الصحافة .. والقضية الجنوبية

> أديب قاسم:

> الحرية والاستبداد، هما محور الصراع بين الصحافة والأنظمة الاستبدادية أو التحكمية. والنظرية التحررية هي العنصر السيادي للصحافة التي تسعى إلى نشر المبادئ الديمقراطية .. هي أهم المبادئ السياسية التي تؤمن بها الصحافة في مفهومها الحديث كأداة اتصال بجماهير الشعب من خلال العلاقة بين الإعلام والسلطة .

و«الأيام» بحكم طبيعة تكوينها وأهدافها كصحيفة تجارية من ناحية .. و(جماهيرية) من حيث أن السلطة السياسية في عصرنا- وبحسب النظام الاجتماعي والاقتصادي السائد في الجمهورية اليمنية - تستمد سلطانها من الشعب .. فكان من الطبيعي أن تتعاطى (أو تتصارع) مع السلطة تارة بالعنف غير المتطرف وتارة أخرى باللين والطراوة. وفي كلتا الحالتين تتلاقى أهدافها في توفير العدالة الحقة لأبناء المجتمع الواحد والتعبير بصدق عن آراء مجموع الشعب .

وعندما برزت (القضية الجنوبية) إلى السطح وإلى العلن كرد فعل حي أخذ في التبلور بما تمخض عن تجربة الوحدة: من عزل سياسي (شمالي - جنوبي) .. ومن فرض السيطرة على الجنوب بكامل مقدراته من خلال إعادة إنتاج نظام (الجمهورية العربية اليمنية) بسمته السلطوية القبلية (زواج السلطة بالثروة) ولتحقيق الهيمنة !.. ومن سوء استخدام السلطة بمفاصلها السياسية والإدارية والقضائية كافة : من البسط على الأرض- حقوق الغير، واحتكار مداخل الاقتصاد ومنافذه التجارية كالسيطرة على الثروة القومية، والتحكم بالمشروع الاستثماري التنموي للدولة.. واعتماد المحسوبية والرشوة كعملتين رائجتين في تسيير دفة النظام .. ومع انعدام المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات وفقاً للوائح والنظم وللقانون وتحت مظلة الدستور .. وبكلمة واحدة : احتكار السلطة ! .. كانت الصحافة الأهلية ومنها «الأيام» مدركة لقواعد هذه اللعبة الخطرة التي توجت بحرب 1994م .

وقفت صحف الشعب وفي مقدمتها «الأيام» تبحث عن ضمانات لمستقبل الجنوب - بل ومستقبل اليمن لتجنب الشعب شطط السلطة! غير أن ملف «القضية الجنوبية» بوصفها قضية إنسانية حقوقية وسياسية ذات طابع استراتيجي بالنسبة للوحدة، أخذ أبعاداً خطيرة (من خلال الممارسات اللا إنسانية) للسلطة المبررة بالطابع النظامي القبلي - مجتمع ما قبل الدولة !

أعيب «الأيام» وغيرها من الصحف أن تعاضد النظرية التحررية، بعد كل هذا الخلط في أوراق النظام الجمهوري وقد تحول إلى نظام غنائم spoil system.. نظام غير مبرر في هذا العصر، وحيث يجاهد الإعلام الحديث في كل مكان من أجل إغناء القيم الاجتماعية والإنسانية.. لتفيض بالخير والعدل والرفاهية على أبناء الشعب كافة!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى