بواعث التحريض الرئاسي ضد «الأيام»

> فيصل الصفواني:

> يبدو أن عميدي «الأيام» هشام وتمام باشراحيل لم تجدِ معهما وسائل الترغيب ولي الذراع، ولم تجد كافة الوسائل المعمول بها هذه الأيام في إثنائهما عن مواصلة النجاح المهني عبر صحيفة «الأيام» الصحيفة التي عهدها كافة اليمنيين في الشمال والجنوب الصحيفة الأولى بين الصحف اليمنية في نقل ونشر الأخبار المجردة من الزيف والإضافات والحذف وغيرها من الوسائل التي تدخل على الخبر في بعض الصحف الأخرى.

ما أريد قوله هنا هو أن إصرار القائمين على صحيفة «الأيام» على التشبث بمهنية الصحافة والتمسك بقواعد العمل الصحفي والوفاء للناس من خلال متابعة قضاياهم ونشر ما يتعرضون إليه أولا بأول جعل الصحيفة والقائمين عليها محط كره رسمي، وأخيرا صارت على فوهة المدفع الرئاسي.. لقد شاء البعض لصحيفة «الأيام» أن تتحول إلى بوق رسمي يسبح ويقدس بحمد السلطان، وشاء لها البعض الآخر أن تكون بوقا حزبيا لتنضم إلى صحف المزايدات السياسية والنكايات الحزبية، لكن القائمين عليها أرادوا لها أن تكون صحيفة تجسد ذاتها كل معالم العمل الصحفي الحقيقي تتحرى الدقة والموضوعية في نشر الخبر وتتابع أخبار الناس وقضاياهم على مستوى المديريات ومراكز المديريات، وهذا هو ما تتميز به صحيفة «الأيام» عن غيرها من الصحف إلى حد أن الصحيفة تغطي فعاليات وإنجازات السلطات المحلية في مراكز المحافظات والمديريات في عموم محافظات الجمهورية، وإن كانت تولي اهتماما خاصا بالمحافظات الجنوبية، فهذا يحسب لها لا عليها لأن كل الصحف متمركزة في العاصمة صنعاء ولا توجد صحيفة صادرة في المحافظات الجنوبية إلا «الأيام»، لذلك من الطبيعي أن تولي صحيفة «الأيام» اهتماما ملحوظا بالمحافظات الجنوبية، وإن كان القائمون على أمر هذا البلد وحدويين فعلا ويهمهم أمر الجنوب مثل الشمال فينبغي عليهم تقدير صحيفة «الأيام» وتكريم القائمين عليها وتقديم كل وسائل الدعم والمساندة لهم مقدرين مهامهم النبيلة في مشوار عملهم الصحفي.

كما ينبغي الأخذ بالاعتبار أن صحيفة «الأيام» في أغلب موادها تسد عجز الصحافة الرسمية المشغولة بأحداث صنعاء والعاجزة عن نقل أخبار المحافظات الجنوبية وأخبار مسئولي السلطات المحلية في تلك المحافظات، وهذا ما تقوم به صحيفة «الأيام» وبدلا من تقدير الصحيفة والقائمين عليها فوجئنا بخطااب فخامة رئيس الجمهورية الذي نقلته الفضائية اليمنية عصر يوم الخميس الماضي وهو يقول: إن صحيفة الأيام ناطقة باسم الانفصاليين. وسواء كان مطلب الانفصال حقا شرعيا لأبناء الجنوب أم جريمة يعاقب عليها القانون ففي كل الأحوال تضمن الخطاب الرئاسي تحريضا واضحا وصريحا ضد صحيفة «الأيام» بغض النظر عن الأشياء الأخرى ومن وجهة نظر قانونية فإن التحريض الصريح والمباشر ضد الصحيفة كوسيلة قد تضمن أيضا تحريضا غير مباشر ضد القائمين على الصحيفة (ناشريها) وكم كنا نتمنى أن يأتي هذا التحريض على لسان محافظ أو وزير لكنه للأسف الشديد جاء على لسان فخامة رئيس الجمهورية الذي نؤمل عليه أن يكون مظلة الجميع وأن يشعرنا أنه رئيس لكل اليمنيين الانفصاليين والوحدويين والشماليين والجنوبيين على حد سواء، ما كان ينبغي لهذا القائد الحكيم أن يجهر بعدائه ضد صحيفة معينة وضد محافظات معينة أو ضد فئة اجتماعية معينة لكن هذا الذي حصل للأسف الشديد.

ونحن هنا لم نتجرأ على أن نقول لصاحب الفخامة ما ينبغي أن يقوله في خطاباته الرئاسية فهذا ليس من حقنا ولا يجرؤ على قوله أحد في هذا البلد ولكن مادام قد قالها فخامته فمن أبسط حقوقنا عليه أن نقول آراءنا فيما قاله وبهذا الخصوص إن جاز لي أن أقول شيئا هنا فهو إن التحريض على صحيفة «الأيام» جاء في سياق حديث فخامته عن الحراك الجنوبي الذي يصر فخامته على عدم وجوده ثم يؤكد في نفس سياق الحديث أنه مستعد للتضحية بمليون جندي في سبيل حماية الوحدة وربما أراد أن يقول في سبيل حماية الثروة النفطية في الجنوب لأن النفط في نظر الجميع هو أهم من الوحدة، ولكن من أين لفخامة الرئيس أن يأتي بمليون جندي لحماية النفط الحضرمي أو الوحدة اليمنية هل سيأتي بهم من سوق البطالة أو أن لدينا مليون جندي في القوات المسلحة ويعتزم فخامة الرئيس أن يقدمهم قرابين تحت أقدام الوحدة اليمنية وإذا حدث ذلك لا سمح الله فهذا يعني أن أبناء الجنوب عن بكرة أبيهم سيتعرضون للإبادة الجماعية لأنهم حينها سيصبحون عاجزين عن مواجهة مليون جندي خصوصا إذا أبيح الفيد مرة أخرى لقبائل الشمال في مواجهة الجنوب، وهل من الطبيعي أن نجازي أبناء الجنوب هذا الجزاء الصارم وهم الذين هللوا للوحدة وهتفوا باسمها وقدموا التنازلات على حساب هويتهم الجغرافية والسياسية من أجل انتصار الوحدة اليمنية ونجاحها وهل من الضروري أن نحرض ضد صحيفة «الأيام» ونستعديها في سياق استعداء الجنوب عموما وهي الصحيفة التي تضررت كثيرا في عهد التشطير ولم تعاود صدورها إلا بعد إعلان الوحدة اليمنية ثم لماذا لا نقدر مهنية «الأيام» ونحن ندرك جيدا أنها لا تختار أخبار الانفصال ولا تحرض عليه ولكنها وأثناء متابعتها لقضايا الناس واجهت حراكا جنوبيا يشمل كل المحافظات الجنوبية وهذا الحراك ليس مستوردا ولا جاء من فراغ، إنه نابع من صميم المعاناة ويقع ضمن خارطة السلوك السياسي والاجتماعي لأبناء المحافظات الجنوبية فهل نطالب صحيفة «الأيام» أن تغض الطرف عنه وترتدي ثياب الأفق السياسي والنفاق الصحفي؟.. لماذا نصر على إفساد كل شيء في هذا البلد المتخم بالأشياء المشوهة؟!

[email protected]

عن الزميلة «التجمع» 24 نوفمبر 2008

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى