لا يادكتور ياسين !

> عادل الأعسم:

> الوحدة عظيمة، والعيب ليس في الوحدة بحد ذاتها، وإنما في بعض ممن يسيئون إليها، ويعملون على استغلالها - سلطة ومعارضة - لتحقيق مآرب ومكاسب سياسية، كل على حساب الآخر .

لا نريد الخوض دائماً في الحديث عن (جنوبي) و(شمالي) إلا أن هناك من يفرض عليك أحياناً أن تتحدث بهذه اللهجة رغماً عن أنفك .. ومن المؤسف أن تجد قادة سياسيين في أحزاب معارضة تاريخية، يحاولون استغلال وتوظيف كلمة وصفة (جنوبي) لأغراض سياسية ضيقة، بل ويذهب بعضهم بعيداً لتجريد السياسيين الجنوبيين حتى من هويتهم ومحل ميلادهم ومسقط رأسهم، لمجرد الاختلاف معهم في الانتماء الحزبي والموقف السياسي .

وعندما يقول شخص سياسي مخضرم مثل أمين عام الحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان، في محاضرة له في الصين، أن المسؤولين الجنوبيين الموجودين في السلطة لا يمثلون الجنوب، فإن قوله هذا يثير الاستغراب والاستفزاز معاً، لاسيما أنه يأتي من رجل معروف برصانته.

القول بأن الشخصيات السياسية والاجتماعية الجنوبية، الموجودة حالياً في السلطة لا تمثل الجنوب ولا تنتمي للجنوب، فيه كثير من المغالطة والغبن والتطرف والنرجسية .. وإذا كانت قيادات سياسية وحزبية كبيرة معروفة مثل : نائب الرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس الحكومة د. علي محمد مجور، ونائب رئيس مجلس النواب محمد علي الشدادي، والوزراء: د. صالح علي باصرة، وأحمد مساعد حسين، ومحمد ناصر أحمد، والمحافظين: سالم الخنبشي، ومحسن النقيب، وأحمد علي محسن الأحول، وعدنان الجفري، وعلي قاسم طالب، وعبدالله خودم.. إذا كان هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر، لا يمثلون الجنوب، ولاينتمون للجنوب، فمن أين هم إذن؟!

أما كون هؤلاء وكثيرين غيرهم، من القيادات الجنوبية في السلطة، ينتمون للمؤتمر الشعبي العام، فهذا طبيعي، بصفته الحزب الحاكم، وهم تبوأوا مناصبهم الرفيعة في الدولة، لأنهم جزء من الحزب الحاكم ..وقد نتفق أو نختلف معهم، لكن هذا لا يعطينا الحق في تجريدهم من (جنوبيتهم) .

إن الاختلاف السياسي مهما كان .. والمعارضة مهما كانت لا تبرر مطلقاً تجريد الآخرين من هويتهم وانتماءاتهم وخياراتهم السياسية .. لكن البعض، ممن أدمنوا السلطة، ولا يرون أنفسهم إلا في السلطة، لا يريدون الاعتراف بمبدأ سياسية تبادل الأدوار .. وأن (لكل زمن دولة ورجال) .. ويعتقد هذا البعض أنه مادام موجودا في السلطة، فهو الممثل الشرعي للجنوب، وإذا خرج من السلطة، فإن غيره ليست له صفة ولا هوية ولا انتماء للجنوب !!

صحيح أن الحزب الاشتراكي حكم الجنوب سنوات طويلة .. وصحيح أن الاشتراكي كان الطرف السياسي في توقيع اتفاقية الوحدة بين الشطرين، لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أنه الممثل الشرعي والوحيد للجنوب، فالساحة اليمنية تعج بالشخصيات الجنوبية الأخرى ، غير الاشتراكية، سواء في السلطة أو المعارضة .

وإذا تحدثنا بالمنطق واللغة نفسها التي يتحدث بها أمين عام الاشتراكي، عن (شمالي) و(جنوبي)، يمكن القول بأن كثيرا من قادة الاشتراكي - حتى عندما حكم الجنوب- هم أصلاً ليسوا (جنوبيين) ، وهذا لا يعيب الحزب، وإنما نشير إليه هنا للتذكير، أنه يتعارض مع اللغة واللهجة التي يستخدمها أبرز قادته حاليا .. وفيها نسف لأيدلوجية الحزب وأدبياته التي طالما حملت لواء الوحدة وشعارات الأممية. كما أن فيها إساءة لتاريخ الحزب، أكثر من الانتقاص والإساءة لخصومه (الجنوبيين) الموجودين في السلطة .

وصحيح أن الاشتراكي أقصي من السلطة بعد حرب صيف 1994م، مع أن مقدمات إقصائه، سلميا، لاحت في الأفق من خلال نتائج الانتخابات البرلمانية في أبريل 1993م، لكنه لم يعرف كيف يتحول إلى معارضة قوية يستعيد من خلالها - شيئا فشيئا- حضوره وتأثيره ومكانته على الساحة السياسية والشعبية، بل أخذ في التفتت، تدريجيا من داخله، وارتضى لنفسه أن يصبح على هامش المعارضة لا في قلبها.. تقوده معارضة المصالح ولا يقود معارضة لمصلحة وطن .. ومع ذلك مازال يصر على موقفه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى