كل شيء مش تمام يا أفندم!

> نجيب محمد يابلي:

> برنامج «قلم رصاص» من فضائية دبي، الذي يقدمه الإعلامي الكبير المخضرم حمدي قنديل يحرص ملايين العرب من مشارق الأرض ومغاربها على متابعته، ويذكرني هذا البرنامج بحكاية السيف البتار (الصمصامة) لصاحبه أبي سعد بن يكرب الزبيدي الذي استعير منه لتنفيذ حكم بالقصاص، فقال له الخليفة عمر رضي الله عنه بما معناه أن السيف أخذ حظه من الشهرة المبالغ فيها، فرد عليه الزبيدي:«لقد أخذت السيف يا أمير المؤمنين لكنك لم تأخذ الساعد الذي تستخدمه». أقصد من هذه الحكاية أن عظمة البرنامج إنما هي عظمة قنديل الذي يبدد ظلمات وطننا العربي.

في حلقة «قلم رصاص» مساء الجمعة الماضية (28 نوفمبر 2008م) تناول قنديل رغبة الزعيم العربي في عدم التعرف على الحقيقة، ويبدي ارتياحا كبيرا لسماع العبارة الرنانة «كل شيء تمام يا أفندم»، ولو أنصفت البطانة لقالت:«كل شيء مش تمام يا أفندم»، والمقدمات السيئة نتائجها سيئة بلغة المنطق.. مثل هذه المقدمات وهذه النتائج أعادتني إلى الخلف عقودا من السنين.

هذا هو الإعلامي الكبير صاحب «صوت العرب» أحمد سعيد أورد في ديباجة كتابه «القومية العربية ثورة وبناء» الذي صدرت طبعته الأولى في يناير 1959م:

«هذه الأمة بدأت تواجه أهم مشاكل تطورها. إنها توشك أن تتحرر وتوشك أن تسترد ثرواتها وتوشك أن تصبح من أغنى وأكبر أمم الأرض.. والأمجاد تحيط بها من كل جانب والأعباء تلقى عليها من كل البشر، فهل هي مستعدة لتلقي أمجادها القادمة؟ وهل أبناؤنا قادرون على تحمل هذه الأمجاد؟».

أريد أن أسأل شيخنا الإعلامي الكبير، أطال الله عمره ومتعه بالصحة، الذي سكن وجدان الإنسان العربي من محيطه إلى خليجه:

يا أستاذنا الكبير ماذا تحقق من أحلامك التي بحت بها قبل نحو نصف قرن، هل أصبحنا من أغنى وأكبر أمم الأرض؟ هل أحاطت بنا الأمجاد من كل جانب؟

اسمح لي يا أستاذنا الكبير أن أذكرك بعبارة من ضمن عبارات وعبارات كلها جمرات وردت على لسان المناضلة العربية الجزائرية الكبيرة جميلة بوحيرد متعها الله بالصحة، في حوار أجرته معها مجلة «المرأة اليوم» الخليجية في عددها رقم 300 الصادر في 11 يناير 2007م «أنا حزينة حتى الموت وفي قلبي غصة ألم اسمها (الجزائر)».

اسمح لي يا أستاذنا الكبير أن أهمس في أذنيك: إن شيئا لم يتحقق وإن الكرامة العربية في البلاد العربية (إلا من رحم الله) تهدر ليل نهار، وإن الثروة العربية تهدر وتنهب في إطار العشيرة والأسرة التابعة للزعيم، وإن كل شيء قد فسد، وإن كل القيم قد أهدرت ومرد كل ذلك إلى الأصل وهو: كل شيء تمام يا أفندم.

والحل هو خروج الناس إلى الشارع رافعين يافطات مكتوبا عليها:

كل شيء مش تمام يا أفندم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى