دون حدوث صراعات او توتر بينهم.

يقول اسماعيل «هناك نسبة مئوية متفق عليها لتوزيع الاموال ..

بعضها يذهب الى جيوب الخاطفين ، والبعض الآخر يذهب الى المدافعين المتواجدين على السواحل».

وطالما ظلت الصومال بلد الفرص المحدودة، فإن تخلي القراصنة عن نشاطهم يصبح أمرا بعيد الاحتمال .د.ب.أ

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى