سيطرة لبنان على الحدود مع سوريا ما زالت غير واضحة المعالم

> وادي خالد «الأيام» اليستير ليون :

>
أصبح عبور الحدود بشكل متكرر إلى سوريا والعودة إلى لبنان من سمات الحياة اليومية لحسن عطية وسكان آخرين في قريته الحدودية النائية.

وقال عطية (27 عاما) وهو صاحب متجر في قرية كنيسة الفقيرة "إذا لم أذهب في الصباح أذهب في المساء."

وأضاف "أي شيء لدينا هنا هو من سوريا.. الغاز.. الديزل.. الخبز. لا يمكننا العيش لحظة دون السوريين."

اتفقت سوريا ولبنان اللذان لم يقوما بشكل رسمي قط بترسيم الحدود بينهما على العمل على هذه المسألة بعد إقامة علاقات دبلوماسية في أكتوبر تشرين الأول للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بينهما.

كما اتفقا على التعاون في مجال أمن الحدود وهي مسألة مثيرة للجدل لأن خصوم سوريا يشكون من أن إمدادات الأسلحة الموجهة لحزب الله الذي أعاد التسلح منذ الحرب مع اسرائيل عام 2006 ما زالت تمر عبر الأراضي السورية.

ويسعى لبنان حاليا بشكل تدريجي إلى سيطرة أكبر على حدوده الشمالية مع سوريا بمساعدة من المانيا وغيرها من الجهات المانحة الغربية ولكنه لم يحقق انجازا يذكر على الحدود الشرقية الأكثر تعقيدا.

لم يتغير شيء يذكر بالنسبة لنحو 30 ألفا من سكان وادي خالد حيث تتناثر 18 قرية بين حقول القمح الشاسعة والمراعي في جيب بشمال شرق لبنان يمتد إلى سوريا.

وقال محمد الحاجة الذي يدير مصنعا لسحق الحجارة في حنيدر إلى جانب نهر الكبير الضحل الذي يتدفق بامتداد الحدود الشمالية للبنان "الناس فقراء للغاية. البعض لديهم أبقار أو خراف أو أراض ولكن بخلاف ذلك لا يوجد عمل."

ومضى يقول وهو ينظر من تحت طاقيته الصوفية عند سد ترابي يحول دون وصول الطين إلى النهر "أغلق الجيش اللبناني المعابر هنا ولكن الناس يفتحونها مجددا."

ومضى يقول "المقطورات السورية تتوقف هناك والمقطورات اللبنانية تتوقف هنا ويتم نقل البضائع."

ولكن الرجل البالغ من العمر 46 عاما وهو اب لعشرة أبناء قال إن حتى المهربين الذين انتعشت أحوالهم في فترة من الفترات من خلال تهريب وقود الديزل السوري رخيص الثمن لبيعه في بيروت وطرابلس ومدن أخرى أصبحوا يعانون. وأدى خفض الدعم الحكومي في سوريا وتطبيق دعم حكومي جديد في لبنان إلى تضييق فجوة الأسعار التي كانت تجعل مثل هذه التجارة رائجة.

ولكن سيارات النقل المحملة بالأسمنت اللبناني التي تسير ببطء فوق الطرق المملوءة بالحفر في اتجاه سوريا او التي تقف في قرى حدودية تدل على أن التجارة غير المشروعة في سلعة أخرى ما زالت منتعشة.

وبما يتناقض بشكل صارخ مع المساكن المتواضعة في وادي خالد هناك أيضا فيلات فاخرة بدأت تظهر في دلالة على الثروة التي تجنيها العناصر المسيطرة على عمليات التهريب.

وهز الحاجة كتفيه قائلا "البعض يجني أرباحا والبعض الآخر لا."

قال فريق تابع للأمم المتحدة في 2007 إنه خلال الوجود العسكري السوري في لبنان الذي دام 29 عاما والذي انتهى عام 2005 "لم يطبق قط... أي مفهوم عن الأمن الحدودي."

وأطلق لبنان مشروعا نموذجيا بقيادة المانيا لتحسين الأمن على الحدود الشمالية بعد حرب 2006 مع اسرائيل.

وأدى هذا إلى تشكيل قوة حدودية مشتركة قوامها 800 فرد من الجيش والشرطة وضباط الجمارك والمخابرات. ووفرت الجهات المانحة أجهزة كشف وسيارات ومعدات اتصالات.

حققت هذه القوة الآن الحد الأدنى على الأقل من الوجود في وادي خالد ونقاط أخرى بامتداد الحدود الشمالية.

وقال جندي عند نقطة تفتيش في طريق زراعي ناء قرب حنيدر "لا يمكننا الذهاب لأبعد من هذا.. بعد هذا هناك سوريا."

وهناك ساتر ترابي أقامته القوة الحدودية المشتركة لسد طريق تهريب سابق يمر بنهر الكبير قرب قرية تقع إلى الشرق من نقطة عريضة الحدودية الرسمية.

يقف أفراد أمن سوريون على الضفة الأخرى على بعد ما لا يزيد عن 100 متر على طرف قرية بالغة الفقر حيث تتناثر الصوب البلاستيكية بين المنازل وأشجار الصنوبر.

وقال ضابط في الجيش اللبناني طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى صحفيين "لا يوجد تنسيق مع السوريين.. نحن حتى لا نلقي السلام."

ونشرت سوريا قوات إضافية خاصة بها بامتداد الحدود مع لبنان في الشهور الأخيرة قائلة إنها تريد الحد من التهريب ومكافحة المتشددين الإسلاميين الذين يتمركزون في هذه المنطقة.

وزار الرئيس اللبناني الجديد العماد ميشال سليمان ووزير الداخلية وقائد الجيش وقائد قوات الأمن العاصمة السورية منذ أن أدى الاتفاق السياسي إلى نزع فتيل أزمة عنيفة بين فصائل لبنانية مما أدى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في يوليو تموز.

ولم يتضح ما إذا كان التعاون الفعال في مجال الحدود سيؤتي ثماره. إلى الآن لم يحرز لبنان سوى تقدم متواضع.

قالت بعثة تقييم تابعة للأمم المتحدة لمتابعة الأوضاع في أغسطس اب "هناك على أكثر تقدير جزر منفصلة من التقدم ولكن لم يتحقق أثر حاسم على الأمن الحدودي العام."

وحث التقرير الذي صدق عليه الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون حكومة بيروت على صياغة خطة استراتيجية لتحديد أهدافها بالنسبة للحدود وكيفية تحقيق تلك الأهداف.

وبدون هذا ربما يضعف دعم الجهات المانحة. فقد قررت بريطانيا بالفعل أن تنأى بنفسها عن القيام بدور مباشر في مشروع الحدود الشمالية. ولكن حكومة "الوحدة" في بيروت منقسمة بشدة.

إذ يرتبط ائتلاف أغلبيته من معارضي سوريا على مضدد بحزب الله وحلفائه والكثير منهم لا يرى حاجة لشن حملة كبرى للسيطرة على الحدود أو مشاركة قوات أجنبية.

وقال عباس نصر الله وهو عميد متقاعد في الجيش ومسؤول رفيع في حركة أمل الشيعية الموالية لسوريا لرويترز إنه ليس هناك مشكلات بين لبنان وسوريا في هذا الصدد.

وهو يرى أن الجيش اللبناني يمكنه حراسة الحدود بشكل كاف خاصة إذا توفر ما يكفي من معدات حديثة مثل طائرات الهليكوبتر ومعدات الرؤية الليلية والأجهزة الالكترونية.

وينظر حزب الله إلى الضغوط الدولية التي تمارس على لبنان للسيطرة على الحدود على أنها جزء من المساعي لإضعافه ولحماية اسرائيل.

ودعا قرار مجلس الأمن الذي صدر لإنهاء حرب 2006 كل الفصائل اللبنانية إلى نزع السلاح ولكنه قصر تفويض قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على جنوب البلاد.

كتب الدبلوماسي الاسرائيلي السابق عوديد ايران في دورية معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قائلا "أضاع المجتمع الدولي فرصة... نتيجة لذلك زاد حزب الله من ترسانته التي كانت موجودة قبل الحرب لأكثر من الضعف من الصواريخ الطويلة والقصيرة المدى عن طريق الحدود السورية اللبنانية التي يسهل اختراقها."

وفي وادي خالد الذي يبعد عن المسارات المرجحة لإمدادات الأسلحة لحزب الله يقول سكان قرى من السنة إنهم يعبرون الحدود يوميا لتوفير احتياجات يومية وبسبب الروابط الطبيعية مع أقارب موجودين في سوريا. وينطبق الأمر ذاته على الكثير من سكان القرى الشيعية على الحدود الشرقية.

وقالت عائشة الخطيب (60 عاما) وهي تشير إلى زوجة ابنها السورية بينما كان أفراد الأسرة يحتسون الشاي خارج منزلهم "وادي خالد قريب جدا من سوريا ونحن نشعر أنها منطقة واحدة." رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى